بنسب بلغت نحو 300 بالمئة، رفعت هيئة الإسعاف، أسعار خدماتها غير الطارئة داخل القاهرة الكبرى وبين المحافظات، في أول زيادة منذ 2019، ما أثار ردود فعل واسعة ومخاوف لدى المواطنين.
النائبة فاطمة سليم، التي قدمت طلب إحاطة إلى رئيس مجلس النواب، اعتبرت أن الزيادة تمثل عبئًا كبيرًا على المواطنين، خاصةً مع الظروف الاقتصادية الحالية، موضحة أن تكلفة خدمات الإسعاف قبل الزيادة كانت تبلغ 150 جنيهًا لكل 25 كيلومترًا، بينما أصبحت الآن 450 جنيهًا لكل كيلومتر، بحد أقصى 9100 جنيه.
وتشمل خدمات الإسعاف غير الطارئة: تأمين المنافسات الرياضية، وانتخابات الجمعية العمومية، وخدمات التصوير السينمائي، وتعد هذه هي الزيادة الثانية في أسعار خدمات الإسعاف غير الطارئة منذ 2019.
وتراوحت أسعار نقل الحالات غير الطارئة داخل المحافظة من 450 جنيها للمسافة حتى 25 كيلو متر، حتى 3775 جنيها للمسافة 500 كيلو متر، أما النقل خارج المحافظة فقد تراوح بين 1150 جنيها من القاهرة للإسماعيلية، وحتى 1800 جنيها، من القاهرة للإسكندرية.
وشكلت الزيادة رفع تكلفة تأمين انتخابات الجمعية العمومية إلى 12500 جنيه للسيارة الواحدة لمدة 12 ساعة، و49 ألف جنيه لخدمات التصوير السينمائي والحفلات الجماهيرية.
وتضمنت اللائحة أيضًا خدمات إسعافية مستحدثة، مثل إيجار الجولف كار بسعر 2500 جنيه في اليوم وإيجار الإسكوتر الكهربائي بسعر 2000 جنيه.
وكانت الزيادة الأخيرة التي اعتمدتها هيئة الإسعاف في 2019 حددت وقتها أسعار نقل الحالات غير الطارئة بين المحافظات بقيمة 5 جنيهات لكل كيلو متر وبحد أقصى 5 آلاف جنيه. وكان تأمين المنافسات الرياضية لأندية الدرجة الأولى بـ 1500 جنيه لمدة 3 ساعات و500 جنيه عن كل ساعة إضافية، فيما كانت تؤمن الحفلات الجماهيرية بـ25 ألف جنيه.
وأرجع مصدر مسؤول بهيئة الإسعاف سبب زيادة أسعار الخدمات غير الطارئة إلى ارتفاع أسعار المحروقات وصيانة السيارات وتكلفة الأطقم الطبية العاملة عليها، مما اضطر الهيئة إلى تحريك الأسعار لمواكبة الزيادة في التكلفة للحفاظ على تقديم خدمة جيدة للمواطنين من خلال ضمان تطوير أسطول سيارات الهيئة.
وأضاف المصدر، في تصريحات صحفية أن أبرز خدمات غير الطارئة للإسعاف وتشمل نقل المرضى بعد التعافي من إجراء العمليات إلى منازلهم، أو نقل المرضى للعيادات أو معامل التحاليل الخاصة، وكذلك خدمات تأمين المؤتمرات والحفلات، وتمثل هذه الخدمات غير الطارئة بنسبة 40% من إجمالي الخدمات المقدمة من هيئة الإسعاف.
وأشارت النائبة فاطمة سليم، في تصريحات تلفزيونية، إلى ضرورة استثناء بعض الفئات من هذه التكلفة المرتفعة، خاصة أصحاب الأمراض المزمنة وكبار السن، الذين يعتمدون بشكل دوري على خدمات الإسعاف، محذرة من أن فرض تلك التكلفة المرتفعة عليهم قد يثقل كاهلهم ويمنعهم من الحصول على الرعاية الصحية العاجلة.
إلى ذلك، تقدمت النائبة سميرة الجزار، بطلب إحاطة إلى رئيس مجلس النواب، ذكرت فيه أن الحكومة لم تضع في الحسبان محدودي الدخل بعد رفع أسعار النقل للمرضى عن طريق سيارات الإسعاف والتي قاربت حسب المسافة 5 آلاف جنيه.
