عقد رئيس الوزراء مصطفى مدبولي اجتماعا مع عدد من الوزراء والمسؤولين، بهدف التنسيق بين الوزارات والجهات المعنية لتوفير السلع المختلفة وضبط الأسواق، قبل حلول شهر رمضان.
حضر الاجتماع وزير التموين على المصيلحي، ووزيرة التخطيط، الدكتورة هالة السعيد، ووزير التجارة أحمد سمير، ورئيس جهاز حماية المستهلك، إبراهيم السجيني، ورئيس جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، محمود ممتاز، ووكيل مباحث التموين بوزارة الداخلية، اللواء طارق شرابي، وآخرون.
انفراجة في الأسعار
الاجتماع تطرق إلى ما شهدته الأسواق خلال الأيام الماضية من ارتفاع في أسعار عدد من السلع والمنتجات، حيث تمت الإشارة إلى أن الفترة القادمة ستشهد انخفاضا في تلك الأسعار، واستقرارا وتوازنا في الأسواق، بالنظر لانخفاض سعر الدولار حاليا بالأسواق الموازية.
واستعرض المجتمعون ما يتم اتخاذه من خطوات وإجراءات لتوفير المزيد من العملة الصعبة المطلوبة، ومن ذلك ما تبذله الحكومة من جهود مستمرة لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة لعدد كبير من القطاعات، بجانب الخطوات الخاصة بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي، وهو ما من شأنه الإسهام في توفير السلع والمنتجات بكميات وأسعار مناسبة، تلبية لاحتياجات المواطنين، مع تحقيق المزيد من الاستقرار والتوازن للسوق المحلية.
وفى هذا الإطار، تمت الإشارة إلى أنه مع انخفاض أسعار العملة الصعبة في السوق السوداء، انخفضت أسعار بعض المنتجات، ومن بين هذه المنتجات الحديد، الذي تم الإعلان عن حدوث انخفاض في أسعار بيعه إثر انخفاض العملة الأجنبية بالأسواق الموازية، بحسب ما صرّح المستشار محمد الحمصاني، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الوزراء.
وأوضح الحمصاني أن الاجتماع ناقش عددا من التحديات التي ظهرت خلال تطبيق القرارات الأخيرة التي أصدرها رئيس الوزراء، ووزير التموين بشأن تحديد عدد من السلع الاستراتيجية، وتم التوجيه بالعمل على حل هذه المشكلات بالتنسيق بين الجهات المعنية، بما يسهم في توافر هذه السلع بالأسواق.
واستعرض الاجتماع جهود توفير المواد الخام ومستلزمات الإنتاج الخاصة بعدد من السلع والمنتجات، لإتاحة رصيد احتياطي منها، خاصة مع اقتراب شهر رمضان، إذ اطّلع رئيس الوزراء على الإجراءات والخطوات المتخذة من قِبَل الجهات المعنية، لتوفير السلع في الأسواق بالكميات والأسعار المناسبة، وفقا للمتحدث.
وتجري الاستعدادات على قدمٍ وساق لاستقبال شهر رمضان، وتتواصل جهود تفعيل مبادرة “كلنا واحد”، و”أهلا رمضان”، وغيرهما من المبادرات، بالتعاون والتنسيق مع عدد كبير من السلاسل التجارية والمنتجين، لضخ كميات كبيرة من السلع والمنتجات إلى جانب جهود التوسع في إقامة المزيد من المنافذ الثابتة والمتحركة على مستوى الجمهورية لبيع السلع والمنتجات المختلفة تلبية لاحتياجات المواطنين، وفقا للمتحدث.
وأكد المجتمعون أهمية استمرار جهود دعم قطاع الصناعة، وتوفير الخامات المطلوبة لمختلف عملياته، بما يسهم في زيادة حجم المعروض من السلع والمنتجات، وهو ما ينعكس بدوره على توافر السلع وتوازن أسعارها، استقراراً للسوق. كما شددوا في الوقت نفسه على أهمية زيادة حجم شبكات التوزيع لمختلف السلع والمنتجات في أنحاء البلاد، ومواصلة جهود رفع كفاءة هذه الشبكات، وصولا لتوفير السلع للمواطنين في ربوع الدولة.
ضخ نقد أجنبي
وخلال الاجتماع، أشار رئيس الوزراء إلى ما تتخذه الدولة حاليا من إجراءات من شأنها أن تسهم في ضخ سيولة نقدية أجنبية كبيرة، ما سيسهم في حل كثير من المشكلات التي ظهرت كنتيجة لهذا التحدي، وأهمها نقص وارتفاع أسعار بعض السلع والمنتجات، بحسب ما صرّح المستشار محمد الحمصاني، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الوزراء.
