
انطلق رسميًا خط الشحن البحري “الرورو” بين ميناء دمياط وميناء تريستا الإيطالي في 28 نوفمبر الماضي، في خطوة استراتيجية لتعزيز الصادرات المصرية وتوسيع النفاذ إلى الأسواق الأوروبية، ليشكل ممرًا لوجستيًا أخضر ومباشرًا بين مصر وإيطاليا، ومنها إلى أوروبا.
ويُعد الخط الملاحي الجديد نقلة نوعية في حركة نقل الحاصلات الزراعية والمنتجات سريعة التلف، حيث يوفر وسيلة فعّالة وآمنة عبر شاحنات مبردة وجافة تضمن سرعة الوصول وجودة الشحن، بما يسهم في تقليل التكاليف والوقت وتعزيز تنافسية المنتج المصري.
وقد حظي الخط بدعم حكومي كبير، حيث تم تخفيض رسوم الرحلة من 26,050 دولارًا إلى 3,250 دولارًا بنسبة خصم تصل إلى 88%، مع تخصيص مساحة 35 ألف متر مربع داخل ميناء دمياط للمشروع، إلى جانب توفير كافة الخدمات اللوجستية، وتقديم خطاب ضمان حكومي من هيئة الميناء لصالح الجمارك المصرية، وتوفير جهاز (X-Ray) لفحص الحاويات.
تم تطوير تطبيقات إلكترونية متقدمة للتكامل مع منصة ميناء تريستا، تسمح بتبادل بيانات الشحن والمستندات الرسمية مثل شهادات الصحة وسلامة الغذاء، مع توظيف تكنولوجيا (RFID) لمتابعة حالة الأختام الإلكترونية على الحاويات. كما تم تفعيل التعاون الجمركي المصري-الإيطالي من خلال اتفاقية توأمة جمركية ممولة من الاتحاد الأوروبي، واعتماد أقفال إلكترونية للحاويات المبردة مزودة بأجهزة إنذار لتتبع درجة الحرارة والرطوبة وضمان سلامة الشحنة.
ترافق تشغيل الخط مع انضمام مصر لاتفاقية فيينا 1968، مما سهّل معالجة مشكلات اللوحات المعدنية والرسوم الخاصة بالمركبات الأجنبية. وتم تخصيص وحدة من وزارة الداخلية داخل ميناء دمياط لتغيير اللوحات فورًا، وتخفيض رسوم الطرق المصرية من 300-350 دولارًا للتريلا إلى 100 دولار فقط. كما أُتيحت إمكانية بقاء السائقين على متن سفينة “الرورو” بعد التنسيق مع هيئة السلامة البحرية.
وفي إطار التكامل مع شبكة النقل الأوروبية، سيتم نقل البضائع المصرية الواصلة إلى تريستا مباشرة إلى روتردام عبر قطار مخصص، ومنه إلى هولندا، بلجيكا، وإنجلترا، مما يفتح آفاقًا جديدة أمام المنتج المصري في الأسواق الأوروبية الكبرى.
تُغادر السفينة ميناء تريستا كل خميس لتصل إلى دمياط في الثالثة عصرًا، وتُبحر مجددًا صباح الجمعة محمّلة بالبضائع المصرية لتصل إلى تريستا صباح الاثنين، قبل أن تعود مساءً إلى دمياط. هذا الانتظام الأسبوعي يُعزز موثوقية الخط وجاذبيته للمصدرين.
يتوقع أن يسهم المشروع في خلق أكثر من 2000 فرصة عمل للسائقين المصريين، إلى جانب وظائف مباشرة وغير مباشرة في شركات النقل، الشحن، والوكالات الملاحية، مما يعزز من دور دمياط كمركز لوجستي إقليمي يصل إفريقيا بأوروبا.
ويُعد خط “الرورو” بين دمياط وتريستا نموذجًا متقدمًا للتكامل بين البنية التحتية الحديثة، والدعم الحكومي، والتعاون الدولي، ليضع مصر بقوة على خريطة التجارة البحرية الأوروبية ويدفع عجلة الصادرات نحو آفاق أوسع.