
بعد ماشهدته الأراضي الروسية، اليوم الأحد، من تصعيدً غير مسبوق للهجمات الأوكرانية المفاجئة داخل عمق الأراضي الروسية …والخسائر الكبيرة للجيش الروسي ..بات الأمر أكثر صعوبة بين الدولتين لدرجة خروج بعض التحليلات السياسية والعسكرية باحتمالية استخدام روسيا لرد نووي على الهجمات الأوكرانية في ضربة لرد الاعتبار …بعدما وضعت الضربات الأوكرانية الاستخبارات الروسية في موقف بالغ الخطورة أمام هذه الضربات المباغته الموجعة …والتي جعلت سمعة السلاح الروسي والأجهزة الروسية على المحك .
وجاءت تحليلات أخري بأن الضربة الأوكرانية قد تطيح بالمفاوضات المزمع عقدها في تركيا خلال الأسبوع الحالي وأن السلام بات حلم بعيد المنال وأن روسيا لم يعد أمامها إلا طريق واحد لرد اعتبار قوة أسلحتها وأجهزتها الاستخباراتية ..
فيما ذهبت بعض التحليلات الي ان هذه الضربات قد تجبر روسيا على الجلوس على طاولة المفاوضات ….
ومابين الرد العنيف أو اللجؤ لهدنة والجلوس على طاولة المفاوضات يظل استنتاج رد فعل روسيا أمر صعب …ولا يستطيع أحد الجزم بما هو قادم .
فقد استهدفت طائرات مسيرة أوكرانية مواقع عسكرية حساسة في “سيبيريا، وساراتوف”، في هجمات هي الأولى من نوعها في بعض هذه المناطق، وجاء هذا التصعيد قبيل جولة ثانية من محادثات السلام المباشرة بين “أوكرانيا، وروسيا” في مدينة “إسطنبول”.
وطبقا للمشهد فالخطورة ليست في الهجوم الأوكراني نفسه لكن في تكتيك الهجوم واستراتيجية التنفيذ حيث استهدفت الطائرات المسيرة الأوكرانية مواقع عسكرية استراتيجية روسية…
وتعرضت قرية “سريدني” في مقاطعة “إيركوتسك”، بـ”سيبيريا”، لهجوم بطائرات مسيرة استهدف وحدة عسكرية، ويعد هذا الاستهداف هو الأول من نوعه بهذه المنطقة، حيث أكد حاكم مقاطعة “إيركوتسك”، “إيغور كوبزيف”، على قناته بموقع “تلغرام” أن الهجوم استهدف موقعًا عسكريًا في القرية، وتم إسقاط إحدى الطائرات على مبنى قديم في “نوفومالتينسك”، وأشار “كوبزيف” إلى أن الطائرات المسيرة التي هاجمت “إيركوتسك” أطلقت من شاحنة نقل متنقلة، وأن السلطات الأمنية انتشرت في الموقع، بما في ذلك عناصر من الأمن الفيدرالي والدفاع المدني والحرس الوطني.
كما شهدت مدينة “إنجلس” في مقاطعة “ساراتوف” اعتداءً مماثلاً، وهي مدينة تضم قواعد عسكرية تابعة للقوات الجوية الروسية، ورفعت سلطات المدينة مستوى التأهب إلى أعلى درجاته تحسبًا لهجمات إضافية محتملة.
و كشف مسؤول أمني أوكراني، لـ”وكالة رويترز”، وصور نشرت على الإنترنت أن أجهزة المخابرات الأوكرانية تمكنت من مهاجمة قاذفات استراتيجية في قواعد جوية روسية عن طريق إخفاء طائرات بدون طيار محملة بالمتفجرات داخل أسطح حظائر خشبية، وحُمّلت الحظائر على شاحنات نُقلت إلى محيط القواعد الجوية، وصرح المسؤول الأوكراني بأن ألواح أسقف الحظائر رُفعت بواسطة آلية تُفعّل عن بُعد، مما سمح للطائرات المسيرة بالتحليق وبدء هجومها.
“الرد الروسي”
أعلن “أندريه كليشاس” رئيس لجنة التشريع الدستوري والبناء الحكومي في مجلس الاتحاد الروسي، حتمية الرد على الهجمات الأوكرانية ، مؤكداً في قناته على “تلغرام” أن “الرد على هذه الهجمات يجب أن يكون، وسيكون بكل تأكيد”.
وفي استجابة مباشرة، ووفقا لما نقلته “وكالة تاس”، أفادت “وزارة الدفاع الروسية” بأن “الجيش الروسي” قصف بصواريخ “إسكندر-إم” نقطة إطلاق طائرات مسيرة أوكرانية بعيدة المدى في مطار “تشوغويف” بمقاطعة خاركوف، وعرضت الوزارة كذلك لقطات تظهر تدمير منصات إطلاق الطائرات بدون طيار التابعة للقوات الأوكرانية، وجاء في بيان الوزارة: “تم بصواريخ إسكندر-إم الميدانية التكتيكية، استهداف موقع معاد لإطلاق طائرات بدون طيار انتحارية بعيدة المدى وطائرات بدون طيار انتحارية في مطار في قرية “تشوغويف” في مقاطعة خاركوف”، ووفقًا للوزارة، تدل معطيات المراقبة الميدانية على أنه تم خلال القصف الصاروخي تدمير 6 منصات إطلاق لطائرات بدون طيار و8 مركبات ونحو 30 طائرة بدون طيار انتحارية مجهزة للإطلاق.
فيما وصف الرئيس الأوكراني “زيلينسكي” هجوم المسيّرات على روسيا بـ “الرائع”
في منشور له على منصة “إكس”، مؤكد أن النتائج كانت “رائعة للغاية”، مشيرًا إلى أن العناصر الذين شاركوا في الهجوم “تم إخراجهم من الأراضي الروسية في الوقت المناسب”، وأوضح الرئيس الأوكراني أن التخطيط لهذه العملية استغرق “عامًا وستة أشهر وتسعة أيام من بدء التخطيط وحتى التنفيذ الفعلي”، وأبرز زيلينسكي أن “هذه أفعال أوكرانية ستُخلّد في كتب التاريخ بلا شك”، مضيفًا: “أوكرانيا تدافع عن نفسها، وهذا حقّها، نحن نبذل قصارى جهدنا لجعل روسيا تشعر بالحاجة إلى إنهاء هذه الحرب”.
وهكذا بات الحديث عن تأثير الهجمات الأوكرانية على محادثات السلام المزمع عقدها في تركيا، والتي من المقرر أن يشارك فيها وزير الدفاع الأوكراني “رستم عمروف” مع المسؤولين الروس غدا الاثنين، وفقا لما صرحت به “وكالة رويترز”. …أمرا مؤكد حدوثه .
فلايستطيع أحد الجزم بإتمام هذه المحادثات في ظل تصاعد حدة الصراع العسكري بهذا الشكل ..وبات الفشل يلقي بظلاله على الآمال في إحراز تقدم في محادثات السلام، فالهجمات المتبادلة تشير إلى تصاعد التوترات ورغبة كل طرف في تحقيق مكاسب على الأرض قبل الجلوس إلى طاولة المفاوضات، مما قد يجعل التوصل إلى حل دبلوماسي أكثر صعوبة.
والسؤال هو ما إذا كانت هذه الهجمات ستقوض محادثات السلام تمامًا أم ستزيد من الضغط على الطرفين للتوصل إلى تسوية؟ …هذا ماستجيب عنه الساعات القليلة القادمة .