شهد أمس الجمعة أحد أكبر الأعطال التقنية عالميا، في خدمة “مايكروسوفت”، والذي ترتب عليه تعطل العمليات في كثير من الصناعات حول العالم، واضطراب في الرحلات الجوية وحركة الطيران بعدد من مطارات العالم في الولايات المتحدة الأمريكية وإسبانيا وتركيا وأستراليا وألمانيا، وانقطاع البث المباشر في عدد من المحطات التلفزيونية، إضافة إلى اضطراب في الأسواق العالمية بلندن وسنغافورة المعنية بتداول النفط والغاز، وأنظمة الرعاية الصحية.
وقالت شركة “مايكروسوفت” إن خللا تقنيا عالميا يتعلق بتحديث برمجي أجرته شركة “كراود سترايك” للأمن السيبراني أثر على 8.5 مليون جهاز يعمل بنظام “ويندوز” الذي تنتجه الشركة، موضحة أن “كراود سترايك” تساعد في تطوير حل قابل للتطبيق على نطاق أوسع من شأنه أن يساعد البنية التحتية في “مايكروسوفت” على تسريع عملية الإصلاح.
وأوضحت أنه تم إصلاح السبب الرئيسي للعطل التقني على مستوى العالم، ولكن بعض الأنظمة في النظام الأساسي السحابي لـ “مايكروسوفت 365” قد تواجه مشاكل بعد، وقالت الشركة على موقع “إكس”: “تم إصلاح السبب الجذري (للعطل)، لكن بعض تطبيقات وخدمات مايكروسوفت 65″ لا تزال متأثرة بالعطل، ونحن نتخذ تدابير إضافية لتلافي العواقب”.
من جانبها أكدت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المصرية عدم تأثر البلاد بالعطل التقني الذي حدث في أحد أنظمة الأمن السيبراني العاملة على أنظمة الحوسبة السحابية.
وقالت الوزارة في بيان لها، إن جميع المطارات والموانئ المصرية والخدمات المصرفية على جميع البنوك الحكومية، والخدمات المصرفية عبر الهاتف المحمول، ومنصة الخدمات الحكومية وأنظمة وشبكات الاتصالات داخل جمهورية مصر العربية تعمل بشكل طبيعي.
وأشارت إلى أنها تقوم بمتابعة الموقف منذ حدوثه من خلال الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، وفريق عمل المركز الوطني للاستعداد لطوارئ الحاسبات والشبكات لحين انتهاء المشكلة العالمية.
وذكر جورج كورتز الرئيس التنفيذي لشركة “كراود سترايك”، في منشور على موقع التواصل الاجتماعي “إكس” أن الشركة وضعت حلا للمشكلة قائلا “هذه ليست حادثة أمنية أو هجوما إلكترونيا”. مع ذلك، لم يتضح مدى سهولة إصلاح الأنظمة المتأثرة عن بُعد، إذ تتسبب “شاشة الموت الزرقاء” في تعطل أجهزة الكمبيوتر عند إعادة التشغيل قبل إمكانية تحديثها.
و”كراود سترايك” هي شركة أمن سيبراني أميركية من بين الأشهر عالميا وتبلغ قيمتها السوقية نحو 83 مليار دولار أميركي.
ولدى الشركة، وفقا لموقعها الإلكتروني، أكثر من 20 ألف مشترك حول العالم، ووفقا لإشعار أرسلته “كراود سترايك” إلى عملائها، فإن برنامجها “فالكون سينسور” المستخدم على نطاق واسع يتسبب في تعطل نظام التشغيل “مايكروسوفت ويندوز” وعرض شاشة زرقاء، تُعرف على نحو غير رسمي باسم “شاشة الموت الزرقاء”.
وقال دانييل كارد من شركة الاستشارات الأمنية السيبرانية (بون ديفيند) ومقرها بريطانيا “في هذه الحالة، لا يمكن تحديث الأجهزة تلقائيا، مما يعني أن التدخل البشري مطلوب”. بينما قال سياران مارتن الرئيس السابق للمركز الوطني للأمن السيبراني التابع لوكالة الاستخبارات البريطانية المعروفة باسم مكتب الاتصالات الحكومية، إن حجم المشكلة كان هائلا.
وللوقوف على مدى ضرر العطل التقني في خدمة “مايكروسوفت” في الرحلات الجوية، وعدم قدرة العملاء الوصول إلى وجهاتهم، فقد تجاوز عدد عمليات إلغاء الرحلات الجوية من وإلى الولايات المتحدة 3,200 رحلة، وعدد عمليات إلغاء الرحلات الجوية في العالم المتأثرة بالعطل التقني فاق 4,900 رحلة، وذلك حتى الساعة 11:12مساءً بالتوقيت الشرقي، يوم الجمعة، بحسب موقع “فلايت أوير” لتتبع الرحلات.
وعلى مدى العقدين الماضيين، باتت الحكومات والشركات على حد سواء تعتمد على نحو متزايد على مجموعة من شركات التكنولوجيا المترابطة، وتسارع الأمر مع جائحة (كوفيد-19)، ويقول خبراء إن العطل أبرز مخاطر تزايد الاعتماد على الإنترنت حول العالم.
ولحماية شبكات الكمبيوتر الخاصة بهم من الاختراق، تستخدم العديد من الشركات منتجا للأمن السيبراني يُعرف باسم (إندبوينت ديتيكشن أند ريسبونس أو إي.دي.آر)، وهو نظام يعمل فيما يسمى “نقاط النهاية” الخاصة بالشبكة، وهي أجهزة فعلية تتصل بشبكة الكمبيوتر وتتبادل معها المعلومات.
وتستخدم شركات مثل “كراود سترايك”، منتجات “إي.دي.آر” الخاصة بها كأنظمة إنذار مبكر في مواجهة الهجمات الرقمية المحتملة وللبحث عن الفيروسات ومنع المتسللين من الوصول غير المصرح به إلى شبكات الشركات، لكن في التعطل الحالي يبدو أن خاصية ما في نظام “كراود سترايك” تتضارب مع شيء في نظام تشغيل “ويندوز”، وتتسبب في تعطيل هذه الأنظمة حتى بعد إعادة التشغيل.