مصر

سامي أبو العز يكتب: الكل بيشتكي.. والبيوت أسرار

أحاديث الغلا والحوجة تقطع القلب وتزلزل الكيان، والفقر على وشوش الناس وريحة الجوع والبطون الفارغة بتخرج من أفواههم وتبين مدى المعاناة وضيق اليد والخوف والفزع من بكرة، والقلق على مستقبل ولادهم ومصير الأجيال.

حكاية الشرق مع الفقر قديمة مش جديدة، لكن المختلف فيها عن زمان أنه طال كل الناس والشكوى جماعية، بعدما كانت من الغلابة وسكان «الترسو» وسعت الدايرة وطالت كل الفئات، الموظف والعامل والفلاح، الكل بيشتكي.. والبيوت أسرار.

عمنا بيرم التونسي صرخ بعلو صوته من زمان وقال إن الفقر موجود في كل مكان، وأن المواطن المصري بيصرخ طول عمره وبيشتكي من ارتفاع الأسعار وجشع التجار، ورصد في قصيدته «أعوذ بالله» حال التدهور في رغيف الخبز وعيش الفقراء.

«يادي الغلاء ياللي ورانا بالخرزانة.. والمقرعة لما هرانا وبقينا حمير».

وقال في قصيدته «الغش والغلا»

«الأكل والشرب في إيد اللومنجية.. والطمعين اللي غلوا الملح والمية

والغشاشين اللي فاقوا على الحرمية.. الشاي بالمفتشر مخلوط ملوخية

تعيين الصورة البارزة للمقالة

والبن فيه الشعير تسعين في الميه.. والميه والعيش برمله وطينه يا ملوخليه

واللحم معروض بدون أختام رسمية.. والميه هيه اللبن ولا اللبن هيه

أفاعي متسيبة من غير رفاعية.. ودنيا مترتبة ترتيب فلاتيه».

المصريون والغلاء صراع مستمر لا ينفك أبدا وبات بين أغلبهم وبين الفقر عشرة، ولأن الشعب بطبعه عشري فقد تكيف مع الوضع منذ عشرات السنين وتغلب عليه في كل العصور حتى بالعيش الحاف منذ تسويته على الشمس مرورا بالفرن البلدي حتى الأفرنجي، لكن وزنه كان يسد الجوع ويسد عين الشمس، أما حاله الآن فإنه يحتاج إلى نظارة معظمة بعدما صار لقيمات في كف اليد لا تكفي لتسليك الزور.

الناس قلقانه رمضان على الأبواب، وطبعا سوف تختفي للمرة الأولي موائد «المحمر والمشمر» والعزومات ويبقى كرم رمضان وبركته في الحسنات والصيام كفريضة يؤديها في الأساس صائمون ويبقى صيام جوه صيام زيادة في التأكيد والأمان.

إنما حكاية أفطر معانا ورمضان كريم ولمة الأهل والعيلة والأصدقاء، فهذه حكايات نقدر نحكيها لولادنا من باب حكايات عن خير زمان وكان يما كان واهي فرصة ينام على سردها الأطفال وعجبي على غدر الزمان.

زمان كان الجنيه عنصر أمان وله قيمته الكبيرة بين الأوطان، كان وزنه ذهب وبيعدل الحال الميلان، لكنه مال وجارت عليه الأيام وضاعت قيمته وهيبته وبقى غلبان، كل البضايع اتمردت عليه ومن الأخر بقى كحيان يادوب يجبل قرص طعمية حجمها عقلة صباع.

عموما رب ضارة نافعة، الغلا له فوائد وقلة الأكل كمان ياما ناس بتشتكي من السمنة وزيادة الأوزان وفشل معاهم الأطبه في الخسسان، جت لهم فرصة يتمناها كل تعبان من غير قرص دوا ولا وصفة بلدي كمان، محرومين بالعافية من اللحوم والأسماك والألبان وإذا جالك الغصب خليه بجميله وأنت الكسبان.

المشكلة في الهياكل البشرية اللي رجليها بتدي للأرض تمام خطر عليهم الخسسان، لأنهم هياكل عظمية بتتسند على الجدران وبعد شوية البطن والضهر هيبقوا سيان وعجبي عليك يا زمان.

samyalez@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *