كان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين حديث العالم في الأيام الماضي حيث أصبح أطول زعماء روسيا بقاءًا في المنصب، بعد فوزه بولاية رئاسية خامسة واكتساحه نتيجة الانتخابات الروسية بنحو 87.29% من أصوات الناخبين.
وعزز بوتين قبضته على الحكم لأكثر من ربع قرن، كما أنه أعاد للبلاد هيبتها في محيطها الإقليمي والدولي وتمكن من احتواء أزمة العقوبات المفروضة على موسكو منذ 2014، وأصبح اقتصاد بلاده الخامس عالميًا والأول أوروبيًا من حيث الناتج المحلي الإجمالي والقدرة الشرائية.
وأشار الخبراء والمحللون إلى أن بوتين حقق استقرارًا اقتصاديًا لروسيا، رغم تداعيات الحرب في أوكرانيا التي بدأت منذ عامين، حيث نجحت موسكو بشكل كبير في التصدي لتأثير العقوبات التي فُرضت عليها في مختلف القطاعات بداءًا من الطاقة إلى الزراعة والتصنيع العسكري حتى النقل الجوي.
وكان قد واجه الاقتصاد الروسي أكبر حزمة عقوبات في التاريخ، وفُرضت عليه قيودًا لم تفرض على أحدًا من قبل، حيث تجاوزت 19200 عقوبة، في مقدمتها عقوبات أمريكية وكندية وسويسرية ودول الاتحاد الأوروبي، كما وصلت حزم العقوبات المفروضة على روسيا 12 حزمة عقوبات، ولكنها تمكنت من تخطي هذه الصعاب.
وحقق الاقتصاد الروسي نموًا هذا العام بنسبة تصل إلى 2.6 %، بعدما نما بنحو 3 % العام الماضي، ولم يتجاوز التضخم 7 % على أساس سنوي، وتسببت هذه النتائج في دعم موقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الانتخابات الرئاسية.
وكانت قد نجحت روسيا على مدار السنوات الماضية في تعزيز اقتصادها من خلال مجموعة من الإجراءات الاستباقية التي خففت من وطأة وتأثير العقوبات بعد الحرب في أوكرانيا. بالاضافة إلى السياسات المالية والنقدية التي اتبعتها منذ بداية الحرب.
وتمكنت روسيا من تنويع العلاقات الاقتصادية مع الدول الأخرى بعدما تم فرض عقوبات عليها في 2014، ومن أبرزها الصين، كما بذلت موسكو الكثير من الجهود لاقامة الاتصالات الاقتصادية والتجارية مع الدول الشرقية والجنوبية بما في ذلك الدول العربية والإفريقية، وهو ما مكنها من إيجاد مستهلكين جدد للبضائع الروسية ولذلك صمد النظام الاقتصادي.
وسجل حجم التبادلات التجارية مع الدول الأخرى أرقامًا قياسية مع الهند وتركيا وإيران ودول في أميركا اللاتينية بما فيها البرازيل، ودول جنوب شرق آسيا والدول العربية.
ومن المعروف أن العالم يشهد تحولات اقتصادية كبرى منذ حرب أوكرانيا وعقوباتها على روسيا، والتي تسببت في ارتفاع أسعار النفط إلى مستويات تجاوزت الـ 100 دولار للبرميل، كما أدت الى ارتفاع أسعار الغاز.
هذا بالنسبة لخطة بوتين للمواجهة العقوبات الدولية من قبل الغرب، أما بالنسبة لخطته المستقبلية، فيمتلك بوتين برنامجًا واضحًا لمواجهة الفقر وتقليص نسبة الفقراء في البلاد إلى أقل من 7 % بحلول عام 2030.
ويهدف بوتين أيضًا إلى رفع الحد الأدنى للأجور بنسبة 40 % حتى عام 2030 بالاضافة إلى شطب ديون الأقاليم ودعم ميزانياتها وتجهيز بنيتها التحتية؛ مما يساهم في دعم السيادة وحماية الاقتصاد الروسي.
وفي مقابلة لبوتين في فبراير الماضي، تحدث فيها الدب الروسي عن طموحه لتشكيل عالم مختلف من الناحية الاقتصادية ينهي الهيمنة الأمريكية على الاقتصاد العالمي، ويجعل روسيا شريكة في اللعبة الاقتصادية على المستوى الدولي.
كما أنه أوضح أن وتيرة وجودة النمو الاقتصادي في روسيا يعطي أملًا كبيرًا، كما يؤكد على قدرة موسكو على اتخاذ خطوات أخرى للأمام في المستقبل القريب.
وعلى الجانب الأخر، من المقرر أن تستضيف روسيا القمة السنوية لمجموعة “بريكس” التي تضم الاقتصادات النامية الكبرى مثل البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، وانضم إليها مؤخرًا مصر وإيران والإمارات وإثيوبيا.