رفض الرئيس عبد الفتاح السيسي طلبا للحكومة بزيادة سعر السولار؛ حرصا على محدودي الدخل، مكتفيا برفع سعر البنزين بأنواعه الثلاثة 80 و92 و95، بنسب تتراوح ما بين 8.7 و14.3 في المئة.
وفقا لما نشرته الجريدة الرسمية، ارتفع سعر بنزين 80، إلى 10 جنيهات للتر بدلاً من 8.75 جنيه، كما زاد بنزين 92 إلى 11.5 جنيه للتر، وبنزين 95 إلى 12.50 جنيه للتر، مع تثبيت سعر السولار عند 8.25 جنيه للتر.
وهذه هي الزيادة الثانية خلال العام الجاري، بعد الزيادة التي كانت في شهر مارس، عندما زاد سعر لتر البنزين 80 والبنزين 95 بنحو 75 قرشًا، أما لتر البنزين 92 فقد زاد حينها جنيها واحدا.
ونقلت شبكة “سي إن إن” عن مسؤول مصري لم تسمه، أن هذه الزيادة جاءت نتيجة تطبيق المعادلة السعرية الخاصة بلجنة التسعير التلقائي التي أظهرت ارتفاع أسعار النفط الخام خلال الربع الثالث من العام الحالي بنسبة 11 في المئة، مقارنة بأسعارها خلال الربع الثاني من العام الحالي.
وأوضح المسؤول أن أسعار المنتجات البترولية قاربت من أسعار تكلفتها، في حين أن الفارق بين تكلفة توفير السولار للاستهلاك المحلي وسعر بيعه قد ارتفعت لتتراوح ما بين 5 و6 جنيهات.
وسبق أن قرر رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، تطبيق آلية التسعير التلقائي للمنتجات البترولية بدءا من نهاية يونيو من عام 2019، حيث تضع الآلية معادلة سعرية تشمل أسعار البترول العالمية وسعر صرف الجنيه أمام الدولار، إضافةً إلى أعباء التشغيل داخل مصر؛ حتى تسمح برفع أو خفض سعر المنتج، وفقا للتغير في عناصر التكلفة، بما يسهم في خفض تكلفة دعم الطاقة في الموازنة العامة للدولة.
مخالف للقانون
وفي أول رد فعلٍ على القرار، تقدم النائب عبد المنعم إمام، رئيس حزب العدل، بطلب إحاطة إلى رئيس الحكومة ووزير البترول لوقف القرار، مُعتبرًا أنه يخالف القانون؛ لأن الزيادة بلغت 14 في المئة، في حين أن قرار تشكيل لجنة التسعير التلقائي ينص على ألا تتجاوز النسبة 10 في المئة.
وأضاف أنه كان يجب تطبيق دعم تبادلي بين مستهلكي بنزين 95 من الأغنياء، ومستهلكي بنزين 92 وبنزين 80 من غالبية الشعب، معبرًا عن استغرابه رفع أسعار بنزين 80 وبنزين 92 بأكثر من 500 في المئة خلال آخر 10 سنوات، في حين زاد بنزين 95 بنسبة 100 في المئة فقط.
ودافع النائب ياسر عمر، وكيل لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، عن القرار قائلا إن الموازنة ما زالت تتحمل ما يزيد على 100 مليون جنيه، مخصصة لدعم المواد البترولية، بالرغم من هذه الزيادة. ولفت إلى أنه بمقارنة أسعار البنزين مطلع العام الماضي 2022 بالعام الجاري “سنجد أن هناك فارقا في الأسعار دفع إلى ضرورة تحريك سعر بيع البنزين”.
كان وزير المالية محمد معيط، قال في أغسطس الماضي، إن فاتورة دعم الوقود قد ارتفعت خلال العام المالي المنتهي في يونيو الماضي بنسبة 93.5 في المئة، لتصل إلى 116 مليار جنيه، مقابل 59.8 مليار جنيه خلال العام المالي 2022/2021. وقد وجه الرئيس السيسي بترشيد إنفاق الحكومة من الوقود بنسبة 50 في المئة.
