
يشهد الشرق الأوسط تصعيدًا خطيرًا في التوترات بعد إعلان الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” عن توجيه ضربات جوية لثلاثة مواقع نووية إيرانية، وهي نطنز وفوردو وأصفهان، هذه الضربات، التي وصفها “ترامب” بأنها “نجاح عسكري مذهل”، تأتي في ظل دعوات دولية لخفض التصعيد والعودة إلى الدبلوماسية، وقد أثارت هذه التطورات ردود فعل إقليمية ودولية متباينة، مع تحذيرات من عواقب وخيمة على الأمن والسلم الدوليين.
ردود الفعل الإيرانية:
أدان وزير الخارجية الإيراني، “عباس عراقجي”، بشدة الضربات الأمريكية والإسرائيلية، واصفًا إياها بأنها محاولات متعمدة لتخريب الجهود الدبلوماسية، وتساءل “عراقجي” عن جدوى استئناف المفاوضات في ظل هذه “الاعتداءات”، مؤكدًا أن طهران لم تغادر طاولة المفاوضات قط، كما حمّل واشنطن المسؤولية الكاملة عن عواقب هذه الضربات، مشددًا على أن إيران ستستخدم جميع الوسائل الممكنة للرد على الهجمات.
من جانبه، أكد محافظ “قم”، “أكبر بهنامجو”، عدم وجود أي خطر إشعاعي قرب المنشآت النووية المستهدفة، مشددًا على التزام إيران بمعايير السلامة النووية، كما أكد أن هذه الاعتداءات لن توقف مسار التقدم التكنولوجي لإيران، ووصف التكنولوجيا النووية بأنها “فكرة ممتازة جدًا”.
وأعلن الحرس الثوري الإيراني عن استخدام صاروخ “خيبر” الباليستي متعدد الرؤوس لأول مرة في عملية “الوعد الصادق 3” ضد أهداف إسرائيلية، بما في ذلك مطار بن غوريون ومركز الأبحاث البيولوجية الإسرائيلي، وحذّر الحرس الثوري واشنطن بأن مواقع انطلاق الهجمات الأمريكية قد “تم تحديدها وهي الآن تحت المراقبة والرصد”، متوعدًا برد “يتجاوز التصورات والحسابات الواهية للجبهة المعتدية”.
وفي تطور آخر، أعلنت الدفاعات الجوية الإيرانية عن إحباط محاولة اعتداء جوي إسرائيلي استهدف مدينة “دزفول” بمحافظة “خوزستان” جنوب غرب إيران.
دعوات أوروبية لخفض التصعيد:
دعا كل من رئيس الوزراء البريطاني “كير ستارمر” والممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية “كايا كالاس” إلى خفض فوري للتصعيد والعودة إلى المسار الدبلوماسي، وشدد المسؤولان الأوروبيان على أن المجتمع الدولي لن يسمح لإيران بامتلاك أسلحة نووية، معتبرين البرنامج النووي الإيراني “تهديدًا خطيرًا للأمن الدولي”.
انتقادات أمريكية داخلية لضربات “ترامب”:
واجه قرار الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” بشن ضربات جوية على المواقع النووية الإيرانية انتقادات حادة من قبل أعضاء في الكونجرس الأمريكي، فقد وصف النائبان الديمقراطي “رو خانا” والجمهوري “توماس ماسي” الضربات بأنها “غير دستورية” وتفتقر إلى التفويض التشريعي، مستندين إلى أن المادة الأولى من الدستور الأمريكي تمنح الكونجرس وحده سلطة إعلان الحرب.
الموقف المصري:
أعربت جمهورية مصر العربية عن قلقها البالغ إزاء التطورات الأخيرة في إيران، وأدانت التصعيد المتسارع، مؤكدة رفضها لأي انتهاك لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، وشددت القاهرة على أن الحلول السياسية والمفاوضات الدبلوماسية هي السبيل الوحيد للخروج من الأزمة، مؤكدة أنه “لا حلول عسكرية لهذه الأزمة”، كما أكد الرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي” خلال اتصال هاتفي مع الرئيس الإيراني “مسعود بزشكيان”، رفض مصر الكامل للتصعيد الإسرائيلي ضد إيران.
تعكس هذه التطورات مدى تعقيد الأوضاع في الشرق الأوسط، وتبرز الحاجة الملحة إلى ضبط النفس وتغليب لغة الحوار لمنع المزيد من التصعيد، ومع استمرار التحذيرات الإيرانية من ردود حاسمة، والدعوات الدولية لخفض التصعيد، يبقى السؤال مطروحًا حول كيفية العودة إلى طاولة المفاوضات في ظل هذه الضربات العسكرية، وهل ستتمكن الجهود الدبلوماسية من احتواء الأزمة وتجنيب المنطقة حربًا شاملة؟
اقرأ أيضا: مصر تدعو لخفض التصعيد في إيران وترفض الحل العسكري