وقال الحمصاني لبرنامج تلفزيوني إن الدولة تبذل قصارى جهدها لضخ العملة الأجنبية في السوق من خلال عدة مسارات، أهمها زيادة جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتعظيم الاستفادة من الموارد الأجنبية المتاحة من مصادر السياحة وقناة السويس، مؤكدا أن المفاوضات مع صندوق النقد الدولي لا تزال جارية، معربًا عن تفاؤله بإمكانية التوصل إلى اتفاق خلال الفترة القليلة المقبلة.
وأشار إلى أن شركات المواد الغذائية بدأت في تطبيق قرار مجلس الوزراء الخاص بتدوين الحد الأقصى لسعر البيع على السلع ابتداء من شهر مارس المقبل، لافتًا إلى إنشاء مجلس الوزراء منظومة رقمية متكاملة لمراقبة توفّر السلع وأسعارها بالأسواق؛ بهدف تجنب حدوث الأزمات ونقص السلع بالأسواق.
وأشار إلى إلزام الشركات بإخطار وزارة التموين والأمانة الفنية بمجلس الوزراء بأي تغيير مستقبلي في أسعار الحد الأقصى لسعر البيع النهائي للمستهلك، مع إرفاق المستندات التي تبرر تغيير السعر، وذلك للحد من التقلبات السعرية.
ارتباك السوق السوداء
يأتي ذلك بينما استقر سعر الدولار في السوق الموازية بعد انخفاض حاد في سعره ليصل إلى نحو 54 و55 جنيها مسجلا تراجعا بنحو 18 جنيها، بما ساهم في تقليص الفجوة بين السعرين الرسمي والموازي، بحسب ما أوضح متعاملون في السوق السوداء للبورصجية.
وجاء انخفاض سعر الدولار بشكل متوالٍ بعد قرار البنك المركزي برفع سعر الفائدة 2% يوم الخميس الماضي، وهو ما فسره بعض الخبراء من المصرفيين والمحللين بأنه تمهيد لعودة المركزي إلى مرونة سعر الصرف وفق الاتفاق المبرم مع صندوق النقد الدولي والذي يمول برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري بقرض بقيمة 3 مليارات دولار.
كما ترددت أنباء عن وجود مفاوضات بين مصر ومستثمرين إماراتيين لشراء أرض في مدينة الحكمة بقيمة قد تصل إلى نحو 22.5 مليار دولار، ما أدى إلى تعميق مخاوف المضاربين من تكبدهم خسائر طائلة في حال وفرة النقد الأجنبي بالبنوك بما أدى إلى إحجامهم عن الشراء.
اقرأ أيضًا: “رأس الحكمة ” تهز السوق السوداء.. لماذا تأخر الإعلان الرسمي عن الصفقة المزعومة؟
وتشهد الدولة أزمة حادة بسبب شح العملة الصعبة في خزائنها، وهي أزمة بدأت مع سحب أكثر من 20 مليار دولار من الأموال الساخنة من النظام المصرفي، إبان اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا في فبراير من عام 2022، فضلاً عن ارتفاع الدين الخارجي إلى 164,522 مليار دولار بنهاية الربع الثالث من العام الماضي.
ويتوجب على مصر سداد ديون وفوائد ديون قيمتها 32.79 مليار دولار خلال عام 2024، فيما كان وزير المالية محمد معيط، قد أعلن في سبتمبر الماضي أن الدولة قد سددت نحو 52 مليار دولار ديوناً وفوائد ديون بين عامي 2021 و2023.
وامتدت السوق الموازية إلى خارج حدود البلاد، حيث تجمع أموال العاملين في الخارج بالعملة الأجنبية، ثم يقوم عناصرها بتسليم المقابل بالجنيه لذويهم في مصر، وفي الغالب يتم توجيه النقد الأجنبي إلى المستوردين الذين لا يترددون في شرائه بأعلى سعر لإتمام عمليات الاستيراد التي تشهد تعقيدا كبيرا في مصر منذ نحو 15 شهرا بسبب أزمة الدولار في البنوك.
اقرأ أيضًا: هكذا تدار السوق السوداء… كيف يتخفى أشباح العملة من البنك المركزي؟
وتسبب هذه العمليات التي تتم خارج النظام المصرفي في تراجع تحويلات المصريين العاملين بالخارج بشكل ملحوظ منذ نحو عام، وبحسب بيانات البنك المركزي المصري فإن التحويلات الرسمية المصرية هبطت خلال الربع الأول من العام المالي 2024/2023 لتصل إلى 4.523 مليار دولار بنسبة 29.22 في المئة على أساس سنوي، مقارنة بالفترة نفسها من العام المالي 2023/2022، الذي سجلت خلاله التحويلات نحو 6.391 مليار دولار.