
مع اقتراب نهاية فصل الصيف، برزت آثار التغيرات المناخية بشكل واضح على السواحل المصرية، حيث شهدت الشواطئ موجات مرتفعة وغير معتادة في هذا الوقت من العام، وأُغلقت بعض الشواطئ أكثر من مرة نتيجة ظاهرة السحب، وهو ما يعكس خطورة هذه الظواهر على مستقبل الساحل الشمالي الذي يحتضن استثمارات عقارية وسياحية ضخمة تُقدر بمئات المليارات من الجنيهات.
خبير: الإسكندرية الأكثر حساسية
و قال الدكتور علاء سرحان، أستاذ اقتصاديات البيئة، إن حماية الساحل المصري لم تعد رفاهية، بل أصبحت ضرورة لحماية السكان وحماية الاستثمارات الهائلة المقامة على طول الشريط الساحلي .
وأوضح سرحان أن مدينة الإسكندرية تُعد من أكثر المناطق حساسية تجاه مخاطر التغيرات المناخية، نتيجة ارتفاع مستوى سطح البحر، وزيادة شدة النوات، وتكرار العواصف البحرية، فضلًا عن ظاهرة التآكل المستمرة للشواطئ.
وأضاف في تصريح خاص لـ”البورصجية”، أن هذه التغيرات المناخية تؤثر بشكل مباشر على البنية التحتية، من طرق وشبكات كهرباء وصرف صحي، وبالتالي تهدد استمرارية الاستثمارات العقارية والسياحية التي تُعد ركيزة أساسية للاقتصاد في هذه المناطق.
حزمة من الإجراءات العاجلة
وشدد أستاذ اقتصاديات البيئة على ضرورة الإسراع في تنفيذ إجراءات عاجلة للتقليل من أثر هذه الظواهر، أبرزها:
إقامة مصدات وحوائط صد للأمواج، وهو ما تعمل عليه بالفعل بعض الوزارات.
تطوير شبكات الصرف الصحي بشكل متكامل لتقليل مخاطر الغمر أثناء النوات.
إنشاء حواجز طبيعية من الكثبان الرملية والبحيرات الشمالية مثل بحيرة البرلس.
التوسع في زراعة النباتات المحلية المقاومة للرياح والعواصف.
التخفيف من الحرارة والتخطيط العمراني المستدام
وأشار سرحان إلى أن مواجهة التغيرات المناخية لا تقتصر على حماية الشواطئ من الغمر، بل تمتد أيضًا إلى تقليل أثر موجات الحر من خلال:
زيادة المساحات الخضراء والتوسع في التخطيط العمراني الأخضر.
استغلال الأسطح وتحويلها إلى أسطح خضراء أو عاكسة.
إنشاء ممرات خضراء بين المناطق السكنية والتجارية.
استخدام مواد بناء عاكسة للحرارة، والاعتماد على أنظمة تبريد صديقة للبيئة بالطاقة الشمسية.
رفع كفاءة استخدام الطاقة في المشروعات الساحلية.
إدارة مخاطر الكوارث والتمويل
وأكد سرحان أن إدارة مخاطر الكوارث يجب أن تكون أولوية قصوى، من خلال تفعيل أنظمة الإنذار المبكر وتحذير الصيادين وسكان السواحل الشمالية، بما يسهم في الحد من الخسائر البشرية والاقتصادية.
كما دعا إلى إنشاء صندوق وطني للتكيف المناخي، يتولى تمويل المشروعات العاجلة لحماية السواحل ودعم التطوير السريع للمدن الساحلية بما يتماشى مع المخاطر المتزايدة، مع مراجعة تخطيط المدن الساحلية وإعادة النظر في أماكن التوسع العمراني لضمان قدرتها على التكيف مع الظواهر المستقبلية.
استثمارات بمليارات تحتاج حماية
وشدد الخبير على أن الساحل الشمالي أصبح خلال السنوات الماضية أحد أهم مراكز الجذب الاستثماري في مصر، حيث استقطب عشرات المشروعات العقارية والسياحية التي تجاوزت قيمتها مئات المليارات من الجنيهات.
واختتم سرحان حديثه بالتأكيد على أن التغير المناخي واقع يومي لا يمكن تجاهله، وأن الاستثمار في البنية التحتية الخضراء والأنظمة الوقائية الآن هو الضمان الحقيقي للحفاظ على هذه الاستثمارات، وتأمين موقع مصر كوجهة سياحية واستثمارية جاذبة على البحر المتوسط.