ما يحدث في مدارس مصر خلال هذا العام من حوادث مأساوية دفع رواد مواقع التواصل الاجتماعي إلى التساؤل حول الأسباب التي أوصلتنا إلى هذه الحالة المتردية والتي يروح ضحيتها تلاميذ ومعلمون إضافة إلى حالات الضرب القاسي للطلبة والتحرش التي يقوم بها بعض المدرسين ضعاف النفوس تجاه تلاميذ في مرحلة الحضانة والتعليم الأساسي.
حضانة السنطة
ففي أحدث حلقة في مسلسل العنف والتحرش والخروج عن المألوف في مدراسنا قامت معلمة بإحدى دور رياض الأطفال بالاعتداء بالضرب باستخدام عصًا خشبية على رأس طفلة صغيرة لا يتعدى عمرها الـ3 سنوات.
وأثارت هذه الواقعة ضجة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي بعد أن انتشر مقطع فيديو يظهر معلمة بدار حضانة خاصة بمركز السنطة بمحافظة الغربية تقوم بتعنيف طفلة صغيرة بسبب عدم قدرتها على قراءة ما هو مكتوب على السبورة حيث استمرت المعلمة في توبيخ الطفلة وضربها على رأسها باستخدام عصا خشبية تحملها بيدها مرة تلو الأخرى بينما انهارت الطفلة في البكاء ممسكة برأسها التي تألمها من الضرب.
وعقب ابلاغ المجلس القومي للطفولة والأمومة بالواقعة المؤسفة تم اتخاذ جميع الإجراءات القانونية وانتقلت لجنة من وزارة التضامن الاجتماعي إلى دار الحضانة حيث جرى استجواب المعلمة وتم فصلها من عملها على خلفية ما بدر منها وإغلاق دار الحضانة بشكل مؤقت لحين البت في صلاحية تصاريحها من عدمها.
التحرش بالتليمذات
وفي واقعة أخرى حدثت هذا الأسبوع أمرت نيابة جنوب الجيزة الكلية بإحالة معلم لغة عربية وتربية دينية إلى محكمة الجنايات بعد تورطه بوقائع تحرش بتلميذاته داخل إحدى مدارس العمرانية.
وقالت النيابة أنه بعد مطالعة الأوراق وما تم بها من تحقيقات تم اتهام مدرس اللغة العربية والتربية الدينية بمدرسة بالعمرانية بهتك عرض طفلة داخل المدرسة.
كما تعرضت مجموعة من الطالبات للتحرش من قبل المدرس داخل المدرسة ما أثار حالة من الصدمة والغضب لدى الطالبات وأولياء أمورهن.
مأساة “أبو غنيمة”
واقعة مأساوية أخرى شهدتها قرية “أبو غنيمة” التابعة لمركز “سيدى سالم” بمحافظة كفر الشيخ المصرية لقي طفل مصرعه على يد زميله عقب خروجهم من أحد الدروس الخصوصية.
وأقدم طالب يبلغ من العمر 11 عامًا مقيم بقرية أبو غنيمة بالتعدي بالضرب على زميله موجهًا إليه ضربتين حيث ضربه في منطقة حساسة والضربة الأخرى في منطقة البطن مما أدى إلى سقوط الطالب مغشيًا عليه ليتم نقله إلى المستشفى حيث لفظ أنفاسه الأخيرة.
قتل طالب
وقبل عدة أيام شهدت منطقة شبرا واقعة مأساوية حيث أنهى طالب بالمرحلة الثانوية حياة زميله أمام مدرستهما.
وتلقت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن القاهرة إخطارًا من قسم شرطة شبرا تضمن ورود إشارة من المستشفى العام تفيد باستقبال طالب جثة هامدة بادعاء مشاجرة مع صديقه.
حادث بورسعيد
كما شهدت مدرسة بورسعيد الميكانيكية بمحافظة بورسعيد حادثة مشابهة قبل تلك الواقعة بأيام إذ قام طالب بطعن زميله بسلاح أبيض ما أدى إلى وفاته.
وفي مدرسة عز الدين الشامي الابتدائية بمحافظة دمياط توفي مدرس بعد مشادة كلامية عنيفة مع أحد أولياء الأمور بعد أن هدده بتصعيد الشكوى ما تسبب في انفعال المعلم أمام الطلاب ثم سقط مغشيًا عليه وتم نقله إلى المستشفى حيث تبينت وفاته بأزمة قلبية حادة.
مصرع معلم
وقبل هذا الحادث بأيام أقدم والد طالبة على ضرب معلم لغة إنجليزية داخل مدرسة بمحافظة القاهرة بعد توبيخها بسبب تقصيرها في الدراسة ما أسفر عن وفاته بعد تعرضه لنزيف وجلطة في المخ.
وتمكنت الأجهزة الأمنية من القبض على المتهم الذي قال في التحقيقات إنه لم يقصد قتل المعلم وإن ما حدث كان عن طريق الخطأ لافتًا إلى أن سبب شجاره مع المعلم هو “صفعه” لابنته أمام زميلاتها ما أغضبه ودفعه للاشتباك معه.
العنف المدرسي
هذه الحوادث وغيرها يقول عنها خبراء التربية والاجتماع أنها تؤثر على قدرة المنظومة التعليمية على تحقيق أهدافها التربوية حيث إن المناخ المدرسي الآمن أحد أهم شروط التعلم الفعال.
ويرى الخبراء أن هناك أسباب عديدة تقف خلف ظاهرة العنف المدرسي منها انتشار النماذج والقدوة السيئة والتي يسعى الطلاب وخاصة في مرحلة الطفولة المتأخرة وبدايات مرحلة المراهقة إلى تقليدها وهذه النماذج السيئة أسهم في انتشارها وسائل التواصل الاجتماعي وبعض المواد الإعلامية والفنية .
ومن أسباب تفشي ظاهرة العنف المدرسي غياب القدوة والنموذج الحسن الذي يمتلك القدرة على جذب اهتمام الطلاب بالإضافة إلى غياب الدور التربوي للأسرة وغياب الرقابة والتوجيه وتراجع الدور التربوي للمدرسة واقتصاره على تقديم المعارف والمعلومات فقط إضافة إلى ضعف الأدوات العقابية المتاحة للمدرسة وفقدان القدرة على تحقيق الانضباط الكامل نتيجة لذلك بالإضافة إلى عدم توافر منظومة أمن وحماية متخصصة وعدم وجود تشريعات تضمن وجود عقاب رادع لكل من يخالف.
المناهج والتقييمات
ومن أسباب الظاهرة أيضًا شيوع اللجوء للعنف كأسلوب للضبط والتعامل داخل المدرسة من خلال قيام المعلمين والإدارة باستخدام العنف اللفظي والجسدي لضبط سلوك الطلاب وشيوع حالة من عدم الارتياح والشعور بالضغط في أوساط بعض الطلاب نتيجة ضغط المناهج والتقييمات وخلو المدرسة من وجود أنشطة متنوعة تناسب اهتمامات الطلاب المختلفة وقادرة على جذب انتباههم .
وأوضح الخبراء أنه لمواجهة ظاهرة العنف المدرسي يجب الاهتمام بالأنشطة المدرسية وعودة الدور التربوي للأسرة والمدرسة والأخصائي النفسي والاجتماعي والتنسيق الكامل بين هذه العناصر مع ضرورة الاهتمام بالتربية الدينية وتدعيم منظومة الأمن والحماية بالتعاقد مع شركات متخصصة بالإضافة إلى وضع قوانين رادعة لمواجهة أي سلوك غير سوي داخل المدارس.