
عزّزت مصر خطواتها نحو ترسيخ مكانتها كمركز إقليمي للنقل واللوجستيات، مع استعراض الحكومة لخطة شاملة لتطوير قطاع النقل البحري، وذلك خلال افتتاح الرئيس عبدالفتاح السيسي لعدد من المحطات البحرية بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس في ميناء شرق بورسعيد.
وخلال كلمته، استعرض الفريق مهندس كامل الوزير، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل، ملامح الإستراتيجية الوطنية التي تُعيد تشكيل خريطة الموانئ المصرية. وأكد أن التطوير الجاري يستند إلى رؤية مصر 2030 وتوجيهات الرئيس بتحويل البلاد إلى محور لوجيستي عالمي قادر على استيعاب حركة التجارة الدولية المتنامية.
تطوير شامل لشبكة الموانئ
وأوضح الوزير أن مصر تمتلك 19 ميناءً تجاريًا، منها 14 ميناء تم تطويرها أو يجري تطويرها على البحرين الأحمر والمتوسط، بالإضافة إلى خمسة موانئ جديدة قيد الإنشاء. وتمتد الخطة لتشمل إنشاء أرصفة ومحطات جديدة يصل طولها إلى 70 كيلومترًا، ليتجاوز إجمالي أطوال الأرصفة 100 كيلومتر، ما مكّن الموانئ من استقبال 1.6 مليار طن بضائع و72 مليون حاوية خلال السنوات العشر الماضية.
كما شملت أعمال التطوير إنشاء حواجز أمواج بطول 35 كيلومترًا، وتكريك أحواض التداول والممرات الملاحية لتصل الأعماق إلى 25 مترًا، وهو ما يسمح باستقبال أكبر السفن في العالم. وتم تعزيز المناطق اللوجيستية داخل الموانئ بزيادة مساحاتها إلى 75 مليون متر مربع، مع مستهدف الوصول إلى 100 مليون متر مربع بحلول 2030.
معدات متطورة وموانئ ذكية
وأشار الوزير إلى تزويد الموانئ بأحدث المعدات العالمية، تشمل 44 ونش رصيف و128 ونش ساحة كهربائي بالكامل، بما يتوافق مع متطلبات تشغيل الجيل الجديد من السفن العملاقة. كما تم تطبيق نظم التعرف الآلي عند البوابات، وتطوير أسطول القاطرات ليصل إلى 52 قاطرة في 2025، مع خطة لزيادته إلى 80 قاطرة بحلول 2030.
وعلى مستوى البيئة، تم تعزيز منظومة العمل بالموانئ بأنظمة الموانئ الخضراء و21 كاشطًا لمكافحة التلوث، إلى جانب ربط منظومة النقل البحري إلكترونيًا مع الجهات الحكومية والجمركية.
شرق بورسعيد.. نموذج للتطوير
واستعرض الوزير التطوير الذي شهده ميناء شرق بورسعيد منذ افتتاحه قبل 10 سنوات. ويعمل الميناء اليوم كأحد أهم المراكز اللوجيستية على البحر المتوسط، بمساحة 8.8 كم² وأرصفة تمتد إلى 14.6 كم وعمق يصل إلى 22 مترًا. وتم ربطه بأنفاق 3 يوليو وبشبكة من الطرق والسكك الحديدية بما يعزز كفاءته التشغيلية.
أسطول بحري ينافس عالميًا
وفي محور تطوير الأسطول البحري، أوضح الوزير أن مصر تستهدف الوصول إلى 40 سفينة في 2030 قادرة على نقل 25 مليون طن سنويًا عبر شركات الملاحة الوطنية. وتشمل الخطة تعزيز أسطول ناقلات البترول والعبّارات وسفن الجسر العربي.
شراكات عالمية وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي
وأكد الوزير أن أعمال التطوير جذبت 18 مشغلًا عالميًا من بينها:
MAERSK – MSC – DP WORLD – CMA CGM – EVERGREEN – COSCO،
وهو ما مكّن المحطات المصرية من التحول الكامل للعمل بالذكاء الاصطناعي ونظم التحكم الآلي.
كما أشار إلى نجاح خط الرورو المصري–الإيطالي بين دمياط وتريستا، الذي نقل أكثر من 40 ألف طن من السلع في أقل من عام، معظمها من الحاصلات الزراعية والملابس وقطع الغيار.
ممرات لوجيستية تربط الشمال بالجنوب
ولتعظيم الاستفادة من محور قناة السويس، تخطط الدولة لإنشاء سبعة ممرات لوجيستية تربط مناطق الإنتاج بالموانئ، وتمتد من السخنة للإسكندرية، ومن طابا للعريش، وحتى سفاجا وأبو طرطور، بهدف تسريع حركة البضائع وزيادة تنافسية الصادرات المصرية.
قفزات عالمية في التصنيفات الدولية
واختتم الوزير بالتأكيد أن التطوير انعكس بوضوح في التصنيفات العالمية؛ إذ حصل ميناء شرق بورسعيد على المركز الثالث عالميًا والأول إقليميًا في مؤشر البنك الدولي لأداء الموانئ لعام 2024، كما دخلت محطة حاويات دمياط ضمن أفضل 20 محطة عالميًا، واحتل ميناء الإسكندرية المرتبة 90 عالميًا.
كما دخل ميناء السخنة موسوعة جينيس كأعمق ميناء محفور في العالم بعمق 19 مترًا، ويستعد لتحقيق رقم قياسي جديد بطول أرصفته، فيما يُعد ميناء أبو قير أعمق موانئ المتوسط بعمق يصل إلى 22 مترًا.
وبذلك، تتقدم مصر بثبات نحو إنشاء منظومة بحرية متكاملة، تمنحها موقعًا تنافسيًا يعزز دورها في التجارة العالمية ويعيد رسم خريطة النقل البحري في المنطقة.





