مصر

سامي أبو العز يكتب: الأيدي المرتعشة والنيران الصديقة

 

 

الإخفاقات الاقتصادية الكبيرة التي لحقت بإسرائيل جراء حربها في غزة التي دخلت يومها الـ68 دفعت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وكبار ضباط الجيش إلى محاولة تعويض الخسائر عن طريق تحقيق الحد الأدنى من الإنجازات الميدانية على أرض الواقع أمام الرأي العام الإسرائيلي قبل الانتقال إلى مرحلة الحساب.

وعلى الرغم من ذلك فإنه قد أشيع خلال الساعات القليلة الماضية عن خضوع كبار ضباط الاحتلال إلى التحقيق في سرية تامة وعاجلة لتحميلهم نتائج عدم تنفيذ الخطة العسكرية في الوقت المحدد لها والتي كان مخطط أنها ستكون بمثابة نزهة في غزة لولا بسالة رجال المقاومة التي أطالت أمد الحرب.

إسرائيل أعلنت في بداية الحرب بعد انطلاق عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر الماضي، أنها مستمرة في حربها على غزة ولن تتوقف إلا بتحقيق أهدافها جميعا، ومنها القضاء تمام على حركة المقاومة حماس وفرض إدارة أمنية جديدة لقطاع غزة.

الواقع أن جيش الاحتلال بات يعمل الآن في غزة وفقا لنظرية الأيدي المرتعشة، وظهرت عمليات النيران الصديقة نتيجة لفقدان جنود الاحتلال لاتزانهم النفسي وإصابتهم بهلاوس بسبب المقاومة الشديدة لعفاريت غزة، الذين يخرجون من تحت الأرض ويقفزون فوقها بصدورهم العارية بقوة وبسالة لم يشهد لها الاحتلال مثيل، ولا يتوقف نضالهم إلا بالقفز على جسر الشهداء ارتقاء للسماء.

إسرائيل أيقنت أنها لن تحقق أهدافها إلا بالسيطرة على الأرض فدخلت في حرب برية شاملة كبدتها خسائر كبيرة مادية وفي الأرواح، بالإضافة إلى إصابات بالغة بين جنودها، ومازالت بقعة السيطرة الإسرائيلية على الأرض داخل القطاع لم تتعدى 20% من المساحة الإجمالية وأغلبها من المساحات الفضاء الغير مأهولة بالسكان.

ونظرا لصعوبة الاقتحام البري الكامل رغم عمليات الإبادة الجماعية، فإن العديد من التحديات قد تمنع إسرائيل من استمرار عملياتها البرية لفترات طويلة، خاصة أن العديد من الدول الداعمة بدأت تواجه ضغوطا شعبية كبيرة رافضة للغزو والدمار، كما أنها بدأت تستشعر المخاطر التي قد تعود عليها سياسيا في دعم العملية البرية الإسرائيلية والاستمرار في مذابح غزة وما يشهده العالم أجمع من استنفار لمواجهة هذه الجرائم في حق الإنسانية.

الحقيقة أنه مع تنامي استياء الرأي العام الغربي من مشاهد القتل والدمار في غزة، تستنفذ إسرائيل رصيدها الدبلوماسي تدريجيا لدى تلك الدول، ولعل الرسائل التي وجهها الرئيس الأمريكي جو بايدن مؤخرا للاحتلال خير دليل على ذلك، ومن قبله استهجن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون فكرة استمرار الحرب، كما طالب رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز بالانتقال إلى مرحلة وقف إطلاق النار التام في غزة، واستنكر رئيس الوزراء البلجيكي ألكنسدر دي كرو، قيام إسرائيل بحجب المساعدات الإنسانية.

باختصار.. أمريكا حذرت إسرائيل مؤخرا من هزيمتها استراتيجيا بسبب ما تفعله في غزة، وطالبت فرنسا وإسبانيا وبلجيكا وغيرها من الدول بضرورة وقف الحرب البرية فورا، الأمر الذي يؤكد أن إسرائيل لن تتمكن من استمرار عملياتها العسكرية، كما أن دخولها إلى الأماكن المأهولة بالسكان سوف يرفع فاتورة الخسائر البشرية الضخمة بين السكان الفلسطينيين مما يزيد الأمور توترا وتعقيدا.

تبقى كلمة.. يبدو أن دماء أبناء غزة الطاهرة التي روت أرض مهبط الأنبياء سوف تكون وبالا على اليهود وكبيرهم نتنياهو مصاص الدماء الأعظم، وسوف ينتهي بسببها طموحه السياسي.. كما ستكون وبالا على بايدن الكفيل الرسمي لجرائم اليهود وستكون سببا رئيسيا في مغادرته البيت الأبيض بلا رجعة وسقوطه الزريع في الانتخابات الرئاسية بعد الانهيار الكبير لشعبيته.

غزة سوف تطيح بالكثير من العروش في المنطقة والعالم لأنها ببساطة تمثل ورقة التوت التي كشفت عورات الخونة والمناوئين والداعمين لضياع الحق العربي وسوف يسقط الجميع في بئر الخيانة وتبقى فلسطين عربية.

samyalez@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *