
تتجه أنظار العالم الآن إلى أليات وخطط إعادة إعمار قطاع غزة بعد أن وقع الرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي” ونظيره الأمريكي “دونالد ترامب”، اتفاق شرم الشيخ للسلام الذي أنهى الحرب على غزة.
وقد أكد الرئيس “السيسي” أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه لإنهاء الحرب في غزة يمثل بارقة أمل جديدة لشعوب المنطقة التي أنهكتها الصراعات، مشدداً على أن مصر ستواصل العمل مع الولايات المتحدة وشركائها الإقليميين والدوليين لتثبيت وقف إطلاق النار وبدء مرحلة إعادة الإعمار دون تأخير.
وقال “السيسي”، في كلمته أمام قمة شرم الشيخ الأسبوع الماضي، إن القاهرة تخطط لعقد مؤتمر للتعافي المبكر والتنمية في غزة خلال الفترة المقبلة، بهدف توفير مقومات الحياة للفلسطينيين، مضيفاً أن السلام لا يكتمل إلا حين تمتد اليد للبناء بعد الدمار.
خلال لقاء ثنائي جمع الرئيسين “السيسي”، و”ترامب” على هامش القمة، دعا “السيسي” واشنطن إلى ضرورة تقديم دعم مباشر لجهود الإعمار، وحشدٍ دولي يضمن نجاح مؤتمر إعادة إعمار غزة المرتقب في القاهرة.
وقال “ترامب” إن المرحلة الثانية من اتفاق غزة دخلت حيز التنفيذ، وتشمل ترتيبات إعادة الإعمار وتثبيت الاستقرار الإنساني والأمني، مؤكداً أن الولايات المتحدة ستكون جزءاً من الجهد العالمي لضمان سلام دائم في المنطقة.
خطة من ثلاث مراحل لإعمار غزة
في مقابلة مع قناة “أون” الفضائية، أوضح المهندس “كريم الكسّار”، المنسق العام للجنة إعمار غزة، أن خطة إعادة الإعمار تنقسم إلى ثلاث مراحل بتكلفة إجمالية تقدر بنحو 53 مليار دولار.
وأضاف أن المرحلة الأولى والثانية ستكون نحو 23 ملياراً وسيتم من خلالها استكمال البنية التحتية من طرق ومستشفيات ومدارس، وبعد ذلك المرحلة الثالثة والتي قد تستمر لثلاث سنوات، بتكلفة تصل إلى 30 مليار دولار، وتشمل بناء 200 ألف وحدة سكنية جديدة ليصل إجمالي الوحدات في القطاع إلى نحو460 ألف وحدة.
وقال “الكسّار” إن مشاركة الفلسطينيين ستكون محور عملية الإعمار، مضيفاً: “سيقوم الفلسطيني نفسه بإعمار وطنه، فهذا حقه ومسؤوليته”.
وأشار تقرير مشترك صادر عن الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي والأمم المتحدة إلى أن التكلفة الأولية لإعادة الإعمار تبلغ نحو 53 مليار دولار، فيما تظهر بيانات الأمم المتحدة أن 83% من مباني غزة تضررت، بينها أكثر من 17,700 مبنى دُمّر بالكامل.
ونقلت وكالة “رويترز” عن “جاكو سيليرز”، المسؤول في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، قوله إن عدة دول، من بينها الولايات المتحدة ودول عربية وأوروبية، أبدت استعدادها المبدئي للمساهمة في تمويل خطة إعادة إعمار غزة، التي تُقدَّر كلفتها بنحو 70 مليار دولار.
وأوضح “سيليرز” أن الحرب، التي استمرت قرابة عامين، خلّفت أكثر من 55 مليون طن من الأنقاض، مشيراً إلى أن العملية قد تستغرق 10 سنوات أو أكثر بالنظر إلى حجم الدمار الكبير الذي لحق بالبنية التحتية المدنية.
واستضافت وزارة الخارجية البريطانية في 13 أكتوبر مؤتمر “ويلتون بارك” بالمملكة المتحدة، حول الانتعاش الاقتصادي وإعادة إعمار غزة، بالشراكة مع مصر والسلطة الفلسطينية، وبمشاركة عدد من الدول وصناديق الاستثمار الدولية.
وقال وزير شؤون الشرق الأوسط البريطاني “هاميش فالكونر”، وفقاً لموقع الحكومة البريطانية، إن اتفاق السلام الذي وُقع في شرم الشيخ يجلب الأمل للعالم بعد عامين من الصراع، مضيفاً أن بلاده ستلعب دوراً قيادياً في تسريع عملية الإعمار عبر دعم الجهود الفلسطينية.
وأوضح “فالكونر” أن الأولويات تشمل إزالة الأنقاض وإعادة بناء المنازل واستعادة خدمات التعليم والرعاية الصحية، إضافة إلى وضع أسس لتنمية اقتصادية طويلة المدى، مشيراً إلى أن بريطانيا ستسهم بخبرتها في تعبئة رأس المال الخاص عبر مؤسساتها المالية في لندن، ودعا إلى إعادة ربط غزة بالضفة الغربية اقتصادياً وسياسياً لدعم استمرارية الدولة الفلسطينية.
ونقلت وكالة الأنباء الفلسطينية “وفا”، عن رئيس الوزراء الفلسطيني “محمد مصطفى” قوله إن تنفيذ برنامج التعافي والإعمار يتطلب دعماً عربياً ودولياً واسعاً، مع التأكيد على أن أي دور خارجي يجب أن يكون مسانداً لا بديلاً عن الدور الفلسطيني.
وأوضح “مصطفى” أن الحكومة تعمل على وضع آليات شفافة لضمان وصول التمويل إلى مستحقيه وتمكين المؤسسات المحلية من قيادة التنفيذ الميداني، مؤكداً أن الإعمار ليس مجرد إعادة بناء، بل إعادة حياة كاملة.