مصر

مصر تُحفّز صناعة السيارات المحلية

في خطوة تؤكد حرص الحكومة المصرية على تعميق التصنيع المحلي وتطوير بيئة صناعية أكثر تنافسية، عقد الفريق مهندس كامل الوزير، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل، اجتماعًا موسعًا مع عدد من كبار مسؤولي الدولة ومصنعي السيارات المحليين، لاستعراض التعديلات الجديدة على البرنامج الوطني لتنمية صناعة السيارات، تمهيدًا لانطلاقه بصيغته المعدلة في 1 يوليو 2025.

وشارك في الاجتماع المهندس حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، إلى جانب نواب وزراء ومسؤولين من وزارات المالية، والصناعة، والاستثمار، وممثلي مصلحتي الضرائب والجمارك، وعدد من أعضاء اللجنة الفنية المعنية بتعديل البرنامج. وتم التأكيد خلال اللقاء على أن هذه التعديلات تمت دراستها بعناية واعتمدها مجلس الوزراء، بعد موافقة المجلس الأعلى لصناعة السيارات برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء.

أكد الوزير كامل الوزير أن التعديلات الجديدة تستهدف تحقيق تحفيز حقيقي لمصنعي السيارات، ليس فقط من خلال تقديم حوافز مالية، بل عبر وضع إطار واقعي ومستدام يُشجع على التوسع الإنتاجي، وزيادة نسب المكون المحلي، وتعظيم الاستفادة من الموارد الصناعية الوطنية. كما أعلن الوزير عن بدء صرف مستحقات الشركات المسجلة بالبرنامج لدى وزارة المالية عن الفترة الانتقالية التي تمتد حتى 30 يونيو 2025، تمهيدًا لتطبيق البرنامج الجديد في بداية يوليو.

خلال الاجتماع، تم استعراض تفاصيل اشتراطات الحصول على الحوافز الجديدة، والتي تركز على عدة محاور رئيسية، منها رفع القيمة المضافة، وزيادة الإنتاج الكمي، واستقطاب الاستثمارات الجديدة، والالتزام بالمعايير البيئية، بالإضافة إلى حوافز مخصصة للمناطق الصناعية ذات الأولوية. وتشترط التعديلات أن يكون الحد الأدنى للإنتاج السنوي للشركات 10 آلاف سيارة، على ألا يقل إنتاج موديل واحد عن 5 آلاف سيارة بنسبة مكون محلي لا تقل عن 20%. أما في حالة السيارات الكهربائية، فيُشترط إنتاج 1000 سيارة في بداية البرنامج ترتفع تدريجيًا إلى 7000 سيارة، مع نسبة مكون محلي تبدأ من 10%، تتم مراجعتها سنويًا.

كما حدد البرنامج حدًا أقصى لسعر السيارة المشمولة بالحوافز بـ1,250,000 جنيه، وسعة محرك لا تتجاوز 1600 سم³، مع وضع سقف لقيمة الحافز عند 150 ألف جنيه للسيارة الواحدة، بما لا يتجاوز 30% من سعر السيارة عند باب المصنع. وأكد الوزير أن الدولة ستمنح حافزًا إضافيًا بقيمة 5000 جنيه لكل زيادة بنسبة 1% في المكون المحلي تتجاوز الحد المطلوب، خارج الحد الأقصى للحوافز.

أشار نائب وزير المالية للسياسات الضريبية، شريف الكيلاني، إلى أن الحوافز ستُصرف من خلال نظام المقاصة، بما يسمح بتسوية المستحقات الضريبية والجمركية للشركات، وتخفيف الأعباء المالية عنها، في خطوة تسهل الإجراءات وتعزز كفاءة التعامل مع الجهات الحكومية.

وتضمنت المناقشات أيضًا طرح عدد من المطالب من جانب ممثلي مصنعي السيارات والصناعات المغذية، أبرزها ضرورة إيجاد موردين محليين لخامات الصاج والألواح المعدنية المستخدمة في تصنيع هياكل السيارات، بدلًا من الاعتماد على الاستيراد. واستجابة لذلك، أعلن الوزير عن تنظيم “معرض سلبي” قريبًا بمشاركة مجانية لشركات تصنيع الهياكل والموردين، لخلق تواصل مباشر بينهم، خاصة في ظل التوسع المرتقب في صناعة السيارات الكهربائية.

كما طالب ممثلو الشركات بإعادة النظر في الرسوم الجمركية على مكونات السيارات الكهربائية المصنعة محليًا، مقارنة بالسيارات الكهربائية المستوردة الجاهزة التي تدخل البلاد دون رسوم. وأكد المسؤولون أن هذه التوصيات محل دراسة من قبل وزارتي المالية والاستثمار بهدف إرساء بيئة منافسة عادلة وتحقيق التوازن بين المحلي والمستورد.

من جانبه، شدد وزير الاستثمار والتجارة الخارجية المهندس حسن الخطيب على أن التعديلات الجديدة للبرنامج تُرسّخ هدف الدولة في بناء صناعة سيارات “حقيقية”، مستندة إلى التجارب الإقليمية الناجحة، ومُستفيدة من البنية التحتية الصناعية القوية التي تتمتع بها مصر، موضحًا أن البرنامج يشمل كذلك حوافز لتشجيع الشركات المُصدّرة، عبر احتساب الحوافز على إجمالي الإنتاج سواء الموجه للسوق المحلي أو الخارجي، بما يسهم في دعم التنافسية الدولية للسيارات المصرية.

الاجتماع مثّل رسالة واضحة بأن الدولة جادة في دعم صناعة السيارات الوطنية وتحويل مصر إلى مركز إقليمي لتصنيع وتصدير السيارات، خاصة في ظل ما تشهده الأسواق العالمية من تحول نحو السيارات الكهربائية والطاقة النظيفة. ومن المنتظر أن تُمثل التعديلات الجديدة نقطة انطلاق حقيقية لمرحلة أكثر تطورًا في الصناعة، من خلال شراكة فاعلة بين الحكومة والقطاع الخاص.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *