
تحولت سماء الشرق الأوسط إلى ساحة صراع مفتوحة، صواريخ انطلقت، وأهداف تعرضت للقصف، لتبدأ فصلاً جديدًا من المواجهة بين إيران والكيان الإسرائيلي، فهل نشهد تحولاً كبيراً في المشهد الإقليمي، أم أنها مجرد جولة أخرى في صراع يبدو بلا نهاية؟
لقد شهدت الساعات الماضية تصعيدًا حادًا بين إيران وإسرائيل، وأشارت تقارير إعلامية إلى جولات مكثفة من الهجمات الصاروخية الإيرانية على مناطق واسعة في عمق إسرائيل، بينما رد جيش الاحتلال الإسرائيلي باستهداف مواقع في إيران، وفي ردة فعل موازية، أكدت طهران استمرار ردودها على أي اعتداء، وأن برنامجها النووي لم يتأثر بالهجمات الإسرائيلية.
استهدافات واسعة وتأثيرات متباينة:
ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن هجمات صاروخية إيرانية جديدة استهدفت تل أبيب ومناطق واسعة في شمال ووسط وجنوب إسرائيل، واعترف راديو الكيان الإسرائيلي بسقوط صواريخ إيرانية في منطقة تل أبيب، كما أفاد الإعلام الإسرائيلي يقصف منطقة “ريشون لتسيون” جنوب تل أبيب.
يبدو أن الهجمات الصاروخية الإيرانية تهدف إلى إظهار قدرة الردع والوصول إلى العمق الإسرائيلي، مع التركيز على المناطق الحضرية لإحداث تأثير نفسي واقتصادي، وفي ذات السياق أضاف راديو الكيان الإسرائيلي بأن الجولة الخامسة من الهجمات الصاروخية الإيرانية شملت جميع مناطق “إسرائيل”، وذكرت مصادر إعلامية عبرية أخرى، أن ما لا يقل عن ثلاثة صواريخ أصابت شمال إسرائيل في هذه الموجة، واعترف جيش الاحتلال بإطلاق عشرات الصواريخ من إيران، مشيرًا إلى اعتراض عدد منها.
وفي تطور كبير للرد الإيراني، تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن جولة سادسة من الهجمات الصاروخية الإيرانية التي استهدفت مناطق واسعة من “إسرائيل”، وأضافت أن إيران أطلقت خلال 15 دقيقة ثلاث دفعات من الصواريخ، ووصفت الخسائر في منطقة “ريشون لتسيون” بأنها “واسعة النطاق”.
تأتي هذه التصريحات عن إصابات واسعة النطاق تبرز فعالية بعض هذه الهجمات، بينما يدعي الجانب الإسرائيلي اعتراض عدد كبير منها، مما يشير إلى معركة معقدة بين القدرات الهجومية والدفاعية، في ظل التعتيم الإعلامي من الكيان الإسرائيلي الذي يوحي بمحاولة احتواء حجم الأضرار الفعلية وتأثيرها على الرأي العام.
الرد الإيراني واجراءات التصعيد:
في المقابل، أعلنت قوات الدفاع الجوي الإيرانية أنها أسقطت مقاتلة F-35 تابعة للكيان الإسرائيلي غرب البلاد، وأفادت “وكالة تسنيم” الإيرانية، بأن الطيار استخدم مقعد النجاة ومصيره لا يزال مجهولاً، وجاء هذا بعد هجمات شنّها جيش الاحتلال على معسكر الإمام حسن في كرمانشاه، حيث وقعت انفجارات داخل المعسكر، كما تعرضت أجزاء من مدينة أشترينان في لرستان لقصف إسرائيلي، وأصيب أحد مصانع السيارات، وتشير هذه الهجمات المباشرة غير المسبوقة إلى تجاوز خطوط حمراء كانت قائمة سابقًا.
تحذيرات وتغييرات قيادية:
أكد مسؤولون إيرانيون لـ”وكالة أنباء فارس” أن الهجمات الإيرانية الواسعة ستستمر ضد المعتدين، ونقل مسؤول مطلع عن قادة عسكريين كبار أن الحرب التي بدأت مع عدوان الكيان الإسرائيلي ستمتد لتشمل جميع المناطق المحتلة والقواعد الأمريكية في المنطقة خلال الأيام المقبلة، وأكد أن “هذه المواجهة لن تنتهي بالعمليات المحدودة كما حدث الليلة الماضية، وستستمر الضربات الإيرانية اللاحقة، وسيكون هذا العمل مؤلمًا للغاية للمعتدين”.
وبعد استشهاد الجنرال “أمير علي حاجي زاده” على يد الكيان الإسرائيلي، أعلنت “وكالة تسنيم” عن تعيين العميد “سيد مجيد موسوي” قائداً للقوات الجوية التابعة للحرس الثوري، ووجهه المرشد الإيراني بضرورة تعزيز القدرات الصاروخية والطائرات المسيرة، والتحضير لحضور قوي في الأجواء.
يشير ذلك إلى نية واضحة لفرض معادلة ردع جديدة، وربما تغيير قواعد الاشتباك، وتهديد استهداف القواعد الأمريكية يعكس رؤية إيرانية للصراع على أنه يشمل حلفاء إسرائيل في المنطقة، ورغبة طهران في تعزيز قدراتها العسكرية لمواجهة أي تطورات مستقبلية، مع التركيز على الصواريخ والطائرات المسيرة كأدوات ردع رئيسية.
سلامة البرنامج النووي الإيراني، وتعقيد المشهد الدولي:
أكدت صحيفة نيويورك تايمز أن البرنامج النووي الإيراني لم يتأثر رغم الهجمات الإسرائيلية واغتيال العلماء، وصرح المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية أن الأضرار في منشآت “نطنز” كانت سطحية، حيث معظم المنشآت تحت الأرض، ولم تسجل أي خسائر بشرية.
من جانب آخر، صرح وزير الخارجية الإيراني بأن العدوان الإسرائيلي، واغتيال القادة والمدنيين حرف مسار الدبلوماسية حول القضية النووية.
وفي سياق متصل، أعلنت منظمة الطيران المدني الإيرانية عن تمديد إغلاق المجال الجوي للبلاد حتى فجر الأحد 15 يونيو، لضمان سلامة الرحلات، كما حذر جهاز الاستخبارات التابع للحرس الثوري الإيراني من أن أي تعاون مع الموساد سيؤدي إلى عقوبات شديدة.
وسط هذا التصعيد الخطير، وبينما تتبادل الأطراف الضربات وتتصاعد التهديدات، يبقى مصير المنطقة معلقاً، فهل ستنزلق المنطقة إلى حرب أوسع نطاقاً، أم أن هناك فرصة للتهدئة وتجنب كارثة قد تطال الجميع؟