رياضة

قصة ابنة المدرب إنريكي…حكاية حب وألم غيرت مسار حياة المدرب الإسباني

في عالم كرة القدم المليء بالأضواء والنجاحات، قليلًا ما نرى ما يجري خلف الكواليس من معاناة إنسانية تؤثر في قرارات وأرواح من يقفون على خط التماس. إحدى القصص التي هزّت الوسط الرياضي والإنساني على حد سواء، هي قصة وفاة “زانا”، ابنة المدرب الإسباني لويس إنريكي، والتي غيّرت حياته إلى الأبد.

بداية الحكاية

في عام 2019، وبينما كان لويس إنريكي يقود المنتخب الإسباني لكرة القدم، أعلن فجأة عن استقالته من منصبه لأسباب شخصية. لم يُفصح في البداية عن الأسباب، ما فتح الباب أمام التكهنات. لكن الحقيقة كانت أعمق وأشدّ ألمًا مما تخيّل كثيرون: ابنته الصغيرة زانا، ذات الأعوام التسعة، كانت تصارع نوعًا نادرًا وخبيثًا من سرطان العظام يُعرف باسم “ورم إيوينغ” .

كفاح أبوي وصمت حزين

طوال فترة مرضها، اختار إنريكي الابتعاد عن الأضواء ليرافق طفلته في معركتها مع المرض. كان صامتًا في الإعلام، لكنه حاضر بكل جوارحه إلى جانب زانا. في 29 أغسطس 2019، أعلن خبر وفاتها عبر بيان مؤلم قال فيه:

“ابنتنا زانا توفيت هذا المساء بعد صراع استمر خمسة أشهر مع ورم عظمي خبيث… سنفتقدك كثيرًا ولكننا سنتذكرك كل يوم من حياتنا”

هذه الكلمات البسيطة عبّرت عن ألم أبٍ مكسور، وخسارة لا تُعوّض.

ما بعد الحزن

عاد إنريكي لتدريب المنتخب الإسباني في وقت لاحق من العام، لكنّه لم يكن كما كان من قبل. بدا أكثر نضجًا، أكثر هدوءًا، وأشدّ ارتباطًا بالقيم الإنسانية التي تعلو على الرياضة. أصبح مصدر إلهام للكثيرين ليس فقط كمدرب، بل كأب قدّم درسًا في الأولويات والوفاء والحب غير المشروط.

أثارت قصة زانا تعاطفًا واسعًا في العالم، وتحوّلت إلى رمز للألم الصامت الذي يمرّ به كثير من الأهالي وهم يشاهدون أطفالهم يصارعون أمراضًا قاسية. كما ألقت الضوء على مرض نادر لا يحظى بالكثير من التغطية، مما ساعد في رفع الوعي به.

العودة… ومشهد لا يُنسى في باريس

بعد سنوات من الغياب الجزئي، عاد لويس إنريكي لقيادة فرق كبرى، حتى وصل في 2024 لتدريب باريس سان جيرمان. و بالأمس ، قاد الفريق إلى نهائي دوري أبطال أوروبا أمام إنتر ميلان .

قبل اللقاء، تحدث إنريكي لوسائل الإعلام قائلًا:

“إن حققت البطولة، أتمنى فقط أن أحتفل بها كما احتفلت يومًا مع ابنتي… أعلم أنها ليست هنا جسديًا، لكنها لا تفارقني لحظة.”

و بعد فوز باريس سان جيرمان بالنهائي، لحظة التتويج حملت ما هو أعمق من الإنجاز الكروي. فقد رفع جمهور النادي الباريسي لوحة فنية مؤثرة، تجسّد لويس إنريكي يحتفل مع “زانا” مجددًا، لكنها هذه المرة ترتدي قميص باريس وتحمل الرقم 8، تمامًا كما كانت تفعل مع برشلونة.

إنريكي، الذي لمح اللوحة من المدرجات، لم يتمالك نفسه، وأجهش بالبكاء على منصة التتويج، في مشهد التقطته عدسات العالم، وسجّله التاريخ ضمن اللحظات النادرة التي تتجاوز الرياضة لتلامس جوهر الإنسانية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *