سلايدرمصر

نظام البكالوريا المصرية.. خطوات جديدة نحو تحسين التعليم أم مجرد تجربة أخرى؟

في ظل التغييرات المتسارعة التي تشهدها منظومة التعليم في مصر، أثار النظام البكالوريا الجديد لتوزيع المواد الدراسية في الصفين الثاني والثالث الثانوي جدلاً واسعاً بين الأوساط التعليمية وأولياء الأمور، فقد أعلنت وزارة التربية والتعليم عن نظام شهادة البكالوريا الجديد والذي يشمل توزيع سبع مواد على مدار العامين، مما يطرح العديد من التساؤلات حول مدى جاهزية هذا النظام وتأثيره على العملية التعليمية، يبدو أن الفكرة تحمل ملامح إيجابية من حيث التنظيم وتخفيف العبء الدراسي على الطلاب، لكن الرؤية لم تتضح بعد بشكل كافٍ.

وفي حوار خاص للبورصجية مع الخبيرة التربوية فاطمة فتحي، حيث ذكرت ان النظام بالمواد اللي معروضه ممكن ان يكون جيد خاصه إنه أصبح ٧ مواد موزعه على سنتين (الصف الثاني والثالث الثانوي)، ولكن لكي نستطيع الحكم بشكل موضوعي على هذا النظام، يجب أن تكون الرؤية واضحة والمعايير محددة، مع توفير إجابات شافية لجميع التساؤلات المطروحة، فلا يمكن تقييم أي تغيير جذري دون معرفة أهدافه وآليات تطبيقه وتأثيره المتوقع على كافة أطراف العملية التعليمية، الشفافية والوضوح هما المفتاح لتقبل المجتمع لأي إصلاح تعليمي، خاصة عندما يتعلق الأمر بمستقبل الأجيال القادمة.

الخبيرة التربوية فاطمة فتحي
الخبيرة التربوية فاطمة فتحي

التعليم بين القرارات المتسرعة والحاجة إلى حوار شامل

وذكرت الخبيرة التربوية، ان عندما تحدث رئيس الوزراء عن مناقشة النظام التعليمي الجديد في اجتماع استمر ساعتين فقط، يتساءل كثيرون: هل مستقبل أبنائنا يمكن أن يُحسم في هذا الوقت القصير؟ قضايا التعليم لا يمكن تناولها في جلسات محدودة أو من خلال مناقشات مقتضبة بين المسؤولين فقط. يجب أن يكون النقاش شاملاً ويشمل جميع الأطراف ذات الصلة، لضمان تغطية كافة الجوانب والقضايا التي قد يغفلها البعض.

التعليم ليس قضية تهم طبقة اجتماعية معينة، بل هو حق أساسي للجميع. وأي محاولة لتجاهل هذا المبدأ أو تركيز الاهتمام على التعليم الخاص فقط ستؤدي حتماً إلى زيادة نسب الجهل وإقصاء شرائح واسعة من المجتمع عن حقها في التعليم الجيد. إذا كانت هناك نية لتطوير النظام التعليمي، فإن ذلك يتطلب رؤية شاملة وحواراً موسعاً يضمن تكافؤ الفرص لجميع الطلاب بغض النظر عن ظروفهم الاقتصادية.

تساؤلات حول تطبيق نظام البكالوريا المصرية

وفي السياق ذاته، طرحت الخبيرة التربوية عدة تساؤلات حول نظام البكالوريا المصرية كبديل للثانوية العامة، والذي وافق عليه الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء على تطبيقه مبدئيا العام الدراسي المقبل على طلاب الأول الثانوي

