عالم

«المواجهة تتأجج».. صواريخ إيران تدك تل أبيب

في خضم هذا التصعيد المستمر، الذي تشهده المنطقة، وفصول المواجهة المحتدمة بين إيران والكيان الإسرائيلي، التي ترسم مشهدًا جيوسياسيًا متوترًا ينذر بتداعيات واسعة النطاق، فبينما تتوالى الضربات الصاروخية وتُسقط الطائرات المسيرة، وتتكشف الخسائر الاقتصادية والبشرية، وتتشابك خيوط التوتر بين الإعلانات الرسمية والتسريبات الإعلامية، لتُلقي بظلالها على مستقبل المنطقة بأسرها والتي قد تُعيد تشكيل موازين القوى فيها.

ففي ظل أجواء متوترة، كشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن خسائر اقتصادية فادحة تجاوزت المليار شيكل خلال الأيام الثلاثة الماضية، في حين تسببت التطورات الأخيرة في تعطيل حركة السفر، مما أدى إلى تفرق أكثر من 200 ألف إسرائيلي خارج الكيان الإسرائيلي، ومن جهة أخرى، أعلن “مايك هاكابي”، السفير الأمريكي لدى الاحتلال، إغلاق سفارة وقنصلية واشنطن في إسرائيل كإجراء احترازي، مؤكدًا سقوط صاروخ إيراني قرب السفارة الأمريكية في تل أبيب، مما ألحق أضرارًا بالمبنى دون إصابة أي من الموظفين.

كذلك أفاد الإعلام الإسرائيلي، بإصابة 103 من المستوطنين خلال الهجوم الصاروخي الإيراني على تل أبيب، كما أعلن عن تدمير ملجأ في “بيت تكفا” وسط الكيان الإسرائيلي، فيما فتحت الجبهة الداخلية للكيان تحقيقًا في حادث خطير داخل ملجأ في هذه المنطقة، واستُهدف مبنى في تل أبيب مباشرةً بصواريخ إيرانية، مما أدى إلى انهياره، وأشارت إذاعة الاحتلال إلى الدمار الشديد الذي لحق بتل أبيب، وتعطل نظام اعتراض الصواريخ بها.

أيضا تناولت وسائل إعلام الاحتلال أهمية مصفاة حيفا بالنسبة لإسرائيل، وسبب استهدافها من قبل إيران، حيث تُعالج المصفاة المستهدفة 10 ملايين طن من النفط الخام يوميًا وتُزود أوروبا بالنفط والطاقة، ويُعد مجمع مصفاة “بازان” الكيميائية في حيفا أكبر مصفاة في الأراضي المحتلة، حيث يُنتج 200 ألف برميل من النفط يوميًا.

من جانبها أعلنت وكالة الأنباء الإيرانية “إرنا” أن مصادر إخبارية داخل الكيان، وعقب بدء جولة جديدة من الهجمات الصاروخية الإيرانية، أعلنت عن سماع دوي انفجارات في مناطق مختلفة، كما أعلنت وسائل الإعلام الإسرائيلية، أن محطة حيفا للطاقة تعرضت لقصف صاروخي إيراني، وأن مناطق واسعة من وسط إسرائيل انقطعت عنها الكهرباء، وفي خطوة تصعيدية لافتة، أكدت ذات وسائل الإعلام، أن إيران شنت هجومًا واسع النطاق استهدف مناطق مختلفة داخل إسرائيل، مما يشير إلى تحول نوعي في طبيعة المواجهة.

إطلاق عشرات الطائرات المسيرة نحو إسرائيل:

في رد فعل مباشر على ما وصفه بـ “العدوان الوحشي”، أعلن قائد القوات البرية للجيش الإيراني، العميد “كيومرث حيدري”، عن إطلاق عشرات الطائرات الانتحارية المسيّرة من طراز “آرش” نحو مواقع إسرائيلية، لتشكل هذه العملية جزءًا من هجوم أوسع شمل صواريخ دقيقة، وأفادت “وكالة تسنيم” الإيرانية بأن وحدة الطائرات المسيرة التابعة للقوات البرية قامت خلال الـ48 ساعة الماضية بإطلاق هذه الطائرات نحو أهداف تابعة للكيان الإسرائيلي، وأضاف “حيدري” أن هذه العملية تزامنت مع هجوم صاروخي واسع نفذته القوات الجوية التابعة للحرس الثوري، مشيرًا إلى أن الطائرات المسيرة من طراز “آرش” مجهزة برؤوس حربية مضادة للتحصينات، وقد استهدفت “مواقع ومناطق حساسة في مدن الاحتلال”، مؤكدًا أن هذه الطائرات “أصابت أهدافها بنجاح”.

