سلايدرمصر

“معاش بالدولار”.. هل يستجيب المصريون في الخارج إلى إغراءات الحكومة؟

ما زالت محاولات الحكومة للعبور من أزمة نقص النقد الأجنبي التي تعاني منها البلاد منذ حوالي عام ونصف العام، متواصلة.

فقد أعلنت وزارة الهجرة وشؤون المصريين بالخارج، والهيئة العامة للرقابة المالية عن خطوة هي الأولى من نوعها في مصر، بهدف توفير العملة الصعبة.

وثيقة هي الأولى من نوعها

تحت اسم “معاش بكرة بالدولار“، أعلنت الوزارة والهيئة إطلاق أول وثيقة معاش (تقاعد) بالدولار للمصريين بالخارج، بهدف تحفيزهم على فتح حسابات دولارية في البنوك الوطنية. وقال مجلس الوزراء إن هذه الوثيقة تستهدف توفير الحماية الاجتماعية للمصريين بالخارج، من خلال توفير معاش إضافي للمستفيدين منها، وصرفه بالعملة الأمريكية.

ويتاح شراء الوثيقة، على موقع شركة مصر لتأمينات الحياة، ويبلغ الحد الأدنى لقيمة الاشتراك في البرنامج 500 دولار، و10 آلاف دولار كحد أقصى، مع إمكانية دفع أقساط اختيارية بحد أدنى 50 دولارًا، على أن يستحق صرف الوثيقة، إما عند بلوغ سن الاستحقاق وهو (50 أو 55 أو 60 أو 65) أو في حالة وفاة المؤمن عليه أو في حالة إصابته بعجز كلي دائم.

في السياق اعتبرت الوزيرة سها جندي أنّ طرح شهادة المعاش بالدولار يأتي ضمن المكاسب التي تحققت للمصريين العاملين بالخارج. وستتولى الوزارة التسويق والترويج للوثيقة عبر منصات الوزارة الرسمية على مواقع التواصل، وكذلك من خلال المجموعات على تطبيق “واتساب”، وأيضًا من خلال لقاءاتها الافتراضية الدورية مع الجاليات المصرية حول العالم.

من جانبه، قال العضو المنتدب لشركة مصر تأمينات الحياة، أحمد عبد العزيز، أن هناك إمكانية لحصول العميل على وثيقتي تقاعد بحد أقصى، والقسط الأدنى 500 دولار أمريكي، ويمكن زيادة المدفوع بطرق مختلفة، من خلال تطبيق الهاتف أو موقع الشركة، وبحد أقصى الوثيقة الواحدة خلال العام 10 آلاف دولار.

كما أوضح أنه يمكن شراء وثيقة المعاش بالدولار للأشخاص من عمر 18 حتى 59 سنة، والحد الأدنى لعمر الوثيقة 5 سنوات، ويمكن الاشتراك في وثيقتين اثنتين للشخص الواحد بحد أقصى. وذكر أنه يمكن الاشتراك دون الالتزام بدورية محددة للدفع من جانب المشتركين، كما يتم صرف المعاش إما دفعة واحدة وإما من خلال معاش شهري ثابت يصرف لمدة 10 أو 15 عاما.

التحويلات تتراجع رغم المبادرات

يأتي ذلك بينما تراجعت تحويلات المصريين في الخارج بنحو 26 % في الفترة بين يوليو 2022 إلى مارس 2023، بحسب أحدث بيانات البنك المركزي الذي كشف أنها انخفضت إلى حوالي 17.5 مليار دولار في الفترة ما بين يوليو ومارس من العام المالي الجاري، مقابل نحو 23.6 مليار دولار في نفس الفترة من العام الماضي.

ومن تراجع إلى تراجع، بلغت تحويلات المصريين بالخارج 13 مليار دولار خلال أول 6 شهور من العام الجاري، بحسب تصريحات صحفية لنائب رئيس اتحاد بنوك مصر، على الرغم من أن الحكومة أطلقت مؤخرا مبادرات متنوعة لتشجيع المصريين العاملين في الخارج على ضخ أموالهم بالعملة الصعبة إلى السوق المحلية، لكنها فيما يبدو لا تلقى صدى لديهم، إذ يتضح أنّ حجم التحويلات يتخذ منحنى تنازليًا منذ منتصف العام الماضي.