  • لماذا طرحت الوزارة هذا النظام الآن، ولماذا لم تنتظر تشكيل المجلس الأعلى للتعليم لمناقشته وإقراره؟
  • لماذا، رغم تغيير مناهج الثانوية العامة هذا العام، يتم التسرع في فرض نظام جديد وتطبيقه العام القادم دون التخطيط الجيد لذلك، وكأن التعليم لا يُدار كسياسة دولة بخطة واضحة، بل يتغير مع كل وزير جديد؟
  • كيف ستتم معالجة الخلل والاضطراب الناتج عن وضع المناهج الدراسية في وقت متأخر، خاصة أن العادة جرت على طرح المناهج المعدلة بعد بداية العام الدراسي، مما يمنح الكتب الخارجية السبق في التوفر؟
  • لماذا تعتمد كل خطة وزارية جديدة على افتراض أنها ستقضي على الغش والدروس الخصوصية، دون وضع آليات حقيقية لتحسين كفاءة المدارس والمعلمين وتوفير فصول ملائمة للطلاب؟
  • وكيف سيتم التعامل مع الانتقادات التي ترى أن نظام التحسين يخل بمبدأ تكافؤ الفرص بين الطلاب؟
  • وهل أخذت الوزارة بعين الاعتبار الأعباء المالية التي ستُلقى على الأسر المصرية، حيث تُعتبر رسوم 500 جنيه لكل مادة عبئًا كبيرًا، خاصة مع وجود توائم أو طلاب في سنوات دراسية متتالية في بعض الأسر؟
  • ما الغرض من زيادة المواد الدراسية لتغيير المسار، ولماذا تبدو الرؤية غير واضحة في هذا الشأن؟
  • لماذا تُضاف مادة الدين إلى المجموع في الصف الثالث الثانوي، رغم أن ذلك قد يثير تحفظات في ظل تعددية الأديان داخل الجمهورية، إلا إذا قررت الوزارة تحويلها إلى مادة أخلاق واحترام الآخر؟
  • ما المقصود باستخدام الوزارة لمصطلح “المستوى الرفيع” بجانب بعض المواد، خاصة وأن تطبيقه في أوائل التسعينيات كان يهدف إلى زيادة المجموع، فما الفائدة الآن؟
  • مع التغيير المرتقب، هل ستستمر منظومة التعليم بنظام “الأوبن بوك”، أم سيتم إلغاؤها؟
  • ما هو النظام الذي ستتبعه الامتحانات؟ هل ستعود إلى نظام “البوكليت”، أم “البابل شيت” والأسئلة الاختيارية (MCQ)، أم سيتم استحداث طريقة تقييم جديدة؟
  • وهل سيستمر تسليم أجهزة التابلت لطلاب المرحلة الثانوية ضمن النظام الجديد، أم سيتم إلغاء هذا التوجه؟

كما اضافت ان قرار وزارة التربية والتعليم بإضافة مادة الدين إلى المجموع في الصف الثالث الثانوي أثار جدلاً واسعاً في الأوساط التعليمية والمجتمعية بين المعلمين وأولياء الأمور، ويأتي هذا القرار ضمن تغييرات جذرية في المناهج الدراسية، حيث أصبح هناك ترابط بين المواد في السنوات الدراسية المختلفة، على سبيل المثال، هناك مواد تُدرس في الصف الأول الثانوي وتستمر إلى الصف الثاني، وأخرى تبدأ في الصف الثاني وتُكمل إلى الصف الثالث، مما يعكس تعقيداً في توزيع المناهج الجديدة.

وذكرت فاطمة فتحي انه بشكل عام، هذا الموضوع يحتاج إلى طرح شامل وحوار مجتمعي يضم كافة أطراف الشعب، وليس فقط مجموعة من الشخصيات التي تختارها الوزارة، كما ان هناك العديد من الفئات المهمة التي يجب الاستماع إليها، بما في ذلك الطبقات الأكثر تضررًا، فالتعليم قضية تخص الجميع، إلا إذا كان الهدف هو تعزيز الجامعات الأهلية والخاصة أو دعم التعليم الفني، مما يعطي انطباعًا بأن الهدف هو تقليل الإقبال على التعليم الثانوي العام، وفي هذه الحالة، يبدو وكأن الأمر يتجه نحو جعل التعليم مقتصرًا على من يملك المال، مما يثير تساؤلات حول تكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية.

جدل حول استمرارية النظام التعليمي الجديد

وعاد الجدل مرة أخرى حول التغييرات المتكررة في النظام التعليمي، خاصة مع قرار إعادة إدخال اللغة الثانية في إحدى السنوات الدراسية لتستكمل دراستها في الصف الثالث الثانوي، ضمن المواد الاختيارية الشبيهة بالمسار الأدبي، يتساءل كثيرون عن جدوى هذه القرارات المتضاربة، خصوصًا أن هذه المواد كانت قد أُخرجت من المجموع في سنوات سابقة.

ولكن التساؤلات لا تقتصر فقط على المواد، بل تتعلق أيضًا بمدى جاهزية المناهج الجديدة، كيف يمكن تطبيق نظام جديد دون الانتهاء من وضع مناهجه بشكل كامل؟ ولماذا يتم فرضه دون استعداد كافٍ؟ يرى البعض أن هناك افتقارًا للرؤية الواضحة والخطط طويلة المدى، حيث تتغير السياسات التعليمية مع كل وزير جديد، مما يخلق حالة من الارتباك لدى الطلاب وأولياء الأمور.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *