تحذير غاية في الأهمية.. رغم كل موبقات الحرب على غزة، ورغم عمليات الإبادة الجماعية، والقنابل الفسفورية والمجازر والمحارق، فصلابة الأشقاء في فلسطين فولاذية، لأنهم أصحاب قضية حقيقية وربما كانت الأكثر صدقا حول العالم، أما التحذير فإن الآلة الإعلامية للاحتلال على السوشيال ميديا تختلق كل يوم أكاذيب وحكايات وروايات تتنافى مع الحقائق العلمية وحتى مع الروايات الخيالية لقصة «أمنا الغولة».
ونحن لن نشير على تلك الشائعات حتى لا نرسخها، وتؤتي هدفها، لكننا نؤكد أن حرب السوشيال ميديا لتتار العصر، هدفها بث الرعب في قلوب أبناء غزة والفلسطينيين جميعا بل والعرب، لكن هيهات هيهات، فوالله لطفل الحجارة أثبت عند الله وأقوى من المرتزقة الصهاينة الذين تشيب رؤوسهم وترتعد أوصالهم من قوته وعناده وإصراره أن تمتد جزوره في أعماق الأرض الطاهرة، ليس كل ما يقال يصدق، فلا تتناقلونها الشائعات والأكاذيب وتتداولونها فإنها أكثر ضراوة من طلقات الرصاص.
الشائعات أحد أسلحة الحروب النفسية والتي تدار وفق نظريات وآليات وتروج بطرق مخادعة تضمن وصول رسائلها المغلوطة وتصديقها والتعامل معها على أنها حقيقة مجردة، فتسفر عن حالة من الإحباط وإضعاف الهمة والروح القتالية ويتبناها في الغالب دول أو جماعات ممولة لتنفيذ أجندات خاصة تحدث على المدى البعيد أثار تدميرية على الرأي العام، ومن ثم الحكومات والحلفاء فيتغير مساء القضية وبالتالي النتائج.
الإنترنت والسوشيال ميديا وسائل خصبة لترويج هذه الشائعات على أكبر نطاق والوصول لفئات عمرية مستهدفة لكل شائعة تكون أكثر تأثيرا من غيرها في تصديقها وترويجها، وزادت الأمور خطورة مع توظيف الذكاء الاصطناعي لتعزيز الشائعات وتمرير المعلومات الخاطئة بعيدا عن المعايير والسلامة المهنية والتدقيق على المحتوى قبل نشره.
ولأن السلاح وحده لا يحسم المعركة، فقد استغل الاحتلال الإسرائيلي سلاح الشائعات لمحاولة كسر الثقة بالمقاومة من ناحية، ومن جهة أخرى إظهار قدرات خارقة لجيشه الذي لا يقهر – وفق زعمه – لتحطيم الروح المعنوية لدى المقاومة والشعب في آن واحد، بهذا السلاح الفتاك الذي يعمل بطريقة موازية للقذائف والصواريخ بأقل التكاليف والأعباء.
العديد من وزارات الدفاع في دول العالم قامت بإنشاء إدارات للحرب النفسية تضم خبراء متخصصين، مهمتها في المقام الأول هو صنع الشائعات وترويجها وتحديد مواعيد إطلاقها وآليات تنفيذها بهدف تدمير معنويات جيوش ومقاومة العدو وخفض الروح المعنوية لدى الشعوب، ويصل الأمر إلى إشعال الحروب الأهلية والنعرات العنصرية.
باختصار.. الفرق بين الحروب العسكرية وحروب الشائعات القائمة على الحروب النفسية كبير، فالجيوش إذا انهزمت تعيد بناء قوتها ولو بعد حين.. لكن الشعوب إذا تعرضت للهزائم النفسية ودمرت الشائعات معنوياتها فإنها تفقد الحلم واستعادة توازنها ومقدرتها على التحرر.
تبقى كلمة.. استقوا معلوماتكم من وسائل إعلام موثوقة بقدر الإمكان، واعلموا أن وسائل إعلام العدو والمتعاطفين معهم سم قاتل فلا تقربوها، واحذروا وسائل الإعلام العشوائية والصفحات الوهمية والحسابات الـ«فيك» ووسائل التواصل الاجتماعي التي لا تخضع للتدقيق والمراقبة، فالجميع يعتمد على «القص واللزق» دون الالتفات للمحتوى وخطورته.
الأمر الذي يساهم بصورة كبيرة في انتشار الأخبار الكاذبة بسرعة النار في الهشيم فتدمر معنويات الشعوب وتفقدهم الرغبة في الحياة، ومن ثم تستهدف المدرعات أجسادهم لتقضي على ما تبقى بداخلهم من مقاومة.
لا تتناقلوا الأخبار السامة، واعتمدوا على الأخبار الرسمية، ولا تساهموا عن جهل في ترويجها على طريقة «انشر ولك الأجر والثواب»، فهكذا فعلت الدبة الحمقاء مع صاحبها عندما أرادت أن تبعد الذبابة عن وجهه وهو نائم فقذفته بحجر فأرته قتيلا.
SAMYALEZ@GMAIL.COM