تجارة وصناعة

«مبادلة الديون».. الخروج الآمن من الالتزامات إلى الاستثمارات

تواصل الحكومة تنفيذ استراتيجية متكاملة لإدارة الدين الخارجي، تستهدف إبقاءه داخل حدود آمنة كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، بما يضمن حماية المالية العامة للدولة وتعظيم العائد من الاقتراض، إلى جانب تحسين كفاءة إدارة الموازنة العامة، وذلك في إطار رؤية شاملة لتعزيز الاستدامة المالية وتقليل الأعباء المستقبلية.

وفي هذا السياق، تأتي مبادلة الديون باستثمارات مباشرة على رأس أولويات الحكومة للسيطرة على مستويات الدين الخارجي، باعتبارها بديلًا أكثر كفاءة عن القروض التقليدية مرتفعة الفائدة، حيث تتيح خفض أعباء المديونية وتحويل التزامات مالية إلى استثمارات حقيقية تدعم النمو الاقتصادي.

وقال الدكتور مدحت الشريف، استشاري الاقتصاد السياسي: إن مبادلة الديون تُعد إحدى الآليات المتبعة عالميًا لدى الدول المدينة لسداد التزاماتها، من خلال تحويل جزء من الديون إلى أصول أو استثمارات، موضحًا أن هذه الأصول قد تشمل شركات قائمة أو أراضي، على غرار صفقة “رأس الحكمة”، التي أسهمت في سداد جزء من الديون الخارجية.

وأضاف الشريف، في تصريحات خاصة لـ”البورصجية”: أن من الأفضل للحكومة التركيز على تعظيم قيمة الأصول من خلال إقامة مشروعات جديدة بالشراكة مع الدائنين، باعتبارها صيغة أكثر عدالة للطرفين، أو توجيه الاستثمارات نحو مشروعات قائمة بهدف التوسع في خطوط الإنتاج، ونقل التكنولوجيا المتقدمة، واكتساب الخبرات التصنيعية، بما يحقق قيمة مضافة للاقتصاد الوطني.

وفي هذا الإطار، شدد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، على أهمية وضع معايير ومحددات واضحة لاستراتيجية مبادلة الديون، بما يضمن أعلى درجات الشفافية، مؤكدًا ضرورة الاستعانة بلجان متخصصة وخبراء اقتصاديين، والاستفادة من التجارب الدولية السابقة، حفاظًا على حقوق الأجيال القادمة وضمان الاستخدام الأمثل لأصول الدولة.

ووفقًا لبيانات حكومية، ارتفع حجم الدين الخارجي بنحو 6 مليارات دولار منذ بداية عام 2025، ليصل إلى 161.2 مليار دولار بنهاية الربع الثاني من العام، مقارنة بنحو 155.1 مليار دولار في الربع الرابع من عام 2024، وذلك نتيجة لتغيرات محاسبية مرتبطة بتحركات أسعار الصرف وفروق العملة.

وتتبنى الحكومة استراتيجية شاملة لتعزيز الانضباط المالي وتحسين هيكل المديونية، من خلال برنامج إصلاح اقتصادي يستهدف تحقيق معدلات نمو للناتج المحلي الإجمالي تفوق معدلات نمو الدين، بما يعزز قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها وسداد الدين الخارجي بشكل مستدام.

وفي هذا الإطار، حددت لجنة الدين مستهدفات واضحة تشمل حجم الاقتراض وآليات خفض الدين الخارجي، مع التوجه لخفض قيمته بمعدل متوسط يبلغ نحو ملياري دولار سنويًا.

ويتوزع هيكل الدين الخارجي لمصر على عدة جهات، حيث تتحمل وزارة المالية نحو 78 مليار دولار، بما يعادل قرابة نصف إجمالي الدين الخارجي، في حين يتحمل البنك المركزي الجزء المتبقي، والذي تمثل غالبيته ودائع من دول شقيقة، لا تشكل عبئًا فوريًا على الاحتياطي النقدي الأجنبي.

وتستهدف الحكومة خفض نسبة الدين الخارجي إلى أقل من 40% من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية العام الجاري، مقارنة بنحو 44% حاليًا، في ظل توقعات صندوق النقد الدولي بتراجع هذه النسبة إلى نحو 34% بحلول عام 2030.

وكشف تقرير الوضع الخارجي الصادر عن البنك المركزي، أن الدولة سددت نحو 30.1 مليار دولار كخدمة دين خلال الأشهر التسعة الأولى من السنة المالية الماضية 2024–2025، بالتزامن مع سداد 3.4 مليار دولار، إلى جانب تحويل التزامات قائمة بقيمة 11 مليار دولار إلى استثمارات مباشرة طويلة الأجل، وفقًا لما أكده الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *