
تتسارع نبضات الشرق الأوسط مع تصاعد حدة “الأزمة النووية الإيرانية”، حيث تُطلق طهران تحديًا صارخًا للعالم بإصرارها على برنامجها النووي، وتُعلن رفضها القاطع لأي تراجع برد مرتقب، يلوح “سلبيًا”، وينذر بتصعيد وشيك، تُدَق من خلاله “نواقيس الخطر” التي ستلقي بظلالها على مستقبل المنطقة بأكملها، وكأنه تحدٍ صارخ من قبل “إيران” لكل التحذيرات والمخاوف العالمية، في وقت يقف فيه العالم مترقبًا، مع تزايد أصوات القلق من تحول هذا البرنامج من أهداف سلمية مزعومة إلى قدرة قد تُغير قواعد اللعبة، وتدفع بالجميع إلى “حافة الهاوية النووية.”
فقد تصاعد حدة التوترات مجددًا، مع رفض “طهران” مقترحًا أمريكيًا جديدًا تزامنًا مع صدور تقرير حاسم من “الوكالة الدولية للطاقة الذرية” أثار مزيدًا من علامات الاستفهام حول “الأنشطة النووية الإيرانية”، هذه التطورات الأخيرة عكست عمق الخلافات القائمة ووضعت مستقبل المفاوضات في مهب الريح.
وأكدت “إيران” مجددًا رفضها التخلي عن برنامجها المستقل لتخصيب “اليورانيوم”، معتبرة البرنامج (خطًا أحمر) في سياستها النووية.
ويأتي هذا الموقف بعد تقارير عن اقتراح أمريكي طالب بوقفٍ كامل للتخصيب الإيراني، مقابل عروض لاستخدام التكنولوجيا النووية المدنية تحت إشراف دولي، ويبدو أن هذا الموقف الإيراني سيشعل جولة جديدة من التوتر بين “طهران” والغرب، في ظل تصاعد المخاوف الدولية بشأن وتيرة إنتاج اليورانيوم المخصب في إيران.
وأعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، “إسماعيل بقائي”، أن بلاده لن تتخلى عن برنامجها المستقل لتخصيب “اليورانيوم” تحت أي ظرف، حتى لو تم تشكيل اتحاد نووي إقليمي، وأوضح “بقائي”، في تصريحات لـ”وكالة تسنيم للأنباء”، أن “الكونسورتيوم ليس بديلاً ولا يمكن أن يحل محل تخصيب اليورانيوم في البلاد”، ورفض “بقائي” التعليق على ما إذا كان هذا المطلب مدرجًا في الاقتراح الأمريكي الأخير، الذي تشير تقارير غير مؤكدة إلى أنه يطالب بوقفٍ كامل لتخصيب “اليورانيوم” في “إيران”.
وفي المقابل، يُقال إن “واشنطن” عرضت على “إيران” الاستخدام المدني للتكنولوجيا النووية، بما في ذلك تخصيب “اليورانيوم”، في إطار اتحاد إقليمي تحت إشراف “الوكالة الدولية للطاقة الذرية”.
وأكد “بقائي” أن إيران ستقدم “الرد المناسب” على المقترح الأمريكي في الوقت المناسب، وأن بلاده ستصر على تخصيب “اليورانيوم” بنفسها، ورفع العقوبات الأمريكية في الجولة المقبلة من المفاوضات.
وفي تطور يعكس تصاعد التوتر، أفاد دبلوماسي إيراني بارز لـ”وكالة رويترز” بأن “طهران” تعتزم تقديم ردٍ “سلبي” على المقترح النووي الأمريكي الأخير، مرجّحًا أن يُعتبر الرد رفضًا رسميًا للمقترح الذي وصفه بـ”المتحيز تمامًا” وغير القابل للتنفيذ، وأشار الدبلوماسي إلى أن العرض الأمريكي “لا يراعي مصالح طهران، ولا يتضمن أي تغيير في موقف واشنطن بشأن تخصيب اليورانيوم”.
وكان البيت الأبيض قد أعلن في وقت سابق أن المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط، “ستيف ويتكوف”، أرسل إلى “إيران” اقتراحًا مفصلًا بشأن اتفاق نووي، معتبرًا أن قبوله يصب في مصلحة “طهران” والمنطقة.
وفي وقت متزامن أعلنت “الوكالة الدولية للطاقة الذرية” أن “إيران” سرّعت من وتيرة إنتاج “اليورانيوم” المخصب بنسبة 60%، وحذرت “الوكالة” من تعاون “طهران”، ووصفته بـ”أقل من المطلوب”، وأكدت أن “إيران” لم تعلن عن مواد نووية في ثلاثة مواقع غير معلنة، ولم تقدم إجابات فنية موثوقة بشأن استفسارات المفتشين، بل قامت بـ”تطهير تلك المواقع”.
وجدد المدير العام للوكالة، “رافائيل غروسي”، دعوته إلى “إيران” بضرورة التعاون الكامل والفعّال، معتبرًا أن الشفافية أمر حاسم لاستعادة الثقة.
وفي نفس الاتجاه، قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” إن تقرير “الوكالة الدولية للطاقة الذرية”، “يُظهر بوضوح أن هدف البرنامج النووي الإيراني ليس سلميًا”، داعيًا المجتمع الدولي إلى التحرك الفوري لوقف “مخططات إيران النووية”.
إن ما نراه اليوم في “الأزمة النووية الإيرانية” هو أكثر من مجرد مفاوضات، بل انعكاس عميق لأزمة ثقة متجذرة بين الأطراف الفاعلة، من جهة، نرى “إيران” متمسكة ببرنامجها النووي كضمانة لأمنها ومستقبلها، بينما من جهة أخرى، هناك قلق دولي متصاعد، خاصة، بشأن الطبيعة الحقيقية لهذا البرنامج واحتمالية تحوله إلى تهديد إقليمي، هذا التباين الشديد في الرؤى يخلق طريقًا مسدودًا، ويجعلنا نتساءل إن كانت الدبلوماسية وحدها كافية لردم هذه الفجوة العميقة، أم أننا مقبلون على مرحلة جديدة من التوتر الذي قد يزعزع استقرار منطقة لا تحتمل المزيد من الاضطرابات؟