التضخم والأسعار
وأثار القرار مخاوف الكثيرين من أن يتسبب في “موجة تضخم وغلاء جديدة”، وهو ما تضمنه طلب إحاطة للنائب محمود قاسم عضو اللجنة التشريعية، الذي طالب الحكومة بإحكام الرقابة على الأسواق والأسعار لمختلف السلع، وإحكام الرقابة على أسعار تعريفة الركوب لمختلف وسائل النقل، بعد زيادة سعر البنزين.
وأضاف أن المواطنين يعانون غلاء الأسعار وجشع التجار تزامنًا مع كل مرة تُرفع فيها أسعار الوقود لدرجة أن ظاهرة الغلاء طالت أسعار السلع والمواد الغذائية والألبان ومنتجاتها، وهو ما يعني أن رقابة وزارة التموين غائبة تمامًا عن مراقبة الأسواق وضبط الأسعار.
وعلق الخبير الاقتصادي مدحت نافع على القرار بالقول إن السياسة العامة للحكومة لا تراعي بلوغ معدلات التضخم مستويات خانقة، فتغذيها بارتفاعات حادة في أسعار البنزين من شأنها زيادة أزمة التضخم وتغذيه توقعات التباطؤ الاقتصادي، مرجعا أسباب الزيادة إلى ارتفاع أسعار البترول عالميا، خاصة أن الدولة تستورد منتجات الوقود المصنعة من الخارج.
تثبيت السولار
في المقابل قلل آخرون من تأثير ذلك القرار في السلع، خصوصًا مع تثبيت سعر السولار. وقالت لجنة التسعير التلقائي، في بيان لها، إن تثبيت سعر السولار جاء على الرغم من زيادة الفجوة السعرية بين تكلفة توفيره وسعر بيعه في السوق المحلية، وذلك حرصاً على الصالح العام، لما له من تأثير على وسائل نقل الركاب والبضائع، علماً بأن آخر زيادة لسعر السولار بالسوق المحلية كانت في مايو 2023.
من جهته، قال الدكتور مدحت يوسف، نائب رئيس هيئة البترول الأسبق، في تصريحات تلفزيونية إن منتج السولار هو أغلى منتج بترولي في السوق العالمية، إذ وصل سعر الطن منه إلى 911 دولارًا، ما يعادل 23 جنيهًا للتر، بسعر الصرف في البنوك.
وأوضح أن التكلفة الحقيقية التي يتحملها قطاع البترول لإنتاج السولار في مصر تصل إلى 18 جنيهًا للتر الواحد، مشيرًا إلى أن الحكومة كان لديها رغبة في زيادة سعر السولار، ولكن الرئيس السيسي انحاز لمحدودي الدخل ورفض زيادته، لتأثيره على الأسعار.
حملات رقابة
إلى ذلك، شنّت الأجهزة المعنية في المحافظات المختلفة، حملات على محطات البنزين للتأكد من أسعار البنزين بعد زيادة أسعارها والتزام المحطات بالسعر المعلن مع ثبات أسعار السولار، إلى جانب حملات على المواقف للتأكد من ثبات تعريفة الأجرة وعدم زيادتها، مع اتخاذ كافة الإجراءات القانونية ضد السائقين المخالفين.
وكان رئيس الوزراء أعلن في سبتمبر الماضي، أن الدولة تعتزم إيقاف استيراد المنتجات البترولية المكررة مثل البنزين والسولار، والعمل على تكريرها محليا.
وتخطط الحكومة لزيادة واردات النفط الخام بنسبة 40 في المئة بدءا من السنة المالية المقبلة 2024-2025، لإيقاف استيراد المنتجات البترولية المكررة، وفقا لمسؤول حكومي.
وتستهلك مصر سنويا نحو 12 مليون طن سولار، ونحو 6.7 مليون طن بنزين، ويُتوقّع أن تنعكس أي زيادة في إنتاجها من النفط، أو في نشاط التكرير، على خفض فاتورة استيراد المنتجات البترولية، في وقتٍ تعاني فيه الدولة أزمة في النقد الأجنبي.