ومن أشهر تلك المبادرات، مبادرة “سيارات المصريين في الخارج” التي انطلقت في أكتوبر الماضي، والتي بموجبها كان يحق للمصريين في الخارج استيراد سيارة للاستخدام الشخصي، دون أي جمارك أو رسوم، بشرط إيداع قيمة الجمارك والرسوم في حساب وزارة المالية بالدولار، على أن يسترد المودعون قيمة الوديعة بعد 5 سنوات بالجنيه المصري، بسعر صرف الدولار في تاريخ الاسترداد. لكن المبادرة التي كانت تستهدف حصد نحو 2.5 مليار دولار، لم تجمع سوى 900 مليون دولار مع انتهاء التسجيل بها في 14 مايو الماضي.

تسوية التجنيد ووحدات سكنية

وأطلقت الحكومة مبادرة جديدة في 30 يوليو الماضي، منحت بموجبها المصريين بالخارج فرصة تسوية موقف التجنيد مقابل تحويل مبلغ 5 آلاف دولار أو يورو عن كل راغب في الاستفادة من المبادرة. وأعلنت وزارة الخارجية أنه سيتم فتح باب التسجيل على مواقع الوزارة للمشاركة في المبادرة اعتبارًا من 14 أغسطس الجاري، وذلك للمصريين المقيمين في الخارج ممن حل عليهم الدور في سن التجنيد اعتبارًا من عمر 19 وحتى 30 سنة، وكذلك لمن تجاوزوا 30 سنة لتسوية موقفهم التجنيدي.

ونوهت الوزارة إلى أنه لن يتم السماح بتجديد جوازات السفر للمصريين المقيمين بالخارج إلا بعد تسوية المواقف التجنيدية لهم، لكن تطبيق هذه المبادرة يحتاج إلى تعديل تشريعي بقانون الخدمة العسكرية، من المنتظر إجراؤه في أكتوبر المقبل بعد عودة البرلمان من إجازته الصيفية.

كما أعلنت الحكومة نهاية العام الماضي، عن مبادرة لطرح وحدات سكنية مميزة للمصرين بالخارج، بأسعار تنافسية، وتخفيضات جذابة، شريطة دفع ثمن هذه الوحدات العقارية بالدولار. وقال المتحدث باسم رئاسة مجلس الوزراء نادر سعد، إن الوحدات التي ستُعرض على المغتربين تم إنشاؤها من قبل وزارة الإسكان.

من جهتها أعلنت وزارة الإسكان على لسان معاون الوزير، المشرف على قطاع التخطيط والمشروعات، وليد عباس، أن هيئة المجتمعات العمرانية ركزت مؤخرا على تخصيص الأراضي للمستثمرين الأجانب والأفراد المصريين بشكل مباشر شرط سداد قيمة الأرض بالدولار وتحويلها من خارج مصر، لضمان توفير العملة الصعبة لمصر، مشيرا إلى أن توجه أجهزة الدولة لتوفير السيولة الدولارية أمر طبيعي في مثل هذه الظروف.

وفي محاولة لسحب السيولة الدولارية من السوق السوداء والسيطرة على التضخم الذي وصل إلى أعلى معدلاته منذ خمس سنوا، أعلن أكبر مصرفين حكوميين في مصر -بنك مصر والبنك الأهلي- الشهر الماضي، طرح شهادتي استثمار دولارية لثلاث سنوات، الأولى بعائد سنوي 7 %، والثانية بعائد سنوي 9 % يصرف تراكميا بنسبة 27 % مقدما بالعملة المحلية، ولحق بهما البنك العربي الأفريقي الدولي، الذي أصدر شهادة ادخار لثلاث سنوات بعائد تراكمي 40 % يُصرَف مقدما.

حلول جيدة لكن “مؤقتة”

وأثار إصدار الشهادات الدولارية من قبل البنوك المصرية تساؤلات حول إمكانية نجاحها في تحقيق هدفها بتعويض نقص الدولار والسيطرة على السوق السوداء، كما خلق جدالا مجتمعيا حول كيفية سداد هذه العوائد المرتفعة في ظل الأزمة التي يعاني منها الاقتصاد المصري.

غير أن محللين اقتصاديين وصفوا تلك الحلول بأنها “مؤقتة“، لافتين إلى أن الحل النهائي لتدبير الاحتياجات اللازمة من العملة الصعبة لم تصل إليه الحكومة بعد. وفي حين وصف المحللون تلك المحاولات بـ”الجيدة”، أكدوا أنها ستظل “مجرد مسكنات عاجلة لن تحل الأزمة المستعصية”.

ويبلغ عدد المصريين بالخارج حوالي 14 مليون مواطن يتركز معظمهم في دول الخليج العربي. وتستحوذ السعودية على الحصة الأكبر بإجمالي يتجاوز 4 ملايين مصري، وفقًا لتصريحات سابقة للسفيرة سها جندي وزيرة الهجرة وشؤون المصريين بالخارج.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *