تشهد الأسواق الناشئة تحوّلاً لافتاً في مشهد الصناعة العالمي، مدفوعة باستثمارات ضخمة في الصناعات النظيفة، وسط توقعات بتجاوز اقتصادات كبرى مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في هذا السباق. ويقود هذا التحول ما يُعرف بـ”الحزام الصناعي الجديد”، والذي يضم دولًا مثل مصر والهند والبرازيل وإندونيسيا والمغرب، مستفيدًا من مزيج من الطاقة المتجددة، والسياسات الداعمة، وتكاليف الإنتاج المنخفضة.
وكشف تقرير صادر عن “ائتلاف المهمة الممكنة” بدعم من “مسرّع الانتقال الصناعي” أن هذا الحزام الصناعي الجديد يستحوذ على 59% من إجمالي الاستثمارات العالمية المعلنة في مشاريع الصناعة النظيفة، البالغة قيمتها 1.6 تريليون دولار، في مقابل 18% للولايات المتحدة، و10% للاتحاد الأوروبي، و6% فقط للصين.
مصر لاعب صاعد في سوق الأمونيا النظيفة
بحسب التقرير، تمتلك مصر قدرة إنتاجية من الأمونيا النظيفة تُمثل 7% من المشروعات العالمية المعلنة، وهي كمية تكفي لتسميد أراضٍ تعادل ضعف مساحة الدولة. وتبرز الأمونيا كأحد أهم مكونات الثورة الصناعية الجديدة، نظراً لاستخدامها في صناعة الأسمدة والنقل البحري، وتزايد الاعتماد عليها بديلاً نظيفاً للأمونيا الرمادية عالية الانبعاثات.
مشروعات ضخمة… و”عنق زجاجة” في التمويل
رغم الإعلان عن 826 منشأة صناعية نظيفة حول العالم، دخل 69 مشروعاً فقط حيز التشغيل فعليًا، وتم تمويل 65 مشروعاً آخر، في حين لم تصل الغالبية الساحقة إلى قرار الاستثمار النهائي بعد. ويحذر التقرير من أن تنفيذ المشاريع الحالية وفق الوتيرة الراهنة قد يستغرق نحو 40 عامًا، ما يتطلب زيادة حجم التمويل بمقدار خمسة أضعاف، وتحركًا حاسمًا من الحكومات والقطاع المالي.
فرص تنافسية وتحديات سياسية
في وقت تشهد فيه الدول الصناعية الكبرى منافسة متزايدة، برزت الأسواق الناشئة كبيئة خصبة بفضل دعم حكومي واسع النطاق، واستراتيجيات لتخفيض تكاليف رأس المال، إلى جانب توجيه سياسات لتحفيز الطلب مثل تسعير الكربون وتشجيع المشتريات الخضراء.
وأكدت فوستين ديلاسال، المديرة التنفيذية لـ”ائتلاف المهمة الممكنة”، أن “التحول نحو الصناعات النظيفة يعيد رسم خريطة الصناعة العالمية، ويمنح الأسواق الناشئة زمام المبادرة في إنتاج الوقود والمواد والكيماويات منخفضة الكربون.”
طموح مؤسسي يسبق التشريعات
التقرير أشار إلى أن القطاع الخاص يتحرك بوتيرة أسرع من التشريعات الحكومية في تبني الحلول الصناعية المستدامة. وأكد أن الاستفادة من الزخم الحالي يتطلب تحركًا سياسيًا وتنظيميًا عاجلًا لتسريع تنفيذ المشاريع وضمان تنافسية الدول في السوق العالمية للسلع الخضراء.
