في تعديل جديد يستهدف تعزيز الجهود الرامية إلى حصر الاقتصاد غير الرسمي، أعلنت مصلحة الضرائب، خفض الحد الأدنى لقيمة الفاتورة الإلكترونية اللازم لإدراج بيانات الرقم القومي للمشتري، ليصبح خمسة وعشرين ألف جنيه بدلا من خمسين ألفا.
مهلة 3 أشهر
وقالت رئيسة المصلحة، رشا عبد العال، في بيان، إن هذا العديل سيدخل حيّز التنفيذ اعتبارًا من الأول من شهر أغسطس المقبل، ما يعني إمهال الممولين مدة ثلاثة أشهر لتوفيق الأوضاع قبل التطبيق، مشددة على ضرورة الإسراع نحو توفيق الأوضاع قبل انتهاء هذه المهلة.
بموجب هذا التعديل، لن يكون بإمكان البائع أو مؤدي الخدمة، الحصول على صورة بطاقة الرقم القومي من المشترى أو المستهلك، وإنما سيكتب لهم الرقم القومي فقط على الفاتورة الإلكترونية، حال بلغت أو تجاوزت قيمة المبيعات 25 ألف جنيه.
وأكدت رشا عبد العال ضرورة إصدار الفواتير والإيصالات الإلكترونية من قِبَل الممولين الملزمين بمنظومة الفاتورة الإلكترونية ومنظومة الإيصال الإلكتروني، وإلا فغير ذلك يُعد مخالفة لأحكام قانون الإجراءات الضريبية الموحد تستوجب توقيع العقوبات المنصوص عليها بهذا القانون، لافتًة إلى أن المصلحة لن تتوانى في بذل كل الجهود للحفاظ على حقوق الخزانة العامة للدولة.
كما أكدت أن هذا الإجراء يأتي في إطار جهود المصلحة المستمرة لحصر الاقتصاد غير الرسمي، الذي يُشكّل نحو 40 بالمئة من الناتج الـمحلي الإجمالي أي ما يساوي نحو 2.6 تريليون جنيه، وفقا لتقرير صادر عن وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية.
جهود حثيثة
تسعى الحكومة بقوة نحو تعزيز جهود دمج الاقتصاد غير الرسمي من خلال الاستغلال الأمثل للتحول الرقمي والميكنة والتوسع في تطبيق النظم الضريبية الإلكترونية، جنبًا إلى جنب مع الاستمرار في الحملات الميدانية وزيادة عمليات الحصر الميداني لأنشطة الاقتصاد غير الرسمي بالقاهرة والمحافظات، على نحو يساعد في وقف “الهدر الضريبي” وتحقيق العدالة بين الممولين وتحصيل حق الدولة، وفقا لأحدث تصريحات وزير المالية، محمد معيط.
وأوضح أن الأنظمة الضريبية الإلكترونية تساعد الحكومة في توفير قاعدة بيانات دقيقة عن حجم التعاملات التجارية على مستوى الدولة من خلال منظومة الفاتورة الإلكترونية التي بلغ عدد إصداراتها أكثر من مليار فاتورة، بالتزامن مع الإيصال الإلكتروني ومن قبلهما منظومة الإقرارات الإلكترونية على نحو يسهم بشكل أكبر في تعزيز حوكمة المجتمع الضريبي، وانعكس ذلك بالفعل في دمج جزء من الاقتصاد غير الرسمي، لتتجاوز نسبة نمو الإيرادات الضريبية منذ بدء العام المالي الحالي وحتى الآن 38 بالمئة.
وارتفعت الإيرادات الضريبية للموازنة العامة للدولة إلى أكثر من تريليون جنيه خلال فترة الأشهر التسعة الأولى من العام المالي الحالي 2024/2023 بزيادة بقيمة 305.4 مليار جنيه.
وقدرت الإيرادات العامة بمشروع الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2024/2025 نحو تريليونين و625 مليار و168 مليون جنيه (15.4%من الناتج المحلى الإجمالي) مقارنة بنحو تريليونين و142 مليار و110 مليون جنيه بموازنة السنة المالية الجارية 23/24 (18.1% من الناتج المحلى)، وفقا للبيان المالي المقدم من وزير المالية إلى مجلس النواب.
إصلاحات مخططة
تتضمن وثيقة السياسات الضريبية التي تطرحها وزارة المالية للحوار المجتمعي قريبًا، إصلاحات مخططة ومتوازنة، خلال السنوات من 2024 حتى 2030، تعتمد على الرقمنة بهدف تحقيق العدالة الضريبية وضمان منظومة ضريبية أكثر تطورًا تُضاهي الأنظمة العالمية، إذ ترتكز على دور أكبر للذكاء الاصطناعي في رفع كفاءة التحصيل الضريبي، والتيسير على الممولين، ودمج الاقتصاد غير الرسمي.
من جهته، يعتقد أشرف عبدالغني، مؤسس جمعية خبراء الضرائب المصرية، أن الدولة “تحتاج بصورة عاجلة إلى تطوير التشريعات الضريبية بما يتناسب مع التنامي السريع للتجارة الإلكترونية ورفع كفاءة نظام المعلومات وتحسين مهارات العاملين والإسراع في تطبيق المنظومة الإلكترونية الكاملة، فضلًا عن تبسيط التسجيل والتحصيل والإقرار الضريبي للاقتصاد الرقمي وتقديم حوافز لتشجيع العاملين في التجارة الإلكترونية وصناعة المحتوى على الانضمام للاقتصاد الرسمي”.
إحصائيات مهمة
كان تقرير للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، عن حجم المشتغلين في الاقتصاد غير الرسمي، للعام 2023 حذر من أن تنامي هذا الاقتصاد بهذا الحجم يهدد السلم الاجتماعي وأيضا خطة الإصلاح الاقتصادي، خاصة أن أي إصلاح اقتصادي يعتمد في المقام الأول على البيانات فحين لا تتوافر البيانات الدقيقة عن حجم الاقتصاد مما يؤدى إلى عدم وضع خطط دقيقة للإصلاح.
وكشف التقرير أن أربعة أنشطة مهمة تستحوذ على نحو 85 بالمئة من إجمالي العاملين في القطاع غير الرسمي وهي تجارة التجزئة والصناعات التحويلية والزراعة والصيد، فقد حقق نشاط الزراعة وصيد الأسماك أكبر نسبة مشاركة للمشتغلين في الأنشطة الاقتصادية حيث بلغ عدد المشتغلين في هذا النشـاط 5,127 مليون مشتغـــل بنسبة 18,1 بالمئة من إجمالي المشتغلين محتلاً المركز الأول ضمن الأنشطة الاقتصادية.
وبلغ عدد المشـتغلين في نشاط تجارة الجملة والتجزئة 4,160 مليون مشتغل بنسبة 14,6 بالمئة من إجمالي المشتغلين، فيما بلغ عدد المشـتغلين في نشـاط التشـييد والبناء 4,123 مليون مشتغل، بنسبة 14,5 بالمئة.
أما عدد المشتغلين في الصناعات التحويلية فقد بلغ 3,637 مليون مشتغل بنسبة 12,8 بالمئة، وبلغ عدد المشتغلين في نشـاط النقل والتخزين 2,629 مليون مشتغل بنسبة 9,3 بالمئة من إجمالي المشتغلين.