الدول الداعمة لإسرائيل «شريكة في الجريمة»:

في لهجة حاسمة، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، “إسماعيل بقائي”، أن أي دعم للكيان الصهيوني، بأي شكل من الأشكال، يجعل الدول الداعمة شريكة في “الجريمة”، مشددًا على أن الرد الإيراني يأتي في إطار “الدفاع المشروع”، وأوضح “بقائي” أن الهجوم الإسرائيلي، الذي وصفه بـ “الصارخ”، جاء في وقت كان فيه الشعب الإيراني منشغلاً بالتحضير لعيد كبير، واستهدف الأراضي الإيرانية بـ “شتى أنواع الأسلحة الأمريكية”، وأضاف “بقائي” أن إيران ستخوض “معركة شرسة بقوتنا وسنواصلها بقوة”، وأن ردها على إسرائيل هو “دفاع مشروع وفقًا للقانون الدولي والعقل والمنطق”.

اختراق المجال الجوي الإسرائيلي وإسقاط طائرات مسيرة:

تزايدت حدة التوتر مع التقارير التي أفادت باختراق طائرة مسيرة المجال الجوي الإسرائيلي وصولًا إلى محيط منزل رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، “بنيامين نتنياهو”، مما يعكس تصعيدًا نوعيًا في تكتيكات المواجهة، ونقلت “وكالة أنباء فارس” الإيرانية عن مصادر إعلامية إسرائيلية أن سلاح جو الاحتلال الإسرائيلي حاول اعتراض الطائرة المسيرة التي دخلت إسرائيل من شمال الأغوار، وأفادت إذاعة جيش الاحتلال أن الطائرة المسيرة حلقت من شرق إسرائيل إلى غربها ووصلت إلى منطقة “قيساريا والخضيرة”، كما أشارت وسائل إعلام إسرائيلية إلى سماع دوي انفجار في قيساريا، وأن إسرائيل أرسلت أربع مروحيات لاعتراض الطائرات المسيرة في المنطقة.

إسقاط طائرة إسرائيلية «أمريكية الصنع» غرب إيران:

في تطور عسكري مهم، أعلنت إيران نجاح دفاعاتها الجوية في إسقاط طائرة مسيرة إسرائيلية متطورة من طراز “MQ9″، المصنعة أمريكيًا، فوق سماء محافظة “إيلام” غرب البلاد، لتكون هذه هي الطائرة الرابعة من نوعها التي تسقطها إيران في غضون أيام قليلة، وصرح نائب المسؤول السياسي والأمني لمحافظة “إيلام”، “تاج الدين صالحيان”، لوكالة “إرنا”، الإيرانية، بأن الطائرة المسيرة، المصنعة من قبل شركة “جنرال أتوميكس” الأمريكية، أُسقطت في منطقة “عين الصولة” بمدينة “دهلران” الحدودية، ويأتي هذا الحادث بعد يومين من إعلان إيران يوم السبت الماضي عن إسقاط ثلاث طائرات مسيرة إسرائيلية متطورة أخرى في سماء نفس المحافظة.

