
2026 عامٍ يتطلع فيه المتعاملون بأسواق المال إلى أن يشهد دفعة جديدة تعيد الحيوية للبورصة المصرية، وتعيدها إلى مكانتها الطبيعية باعتبارها أحد أقدم وأهم أسواق المال في المنطقة العربية.
ويأمل المتعاملون أن تواصل مؤشرات البورصة المصرية مسارها الصاعد، بما يعكس تحسن أداء الاقتصاد الوطني والنشاط الذي يشهده، لتكون البورصة مرآة حقيقية لحركة الاستثمار .
وتأتي هذه التطلعات في وقت تتزايد فيه الحاجة إلى سوق مال أكثر عمقًا وكفاءة، قادر على جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، ودعم خطط النمو الاقتصادي .
وتعمل إدارة البورصة المصرية برئاسة الدكتور إسلام عزام على عدد من الملفات المحورية، التي تستهدف تطوير كفاءة السوق، وتوسيع قاعدة المستثمرين، وزيادة عمق التداولات. وتشمل هذه الملفات تحديث نظام التداول الإلكتروني بالتعاون مع «ناسداك»، وتنشيط برنامج الطروحات الحكومية والخاصة، إلى جانب التوسع في آليات وأدوات الاستثمار غير المفعّلة، مثل الشورت سيلينج وصانع السوق، فضلًا عن دراسة طرح البورصة كشركة، ومقترحات زيادة عدد ساعات التداول.
ومع تداخل هذه الملفات وتعدد أولوياتها، تتباين رؤى خبراء أسواق المال حول المسار الأنسب للنهوض بالسوق خلال العام الجديد، بين من يرى أولوية تعميق السوق وتنويع الأدوات الاستثمارية، ومن يؤكد ضرورة التوسع في قاعدة الشركات المقيدة قبل أي تغييرات تتعلق بآليات أو زمن التداول.
وفي هذا السياق، استطلعت «البورصجية» آراء عدد من خبراء سوق المال حول أبرز الأولويات المطلوبة للنهوض بالبورصة المصرية خلال عام 2026.
زيادة ادوات الاستثمار
يرى إيهاب رشاد، نائب رئيس مجلس إدارة شركة مباشر كابيتال للاستثمارات المالية، أن تنويع وزيادة أدوات الاستثمار يجب أن يكون على رأس أولويات البورصة المصرية خلال عام 2026، مؤكدًا أن تعميق السوق لا يتحقق فقط عبر الطروحات فقط ، بل يتطلب توفير منتجات استثمارية متنوعة تلبي احتياجات مختلف فئات المستثمرين، وتسهم في جذب سيولة جديدة وتحسين كفاءة التسعير.
وأضاف رشاد أن تفعيل الآليات المؤجلة، وعلى رأسها الشورت سيلينج وصانع السوق، من شأنه دعم السيولة والحد من التقلبات الحادة، بما يعزز قدرة السوق على استيعاب المتغيرات الاقتصادية.
عمق السوق قبل زيادة ساعات التداول
ويرى إبراهيم النمر، رئيس قسم التحليل الفني بشركة النعيم لتداول الأوراق المالية، أن الأولوية خلال عام 2026 يجب أن تنصب على تعميق السوق وزيادة عدد الشركات والأدوات المالية المتداولة، وليس على زيادة عدد ساعات التداول، مؤكدًا أن السوق المصرية ما زالت تعاني من محدودية العمق وحجم التعاملات.
وأوضح النمر أن عدد ساعات التداول الحالية كافٍ تمامًا لاستيعاب أحجام تداول تفوق المستويات الراهنة، في ظل محدودية عدد الشركات النشطة بالسوق، مشيرًا إلى أن تجارب سابقة لزيادة زمن الجلسة لم تنعكس على معدلات السيولة أو النشاط، كما أن التداول خلال فترات تقليص زمن الجلسة، مثل شهر رمضان، لم يشهد فروقًا جوهرية في الأداء.
وأكد النمر أن تفعيل الأدوات المالية الجديدة وزيادة عدد الشركات المقيدة يمثلان الطريق الحقيقي لتطوير السوق، معتبرًا أن زيادة ساعات التداول قد تكون خطوة منطقية فقط في حال اتساع قاعدة الشركات المتداولة ودخول أعداد كبيرة منها إلى السوق مستقبلًا.
الطروحات والحوافز لجذب شركات جديدة
ويرى محمد جاب الله، عضو مجلس إدارة شركة رؤية لتداول الأوراق المالية، أن الاهتمام بالمنتجات المشتقة والطروحات الجديدة يمثل أولوية لتعزيز توازن السوق وزيادة جاذبيته للمستثمرين، معتبرًا أن هذه الأدوات تمثل “الفردة الموازية” لتحقيق استقرار السوق.
وأشار جاب الله إلى أن تحفيز الشركات الجديدة من خلال حوافز ضريبية أو تسهيلات من وزارة المالية يمكن أن يسهم في إدخال المزيد من الشركات الجيدة إلى السوق، بما يزيد من السيولة ويوازن بين العرض والطلب، معربًا عن أمله في أن تتحقق هذه الإجراءات خلال عام 2026 لتدعيم عمق السوق وزيادة تنوع الأدوات المتاحة أمام المستثمرين.
صانع السوق والقيد المزدوج
ويرى الدكتور محمد عبد الهادي، مدير شركة وثيقة لتداول الأوراق المالية، أن أهم أولويات إدارة البورصة خلال عام 2026 يجب أن تكون إنشاء صانع سوق فعال، مؤكدًا أن الهدف من ذلك هو حماية السوق من التذبذبات الناتجة عن تقلبات الأسواق العالمية، خاصة عمليات البيع الكثيف من قبل المستثمرين الأجانب، وضمان ضخ السيولة وزيادة أحجام التداول.
وأضاف عبدالهادي أن صانع السوق يجب أن يعمل على طمأنة المستثمرين وإضفاء ثقل على التداولات داخل سوق الأوراق المالية المصرية، مشددًا على أن هذه الخطوة تمثل أولوية تفوق الطروحات أو تحديث أنظمة التداول أو زيادة ساعات الجلسة في المرحلة الحالية.
وأشار إلى أن التعاون بين البورصة المصرية وإقامة قيد مزدوج للشركات في بورصات عربية يمكن أن يسهم في زيادة قيم وأحجام التداول، وجذب مستثمرين عرب بشكل غير مباشر، بما يعزز نشاط السوق ويخلق حركة تداول إضافية.
كما أكد عبد الهادي أن زيادة عدد الشركات الكبيرة في السوق، إلى جانب تعديل الأوزان النسبية لمؤشر الثلاثيني، من شأنه أن يقلل من سيطرة عدد محدود من الأسهم على مجريات السوق، ويعكس صورة أكثر توازنًا وواقعية لأداء سوق المال المصري.





