الأرقام والاحصائيات في حياتنا تلعب دائما دورا مهما في تحديد المصير والاتجاهات، عند رجال الأعمال تعني المكسب والخسارة، وفي الجيوش تعني العدة والعتاد، وفي الشعوب تعني الكثرة والقوة والنجدة والعزة والعيش بأمان.
سامي أبو العز يكتب: ثورة الأطفال في مواجهة الاحتلال
مقدمة لا غنى عنها في الصراع العربي الإسرائيلي الذي امتد 76 عاما حتى الآن، ولا يعلم أحد إلا الله كم سيمتد وإن كانت المؤشرات لا تبشر بالخير ولكننا سنتفاءل بالخير لعل الله يجبرنا ونجده في أخر دروب الصبر والهوان.
ووفقا لأرقام العام الجاري 2023 فقد بلغ عدد سكان الوطن العربي 456 مليون نسمة موزعين على 22 دولة عربية – تسد عين الشمس- يمتلكون جيوشا وثروات فوق الأرض وتحت الأرض لو اجتمعت لغيرت موازين القوة في العالم.
الدولة الفلسطينية المحتلة التي تنزف منذ أكثر من 7 عقود دما لا يتوقف لتسجل أكبر نهر دم يجري على مستوى العالم، والتي ترُتكب على أرضها كل جرائم الحرب وتُخترق كل القوانين السماوية والوضعية، بسبب سرطان إسرائيلي محتل غاصب ينخر في عظام الوطن العربي، يشتت جمعه، ويبث الفتنة ويحول المنطقة المستقرة إلى نزاعات وصراعات لا تنتهي.
عدد سكان العدو النازح مغتصب الأرض الفلسطينية 9.73 مليون نسمة منهم 73.5% يهود نازحون من مختلف الجنسيات بعدد يقدر بـ7.145 مليون نسمة، و21% عربا يصنفون تحت عنوان من دين أخر، والنسبة الباقية 5.5% وتقدر بـ534000 شخص يصنفون على أنهم آخرون.
في المقابل الفلسطينيين أصحاب الأرض الأصليين والذين يتعرضون بصفة مستمرة لمذابح اليهود ومحارقهم وجرائم الحرب التي يرتكبها النازيون على مدى سنوات طويلة، بلغ عدد شهدائهم فقط خلال الـ34 يوما الماضية منذ اندلاع عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر الماضي ما يقارب 10 آلاف و500 شهيد وآلاف المصابين، فقد كشفت الاحصائيات أن عدد الفلسطينيين حتى الآن الناجون من مذابح العقود السوداء بلغ 5.48 مليون نسمة، منهم 3.25 مليون يسكنون الضفة الغربية، بالإضافة إلى 2.23 مليون يعيشون في قطاع غزة.
الأرقام ببساطة تعني أن هناك 456 مليون عربي يجمعهم الدين واللغة والدم والجوار والنسب، في مقابل عدو محتل غاشم قوامه شعبا وجيشا 9.73 مليون نسمة!!
نترك لكم الأرقام لتحليل مضمونها لأنها في النهاية كارثة، فهذه الملايين العربية تفوق بعض دولها عسكريا على إسرائيل، بل واقتصاديا بمراحل، ولو اجتمعت هذه الدول على رأي وكلمة وموقف لكانت ودون حرب قوة ردع يشار لها بالبنان، وحفظت لوطننا حدوده، ولأشقائنا أرضهم وعرضهم وأرواحهم.
باختصار.. الأرقام لا تكذب ولا تتجمل، وإنما يتجمل أولئك الذين يتنفسون كذبا، ويعلنون عكس ما يبطنون، ويقولون ما لا يفعلون، ولائهم لعدوهم، وخيرهم لغيرهم وأوطانهم رمزا فقط، فهم يحكمون ولا يملكون، لأنهم ببساطة سلموا مقدراتهم لأيدي من لا يخاف الله ولا يرحمهم.
اليوم ملايين العرب على موعد مع القدر لعل الله يكون قد استجاب لدعوة أحدهم، أو لدعوة واحد من 2 مليار مسلم حول العالم، ليكشف الله الغمة عن إخواننا في غزة مدينة الموت التي تحمل رائحة المسك من دماء الشهداء الذين ارتقت أرواحهم للسماء تشكو لرب العالمين الضعف والهوان الذي أصاب أمة أخر الزمان.
قلوب العرب والمسلمين جميعا متعلقة بالعاصمة السعودية الرياض ترقبا لقرارات القمة الطارئة بشأن غزة، بحضور رؤساء وملوك وشيوخ الأمة العربية.. آملين أن يؤلف الله قلوبهم على كلمة سواء، وأن يتركوا النزاعات والتناحر ويستحضرون النخوة العربية وأرواح المعتصم وصلاح الدين، ونخوة الإسلام وشجاعة العرب لتكون البداية قوية مدوية عبر قرارات ثورية تحفظ للأمة كرامتها وهيبتها وتعيد لها أمجادها، فما أقسي أن نحيا على أطلال وطن ننشد الذكريات وأمجاد الأولين.