رغم التجارب المريرة التي مرت على مصريين تعرضوا فيها لعمليات نصب واحتيال من قبل من يطلق عليهم “المستريحين” داخل مصر، ومواقع الكترونية تدار من خارج مصر ورغم الظروف المعيشية الصعبة التي يمر بها غالبية الشعب المصري، إلا أن النصابين والمحتالين ما يزالوا يجدون في الكثير من المصريين بيئة خصبة للنصب عليهم، ويستطيعون أن يجذبوهم بنفس الطرق والألاعيب ليجنوا منهم مئات الملايين من الجنيهات ثم يهربوا أو يقبعوا خلف الأسوار إذا كانوا داخل مصر أو يغلقون مواقعهم ولا يستطيع أحد الوصول إليهم إذا كانوا خارج مصر.
ضبط مستريح المقاولات في سوهاج
وأحدث ما تعرض له المصريون هو عملية نهب ونصب جديدة وقع ضحيتها 70 ألف مشترك مصري من قبل منصة SGO.CC للتداول في العملات والتي استخدمت المراهنات في كرة القدم للحصول على أموال المودعين وتحقيق أرباح مالية، وطلبت المنصة من المهتمين تحويل أموال إلى حسابات محافظ مالية معينة وأغرتهم بأنهم سيكسبون المزيد من الأموال لاحقاً، وذلك عن طريق المشاركة في مشاهدات مباريات معينة وقامت بالفعل بإرسال أرباح رمزية في البداية للمودعين وبعد حصد أموال أكبر منهم تم إغلاق المنصة وعدم الرد على استفسارات المودعين.
والغريب في الأمر أن هذه الواقعة تكررت العام الماضي من قبل منصة “هوج بول” التي نجحت من خلالها عصابة إجرامية يتزعمها عناصر أجنبية بالنصب على المواطنين والاستيلاء على أموالهم، عن طريق إيهامهم باستثمار تلك الأموال من خلال تطبيق الكتروني عبر شبكة الإنترنت يسمى بـ “هوج بول” الذي نجح في نهب ملايين الجنيهات ثم تم إغلاقه لتتبخر أحلام الآلاف في الخروج من ضائقة مالية أو في الثراء السريع ولم يبق لهم إلا الحسرة على أموالهم أو ممتلكاتهم التي باعوها أو الديون التي اقترضوها وصاروا عرضة للمطاردة والفضيحة والسجن.
وفي نوفمبر من العام الماضي تم الإعلان عن القبض على عصابة متخصصة في النصب الإلكتروني من خلال تطبيق يسمى “الرمال البيضاء” وكانت حصيلة عملية النصب مئات الملايين من الجنيهات وقبلها وقع عدد كبير من المصريين ضحية مستريح” إلكتروني آخر هو تطبيق “غومفر” الذي كان يزعم تقديم خدمة تداول العملات المشفرة عن طريق الذكاء الاصطناعي وإن كان لم يأخذ شهرة تطبيق “هوغ بول” ولكنه نجح على غرار نظيره في الاستيلاء على ملايين الجنيهات من المصريين واختفى تاركًا وراءه خسائر هائلة.
نوع آخر من النصب الإلكتروني انتشر بشدة في مصر خلال الشهور الأخيرة ويتمثل في تطبيقات تنتشر إعلاناتها على مواقع التواصل الاجتماعي وتمنح المستخدمين قروضًا فورية تصل إلى 100 ألف جنيه ولكن ما أن يقوم المستخدم بتحميل التطبيق على هاتفه وإدخال بياناته الشخصية ومنحه أذونات الوصول إلى قائمة الاتصال والصور حتى يعطيه التطبيق قرضًا لا يتجاوز بضع مئات من الجنيهات ويطالبه بالسداد خلال أيام حتى يمنحه قرضا بقيمة أكبر وقد وقع ضحية لمافيا تطبيقات القروض الفورية آلاف المصريين الذين حاول بعضهم الانتحار للتخلص من الابتزاز والتهديدات.
كما وقع المصريون فريسة للنصابين من الخارج أيضًا، وأحدث هذه العمليات تمت من قبل بلوجر شهيرة نجحت في الاستيلاء على قرابة مليار جنيه من حوالي 2000 ضحية من تجار الملابس ببراند عالمي عبر صفحتها “عالموضة” حيث تعرضت عشرات الفتيات للاحتيال بعدما كان حلمهن افتتاح محلات ملابس فوجدن البلوجر الشهيرة تعرض على صفحتها منشورات تعرض فيها الاستثمار معها إلا أنهن استيقظن من الحلم على كابوس بعد أن تعرضن واحدة تلو الأخرى للنصب من البلوجر وأشقائها المشاهير.
ولم يتناول القانون المصري ارتكاب جريمة النصب عن طريق استخدام الإنترنت بنص خاص فالنصب الإلكتروني هو ذاته النصب بالمفهوم التقليدي وأقصى عقوبة لأي “مستريح” هي 3 سنوات وهذا لا يتماشى أبدًا مع جسامة الفعل بالإضافة إلى أن إيصالات الأمانة التي يقوم بتوقيعها لضحاياه مهما كانت قيمتها المادية ولو وصلت ملايين الجنيهات أيضًا جنحة وعقوبتها واهية ومن الممكن في الاستئناف تخفض لسنة كما أن المشرع اشترط في الركن المعنوي لجريمة النصب أن تتجه إرادة الجاني إلى استعمال وسائل احتيالية من شأنها خداع المجني عليه بقصد الاستيلاء علي ماله.