وتساءلت النائبة: بعد المبالغة في أسعار نقل المرضي باستخدام سيارات الإسعاف في غير حالة الطوارئ بصورة كبيرة، تفوق قدرات قطاع كبير من أبناء الشعب المصري، فماذا يفعل المرضى من الفقراء عند طلب سيارات الإسعاف بعد رفع أسعارها؟
وكشفت النائبة عن أن قرار رفع سعر طلب سيارات الإسعاف يخالف المادة 18 من الدستور التي تنص على أن الدولة تتكفل بالحفاظ على مرافق الخدمات الصحية العامة التي تقدم خدماتها للشعب ودعمها والعمل على رفع كفاءتها وانتشارها الجغرافي العادل، مطالبة بإصدار قرار لتخصيص سيارات إسعاف لنقل المرضى من الفقراء والبسطاء إلى المستشفيات مجانًا.
من جهتها، قالت وزارة الصحة والسكان إن الخدمات الطارئة المجانية التي تقدمها هيئة الإسعاف تحتل ما يقارب من 60 بالمئة من إجمالي خدمات الإسعاف.
وقال المتحدث الرسمي باسم الوزارة، الدكتور حسام عبد الغفار، في تصريحات تلفزيونية، إن الخدمات الطارئة التي تقدمها هيئة الإسعاف المصرية ستظل مجانية ولا يتم المساس بها وهي خاصة بالحوادث والحالات الحرجة والطارئة.
وأضاف المتحدث باسم وزارة الصحة أن هذه الزيادة للخدمات غير الطارئة فقط، فالشخص الذي تعافى وتم شفاؤه ويريد الانتقال من مكان إلى آخر بواسطة هيئة الإسعاف عليه أن يتحمل تكاليف الانتقال، قائلا: “من تم شفاؤه ويستطيع أن يستقل سيارة عادية يصل بها إلى المنزل ويريد الانتقال بسيارة الإسعاف لا بد من تحمله تكاليف الانتقال”.
وأكد عبد الغفار أن من يمتلكون كارت الخدمات المتكاملة وأصحاب معاش تكافل وكرمة سيحصلون على الخدمة غير الإسعافية بشكل مجاني.
من جهته قال الدكتور عمرو رشيد، رئيس هيئة الإسعاف، خلال تصريحات تليفزيونية، إن نسبة الحوادث والطوارئ تمثل 60 بالمئة من الخدمات التي تقدمها الهيئة، أما الخدمات غير الطارئة مثل تأمين الحفلات أو نقل مريض بعد إجراء عملية جراحية فتقدم نظير رسوم.
وأوضح رشيد، أن تقديم الخدمات غير الطارئة نظير رسوم تستهدف تقنين الخدمة حتى لا تكون سيارات الإسعاف وسيلة مواصلات.
وأوضحت الهيئة أن خدماتها المجانية تشمل إسعاف وإنقاذ مصابي الحوادث المرورية، والحوادث العرضية، وجميع الحالات الطبية الطارئة كحالات الغيبوبة والأزمات القلبية وكل ما يشكل تهديدا لحياة المريض.
كما تشمل نقل جميع حالات التحويلات ومشروع رعايات مصر، والحالات غير القادرة يحق لها طلب إعفاء من الرسوم مع تبسيط إجراءات الإعفاء، كما يتم نقل كافة الحالات الطارئة لأقرب مستشفى تابع لوزارة الصحة والسكان.
وكشف رئيس هيئة الإسعاف، الدكتور عمرو رشيد أن عام 2025 سيمثل عاماً استثنائياً في تاريخ المنظومة الإسعافية، وأن هذا العام سيكون هو التتويج لرحلة الإسعاف المصري التي بدأت عام 1902 من مدينة الإسكندرية، مؤكداً توجه الهيئة نحو “الرقمنة”.
وأضاف أن ترجمة ذلك ستكون عبر ربط أسطول سيارات الإسعاف المصري، بغرف القيادة والتحكم عبر أجهزة لوحية “تابلت” ستتولى تسجيل جميع بيانات الاستغاثات الإسعافية، وكذلك وضع المريض الصحي، وربط البيانات مع الشبكة الوطنية للطوارئ والسلامة العامة، وقواعد بيانات وزارة الصحة والسكان، ومنظومة رعايات مصر التي دشنها وزير الصحة لتوفير أسرة الرعاية والحضانات للأطفال المبتسرين.
إلا أن رئيس جمعية “مواطنون ضد الغلاء” محمود العسقلاني، اعتبر الزيادات المقررة “مبالغا فيها بشكل كبير”، قائلا إن خدمات التاكسي الفاخر “خمس نجوم” يمكن الحصول عليها بأسعار أقل مما حددته هيئة الإسعاف، وهو ما يستلزم إعادة النظر في التكاليف المطروحة، وفق ما قاله في تصريحات صحفية.
وأضاف العسقلاني أن ما يحدث هو “انسحاب من الدولة عن تقديم خدمات حيوية كالإسعاف والرعاية الصحية”، ووصف الأمر بأنه “غير منطقي”.