شهد الأسبوع الجاري تحركات دراماتيكة في زيادة سعر الدولار مقابل الجنيه وعزوف البنك المركزي عن بيع أذون الخزانة وتخارج استثمارات أجنبية غير مباشرة بعد عودة البنوك للعمل بعد إجازة عيد الفطر، ليعكس رد فعل لزيادة المخاطر الجيوسياسة بالمنطقة بعد الخرب الروسية الأوكرانية، وفق ما رصده المتعاملون في السوق.
وارتفع سعر الدولار مقابل الجنيه بنحو جنيه خلال الأسبوع ليقارب نحو 49 جنيها، وفق بيانات سعر الصرف المنشورة على المواقع الإلكترونية.
وارتفع سعر الدولار من 30.94 جنيه إلى نحو 50 جنيها بعد قرار تحرير سعر الصرف قبل أن يهبط إلى نحو 46 جنيها، ثم يعاود الصعود والانخفاض بين 47 و49 جنيها وفق آلية العرض والطلب على العملة.
وقال عدد من رؤساء في بعض البنوك الخاصة، إن الأسبوع الجاري شهد السوق خروج استثمارات أجنبية غير مباشرة من أدوات الدين الحكومية لكن بشكل طفيف غير مقلق بسبب التوترات بالمنطقة بعد الهجوم الإيراني على إسرائيل.
وأوضحوا أن بيع بعض الأجانب استثماراتهم في أذون وسندات الخزانة أدى إلى زيادة سعر الدولار مقابل الجنيه بسبب ارتفاع الطلب على شراء الدولار وفق آلية سعر الصرف الحر التي يلتزم بها البنك المركزي.
وأضاف أحد رؤساء البنوك، أن خروج الأجانب على سعر دولار قوي بسبب زيادة الطلب يقلل من جنى الأرباح من فارق العملة، ويعكس أيضا مصداقية البنك المركزي في الحفاظ على سعر صرف مرن يتحرك صعود وانخفاضا وفق آلية العرض والطلب على العملة.
وعادة زيادة الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة تعزز من قوة العملة المحلية نتيجة زيادة الطلب على الاستثمار في الجنيه مقابل بيع الدولار ولكن قد تؤدي إلى وجود ضغط على العملة في حال خروجها بشكل مفاجئ بعد الحرب الروسية الأوكرانية.
وتسببت الحرب الروسية الأوكرانية في خروج استثمارات أجنبية غير مباشرة من مصر بنحو 22 مليار دولار خلال النصف الأول من 2022 بما أدي إلى وجود ضغط على العملة، وانتشار السوق السوداء لتجارة العملة وانخفاض عجز صافي الأصول الأجنبية للقطاع المصرفي المصري.
ورفض البنك المركزي بالنيابة عن وزارة المالية بيع المستهدف من أذون الخزانة لأول مرة منذ تحرير سعر الصرف- تعويم الجنيه- بسبب الضغوط المفاجئة من زيادة أسعار الفائدة المقدمة من المستثمرين التي وصلت إلى 35%، وكذلك وجود فائض من السيولة لدى المالية من العطاءات السابقة.
وباع البنك المركزي المصري في أول عطاء له بعد إجازة عيد الفطر أذون الخزانة أجل سنة (364 يوما) بنحو 14.4 مليار جنيه بأقل من المستهدف جمعه بقيمة 20 مليار جنيه، وسجل متوسط سعر فائدة 25.93% بزيادة 20 نقطة عن العطاء السابق.
وبسبب ضغوط الفائدة رفض المركزي أغلب طلبات المستثمرين لشراء أذون خزانة أجل 6 أشهر (182 يوما) ليكتفي بقبول نحو 761.4 مليون جنيه من أصل مستهدف جمعه بنحو 30 مليار جنيه.
وارتفع متوسط سعر الفائدة على أذون 6 أشهر إلى 25.98% بزيادة 40 نقطة عن العطاء السابق.
وأذون الخزانة تعد من أحد الأدوات المالية في يد وزارة المالية لجمع سيولة تساعدها على سد مصروفاتها بسبب عجز الموازنة.
ورفع البنك البنك المركزي سعر الفائدة 6% دفعة واحدة في اجتماع استثنائي للجنة السياسة النقدية ليصل إلى مستوى قياسي 27.25% للإيداع و27.25% للإقراض بهدف امتصاص الضغوط التضخمية من تراجع قيمة الجنيه.
وتكثيف وزارة المالية خلال الشهر الأول من تحرير سعر الصرف من شراء أذون الخزانة بأضعاف المستهدف بعد العودة القوية للمستثمرين الأجانب ساعدها على الاحتفاظ بمعدلات سيولة مرتفعة، وعدم القبول بطلبات أسعار فائدة مرتفعة تزيد من عبء عجز الموازنة.
فيما تلقت المالية طلبات شراء من المستثمرين في آخر عطاء لها بنحو 67.1 مليار جنيه، وهو أقل معروض مقدم من المستثمرين الذي وصل في بعض العطاءات أكثر من 400 مليار جنيه بعد تحرير سعر الصرف.
وساهمت العودة القوية للمستثمرين الأجانب في خفض البنك المركزي سعر الفائدة بنحو 6% على أذون الخزانة في أقل مستوى لها من 6 شهور ماضية.