تصريحات إيرانية حاسمة وتحذيرات:

في تصعيد جديد للغة التهديد، أعلنت إيران عن إطلاق موجة جديدة من الهجمات الصاروخية، واصفة إياها بأنها “أكثر قوة وتدميرًا من ذي قبل”، وتهدف إلى شل أنظمة القيادة والسيطرة الإسرائيلية، وأوضح بيان صادر عن الحرس الثوري أن هذه العملية استهدفت وعطلت أنظمة القيادة والسيطرة التابعة للكيان الإسرائيلي بفضل “الأساليب الحديثة” و”القدرات المعلوماتية والمعدات” التي تعود لجهود قادة عسكريين إيرانيين، وأضاف البيان أن الهجمات أدت إلى تعطيل أنظمة الدفاع الإسرائيلية متعددة الطبقات، لدرجة أن أنظمة الدفاع التابعة لإسرائيل “استهدفت بعضها البعض”، واعتبر البيان أن هذه العملية تؤكد “الوعود الصادقة” لقادة إيرانيين سابقين بأن العمليات المستقبلية ستكون “أشد وطأة وصعوبة ودقة وتدميرًا”، كما أشار إلى أن هذه العملية كشفت “خطأ حسابات وتقديرات العدو الصهيوني المتوهم والأمريكيين تجاه إيران الإسلامية تمامًا”، مؤكدًا أنه “يجب أن نشهد انهيار كيان الاحتلال الصهيوني”، واختتم البيان بتحذير موجه إلى مؤيدي الاحتلال الإسرائيلي، مفاده أن “العمليات الفعالة والمستهدفة والأكثر تدميرًا ضد الأهداف الحيوية لهذا الكيان الزائف ستستمر حتى تدميره الكامل”.

رئيس البرلمان الإيراني: «عناصر متغلغلة» وراء جزء من هجمات العدو:

في تحليل لافت، أكد رئيس مجلس الشورى الإيراني، “محمد باقر قاليباف”، أن جزءًا كبيرًا من الضربات التي تتلقاها إيران لا يأتي من هجمات عسكرية مباشرة، بل يتم عبر “عناصر متغلغلة داخل البلاد”، مشددًا على ضرورة اليقظة الشعبية، وخلال جلسة علنية، أدان “قاليباف” بشدة ما وصفه بـ “العدوان الإجرامي والعنصري” من جانب الكيان الإسرائيلي، والذي تم “بضوء أخضر من الإدارة الأمريكية”، مشيرًا إلى أن هذه الهجمات استهدفت مناطق سكنية، ومستشفيات، ومرافق إغاثة، وقصفت منازل، متسببة في سقوط نساء وأطفال ومدنيين أبرياء.

جهود أمريكية لتقييد صلاحيات ترامب العسكرية ضد إيران:

في محاولة للحد من التداعيات المحتملة لتصعيد النزاع، قدم سيناتور ديمقراطي تشريعًا يهدف إلى منع الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” من استخدام القوة العسكرية ضد إيران دون موافقة الكونجرس، في مسعى لاستعادة صلاحيات إعلان الحرب، ووفقًا لوكالة “رويترز”، قدم السيناتور “تيم كاين” من ولاية فيرجينيا هذا التشريع، وقد حاول كاين لعدة سنوات استعادة سلطة الكونجرس في إعلان الحرب من البيت الأبيض.

تفكيك ورشة مسيرات واعتقال «4 عملاء لإسرائيل» جنوبي طهران:

في عملية أمنية ناجحة، كشفت الشرطة الإيرانية عن تفكيك ورشة لتصنيع الطائرات المسيرة والأجسام الطائرة في محافظة أصفهان، جنوبي العاصمة طهران، واعتقال أربعة أشخاص وصفتهم بأنهم “عملاء تابعون للكيان الصهيوني”، مما يشير إلى حرب خفية على جبهة التجسس، وفي تصريحات نقلتها “وكالة فارس”، صرح نائب قائد شرطة محافظة أصفهان، العميد “محمد رضا هاشمي فر”، بأن الأجهزة الأمنية، بناءً على معلومات استخباراتية دقيقة، رصدت تخزين كميات كبيرة من معدات وقطع غيار الطائرات المسيرة والأجسام الطائرة في ورشة تقع في محيط مدينة أصفهان.

فمع استمرار تبادل الضربات وتصاعد حدة الخطاب، تتجه الأنظار نحو مستقبل هذه المواجهة المتصاعدة، فهل تُشكل هذه الأحداث مقدمة لتحول جذري في المنطقة، أم أنها مجرد جولة جديدة في صراع طويل الأمد؟ وإلى أي مدى ستتأثر المنطقة والعالم بتداعيات هذا الصراع المتجدد، الذي لا يبدو أن لديه نهاية قريبة؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *