![التضخم في مصر](https://alborsagia.news/media/2025/02/738-1.jpg)
واصل التضخم في مصر التراجع ووصل إلى 24% في يناير الماضي على أساس سنوي من 24.1% في ديسمبر بحسب ما أظهرت بيانات نشرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء اليوم الاثنين.
ويتزامن تراجع التضخم مع ما أعلنته مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا اليوم الاثنين أنه من المنتظر موافقة المجلس التنفيذي على صرف تمويل إضافي لمصر بقيمة 1.3 مليار دولار ضمن برنامج الصلابة والاستدامة في اطار دعم الاقتصاد المصري.
يقول الدكتور مصطفى بدره الخبير الاقتصادي أن تراجع التضخم يعكس نجاح السياسة النقدية للدولة حيث شهد معدل التضخم انخفاضًا ملحوظًا خلال الشهور الأخيرة وهو أقل مستوى يتم تسجيله على مدار العامين الماضيين مؤكدًا أن الاقتصاد المصرى يشهد تحسنًا كبيرًا فى المؤشرات الكلية وأن هذه المؤشرات تأتى فى إطار الجهود الحكومية المستمرة لتحقيق استقرار اقتصادى شامل ودعم الاقتصاد الوطنى لمواجهة التحديات الراهنة وأن الاستمرار على السياسة النقدية الحالية يستهدف تحقيق مزيد من التخفيض للتضخم خلال الفترة المقبلة مشيرًا إلى أن ما ساهم فى انحسار التضخم السياسات النقدية الحكيمة وزيادة المخزون الاستراتيجى للسلع الأساسية والوفرة والمبادرات الحكومية لتوفير السلع.
وتوقع بدرة أن يواصل التضخم التراجع في النصف الأول من العام الحالي بدعم من استمرار الإنتاج الصناعى والزراعى بوتيرة متسارعة مشيدًا بالجهود الحكومية المتمثلة فى إطلاق سلسلة من المبادرات لتوفير السلع الأساسية ما قاد في النهاية لكبح جماح التضخم فى مصر فى آخر عامين وتوفير السلع بأسعار مناسبة للمواطنين والفئات البسيطة لافتًا إلى أن المبادرات التى أطلقتها الدولة لضمان توافر السلع الغذائية للمواطنين مثل سوق اليوم الواحد ومبادرة كلنا واحد وغيرها من المبادرات لعبت دورًا فى الحفاظ على مخزون استراتيجى يكفى احتياجات المواطنين وفى نفس الوقت منع التلاعب بالأسعار وأعطى نوع من التوازن السعرى فى السوق.
وأكد الدكتور مدحت نافع الخبير الاقتصادي إن انخفاض التضخم لا يعني بالضرورة تراجع الأسعار والحكومة مطالبة باستهداف تكلفة التسعير لا معدلات التضخم من أجل الوصول إلى حل جذري في مشكلة ارتفاع الأسعار مشيرًا إلى أن التضخم كمؤشر اقتصادي لا يعكس بالضرورة تحسن الأوضاع المعيشية أو انخفاض الأسعار موضحًا أن المشكلة الحقيقية التي تواجه الأسواق ليست في تراجع معدلات التضخم بل في استمرار ارتفاع تكاليف الإنتاج والتسعير مما يؤدي إلى ضغط مباشر على القوة الشرائية للمواطنين.
ولفت نافع إلى أن السياسية النقدية للبنك المركزى تتعامل مع المستهدف لكبح جماح التضخم بأكثر عقلانية موضحًا أن سلوكيات المواطنين تغذى التضخم بالارتفاع متوقعًا إنخفاض التضخم إلى أقل من 20% بنهاية العام المالي 2025 داعيًا إلى إعادة النظر فى سلوكيات الضغط الموسمي التى يقوم من خلالها المواطن بتخزين السلع كما يفعل فى شهر رمضان حتى لا يؤدى لزيادة التضخم.
بدوره أشار الدكتور هاني أبو الفتوح الخبير الاقتصادي إلى التجربة الاقتصادية لمصر في عام 2016 عند تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي وتعويم الجنيه حيث قفز معدل التضخم إلى 38% ومع مرور الوقت تراجعت معدلاته تدريجيًا حتى وصلت إلى 6% في عام 2022 لكن دون أن يصاحب هذا الانخفاض أي تراجع في أسعار السلع بل استمرت في الارتفاع موضحًا أن هذا الأمر يعكس خللًا جوهريًا في آلية التعامل مع التضخم حيث يتم التركيز على مقارنات سنوية تستند إلى سنة الأساس دون أن يتم استهداف التكاليف الفعلية للمنتجات والخدمات مما يجعل انخفاض التضخم رقمًا نظريًا لا ينعكس على الأسواق إذ تبقى الأسعار في اتجاه تصاعدي مستمر حتى في ظل انخفاض المؤشر الرسمي للتضخم.
وأضاف أبو الفتوح أن استراتيجية استهداف التضخم وفق سنة الأساس أصبحت غير ملائمة للواقع الاقتصادي الحالي خاصة في ظل التغيرات الحادة التي شهدها سعر الصرف حيث فقد الجنيه المصري نحو 67% من قيمته خلال عام 2024 ورغم انخفاض معدلات التضخم لم تنخفض الأسعار بل استمرت في الصعود وهو ما يكشف عن التناقض بين تراجع معدلات التضخم وبين ارتفاع تكلفة المعيشة.