في ظل اعتماد المصريين على الزيوت في إعداد وجباتهم اليومية، تواجه مصر تحديًا كبيرًا يتمثل في استيراد 97% من احتياجاتها من الزيوت النباتية. ومع ارتفاع معدلات الاستهلاك وزيادة الأسعار، تعمل الدولة على تعزيز المخزون الاستراتيجي من الزيوت من خلال مجموعة من الإجراءات تشمل التوسع في زراعة المحاصيل الزيتية وتحقيق التكامل بين القطاعين العام والخاص.
وفقًا لتقرير نشرته “المجلة الزراعية الأمريكية”، فإن مصر تنتج 13% فقط من احتياجاتها من الزيوت. ويرجع ذلك إلى تقلص المساحات المزروعة بالمحاصيل الزيتية مثل فول الصويا، السمسم، دوار الشمس، والفول السوداني، الذي يتم توجيه جزء كبير منه إلى الصناعات الغذائية والتصدير بدلًا من إنتاج الزيوت.
الدكتور صالح الشيخ، بالجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، أوضح أن الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك تزيد من التحديات أمام الاقتصاد المصري. وأشار أن زيادة استهلاك الزيوت خلال الأشهر الثلاثة الماضية بلغت 23%، بينما انخفض الناتج المحلي بنسبة 19.3%. كما أكد أن هناك فجوة استهلاكية تقدر بنحو 31.4%.
لمواجهة هذا التحدي، اجتمع الدكتور شريف فاروق، وزير التموين والتجارة الداخلية، مع رؤساء شركات الزيوت التابعة للشركة القابضة للصناعات الغذائية، لمناقشة خطط تعزيز المخزون الاستراتيجي من الزيوت الخام والمكررة. وأصدر توجيهات بضرورة وضع خطط مبتكرة لتعزيز الإنتاج المحلي وفتح قنوات تسويقية جديدة، إلى جانب تحسين الوضع المالي لهذه الشركات.
الدكتور صبري دبوس، من معهد البحوث الزراعية، أكد أن الزيادة السكانية والاستهلاك المرتفع هما من الأسباب الرئيسية للفجوة، موضحًا أن مصر تستورد 3.7 مليون طن بذور زيتية بنحو 2.5 مليار جنيه، ويتم استيراد 3.7 مليون طن بذور فول صويا بقيمة 2.2 مليار جنيه، وزيت نخيل بنحو 13 مليار جنيه.ونصح ” دبوس” بالتوسع في زراعة المحاصيل الزيتية في المناطق الصحراوية واستخدام أساليب جديدة مثل زراعة الكانولا وزهرة الشمس مع محاصيل أخرى لتحقيق أعلى استفادة من الأراضي والمياه. كما دعا إلى ضرورة إنشاء صندوق لدعم زراعة المحاصيل الزيتية وتطوير البحث العلمي المرتبط بها.
وأكد أحمد كمال، معاون وزير التموين لشؤون المشروعات والمتحدث الرسمي للوزارة، أن الدكتور شريف فاروق، وزير التموين والتجارة الداخلية، عقد اجتماعًا مع رؤساء شركات الزيوت التابعة للشركة القابضة للصناعات الغذائية، مثل “أبو الهول” و”طنطا”، لمتابعة الموقف المالي للشركات وتقييم أدائها، إلى جانب استعراض خطط إنتاج المحاصيل الزيتية وضمان استمرارية عملها.
كما شدد الوزير على أهمية تحسين الوضع المالي للشركات، بما يشمل متابعة ميزانياتها وخطط تعظيم أرباحها، بالإضافة إلى الاستفادة من العلامات التجارية التاريخية لإعادة إحيائها وتعزيز قدرتها التنافسية.
وأكد كمال، أن الوزير دعا إلى وضع آلية رقابية صارمة على الأسواق، مع الالتزام بالأسعار العادلة، مشددًا على ضرورة تعزيز التصنيع المحلي ودعم المشروعات الإنتاجية لتحقيق الأمن الغذائي. ولفت إلى أهمية التكامل بين القطاعين العام والخاص لضمان تأمين المخزون الاستراتيجي من الزيوت لفترات طويلة.