اقتصاد

رؤوس الأموال بالبورصة «مرفوعة».. زيادات تتجاوز 50 مليار جنيه من 53 شركة خلال 10 أشهر

تشهد البورصة المصرية طفرة غير مسبوقة في زيادات رؤوس أموال الشركات خلال العام الجاري، حيث رفعت 53 شركة مقيدة بالبورصة رؤوس أموالها بإجمالي 50.2 مليار جنيه منذ بداية عام 2025 وحتى نهاية شهر أكتوبر الماضي، في مؤشر قوي على النشاط المتصاعد داخل السوق، ورغبة الشركات في تعزيز مراكزها المالية وتمويل خططها التوسعية.

وتنوعت الزيادات بين قطاعات البنوك والعقارات والصناعة والخدمات المالية والرعاية الصحية، وأظهرت المقارنة التاريخية أن حجم زيادات رؤوس الأموال في البورصة شهد مسارًا تصاعديًا خلال السنوات الأخيرة، حيث بلغت 23.7 مليار جنيه خلال عام 2024، مقارنة بنحو 30.5 مليار جنيه خلال عام 2023، و30.2 مليار جنيه خلال عام 2022، و20 مليار جنيه خلال عام 2021، و8.7 مليار جنيه خلال عام 2020، وهو ما يعكس عودة قوية لثقة المستثمرين في السوق المصرية وقدرتها على استقطاب رؤوس أموال جديدة.

ويأتي هذا النشاط في وقتٍ يواصل فيه الاقتصاد المصري تعافيه، بدعم من ارتفاع إيرادات السياحة التي قاربت 15.5 مليار دولار خلال الأشهر التسعة الأولى من 2025، مع توقعات بتجاوزها 20 مليار دولار بعد افتتاح المتحف المصري الكبير، إلى جانب تحسن تحويلات المصريين بالخارج التي ارتفعت بنسبة 49.7% خلال الشهور السبعة الأولي من العام لتصل إلى 23.2 مليار دولار مقابل نحو 15.5 مليار دولار خلال الفترة نفسها من العام السابق.

كما عادت إيرادات قناة السويس للارتفاع بعد هدوء التوترات الإقليمية، بالتوازي مع جهود الدولة لتحفيز الاستثمار المحلي والأجنبي.

كل تلك المؤشرات تؤكد تعافي الاقتصاد المصري وتنعكس إيجابًا على أداء الشركات وخططها التوسعية، وهو ما ينعكس بدوره على نشاط سوق المال المصري.

واستطلعت البورصجية آراء خبراء سوق المال حول فوائد زيادات رؤوس الأموال للشركات المقيدة ومدى تأثيرها على أداء السوق والمستثمرين

تمويل توسعات الشركات

قال إبراهيم النمر، رئيس قسم التحليل الفني بشركة النعيم لتداول الأوراق المالية، إن من الوظائف الأساسية للسوق المالية هي تمويل الشركات، موضحًا أن زيادة رأس المال تُعد وسيلة تمويل رئيسية تتيح للشركات تنفيذ توسعاتها وتعزيز مراكزها المالية دون اللجوء إلى الاقتراض.

وأوضح النمر أن الاستخدام الرشيد لحصيلة زيادة رأس المال في مشروعات استثمارية مربحة ينعكس إيجابًا على سعر السهم وربحية الشركة، مؤكدًا أن حُسن الإدارة في توظيف تلك الأموال يؤدي إلى تعظيم قيمة الشركة والعوائد للمستثمرين سواء عبر توزيعات الأرباح أو العوائد الرأسمالية.

وأضاف أن البعض قد ينظر إلى زيادات رؤوس الأموال، خاصة التي تتم من خلال الاكتتابات، بنظرة سلبية على المدى القصير، إلا أن الدور الحقيقي لهذه العمليات هو تمويل الشركات بتكلفة منخفضة مقارنة بالتمويل عبر الاقتراض، مما يجعلها أداة فعالة ومستدامة لدعم النمو الاقتصادي.

وأكد النمر أن زيادة رؤوس أموال الشركات المدرجة مفيدة للسوق بشكل غير مباشر، إذ تُسهم في تحسين إيرادات الشركات وأرباحها، وهو ما ينعكس في النهاية على أداء الأسهم وجاذبية السوق للمستثمرين.

مؤشر على الثقة واستدامة النمو

من جانبه، قال محمد حسن، العضو المنتدب لشركة ألفا لإدارة الاستثمارات المالية، إن زيادة رؤوس أموال الشركات المدرجة تُعد خطوة إيجابية ومفيدة للسوق لأنها ترفع من القيمة السوقية للشركات وللسوق ككل، كما تُسهم في جذب مستثمرين جدد وتحسين الثقة في الأداء العام للبورصة.

وأشار حسن إلى أن المخاوف من وجود مخالفات في بعض عمليات الزيادة تُعد حالات فردية محدودة، مؤكدًا أن الهيئة العامة للرقابة المالية تقوم بدور رقابي متكامل في كشف أي تلاعبات وضمان الشفافية والنزاهة داخل السوق.

تعزيز ربحية السهم

وقال مينا رفيق، مدير حسابات العملاء في شركة برايم لتداول الأوراق المالية، إن العديد من الشركات المقيدة في البورصة المصرية تتجه لإجراء عمليات توسعية في ظل النمو الاقتصادي الذي تشهده مصر بعد عملية الإصلاح الاقتصادي وتحسن المؤشرات الكلية.

وأضاف أن هذه التوسعات تهدف إلى زيادة القدرة الإنتاجية وتحسين الكفاءة التشغيلية، بالإضافة إلى الاستحواذ على شركات منافسة للحصول على حصة سوقية أكبر، الأمر الذي يجعلها تلجأ إلى زيادة رأس المال باعتبار أن القيد في البورصة يُعد أداة تمويلية فعالة دون تحمل أعباء الفوائد التمويلية.

وأوضح رفيق أن المستثمرين المساهمين في هذه الشركات يستفيدون من عمليات زيادة رأس المال التي تستهدف رفع الكفاءة التشغيلية أو التوسع الإنتاجي، لأنها تعود بالنفع على المدى المتوسط والطويل عبر تعظيم هوامش الربحية وزيادة ربحية السهم مستقبلًا، مشيرًا إلى أن الزيادات التي تتم بغرض سد الفجوات التمويلية أو سداد القروض تُسهم أيضًا في خفض التكاليف ورفع هوامش الربحية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *