
في خضم تزايد القلق بين المواطنين عقب تداول أنباء عن وفاة أربعة أشقاء في محافظة المنيا نتيجة إصابتهم بالتهاب السحايا، تصاعدت التساؤلات حول هذا المرض الخطير الذي يُعرف طبيًا باسم “التهاب السحائي”، ومدى خطورته، وأسباب الإصابة به، وطرق الوقاية، ومدى صحة ما نُسب إليه من حالات وفاة حديثة في مصر.
مرض غامض.. يصيب الدماغ ويهدد الحياة
يُعد التهاب السحايا من الأمراض الخطيرة التي تصيب الإنسان نتيجة التهاب الأغشية المحيطة بالمخ والنخاع الشوكي، ويحدث هذا الالتهاب غالبًا بسبب عدوى بكتيرية أو فيروسية، وأحيانًا نتيجة أمراض غير معدية مثل الأورام أو الإصابات أو بعض الأدوية. ويُعرف هذا المرض بسرعة تطوره، وقد يؤدي في بعض الحالات إلى الوفاة خلال ساعات إن لم يُكتشف مبكرًا ويتم التعامل معه طبيًا بشكل عاجل.
الأعراض.. إنذار لا ينبغي تجاهله
تتنوع أعراض التهاب السحايا بين الحمى المرتفعة، والصداع الشديد، وتيبس الرقبة، إلى جانب أعراض أخرى مثل القيء، الحساسية الشديدة للضوء، التهيج، وفقدان الوعي. وتكون هذه الأعراض أكثر وضوحًا لدى الأطفال الذين قد يصابون بنوبات، أو يظهر عليهم الخمول والنعاس الشديد.
الوقاية.. تبدأ من التطعيم والنظافة
أدرجت وزارة الصحة المصرية عددًا من التطعيمات الأساسية للوقاية من هذا المرض، أبرزها التطعيم ضد “Haemophilus influenzae” في جدول تطعيمات الأطفال منذ عام 2014، إلى جانب تطعيمات للمسافرين والطلاب في المدارس ضد أنواع أخرى مثل المكورات السحائية. كما تشدد الوزارة على أهمية التهوية الجيدة، غسل اليدين، وتجنب مشاركة الأدوات الشخصية لتقليل فرص العدوى.
مأساة المنيا.. هل فعلاً كان السحايا هو القاتل؟
في الأيام الماضية، ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي بأخبار تتحدث عن وفاة أربعة أشقاء في محافظة المنيا، قيل إنهم لقوا حتفهم بسبب إصابتهم بالتهاب السحايا. الأمر الذي أثار الهلع بين الأهالي، وزاد من المخاوف بشأن احتمال انتشار المرض في محافظات الصعيد. لكن وزارة الصحة خرجت سريعًا لتُكذّب هذه الروايات، مؤكدة في بيان رسمي أن التحقيقات والتحاليل المخبرية، ومنها عينات من الدم والسائل النخاعي، لم تُظهر أي إصابة بعدوى بكتيرية أو فيروسية تُشير إلى وجود التهاب سحائي.
التشريح يكشف مفاجآت.. والطب الوقائي يحسم الجدل
أكدت تقارير الطب الشرعي أن حالات الوفاة التي حدثت داخل الأسرة الواحدة في المنيا لم تكن ناتجة عن أي مرض معدٍ، وأشارت مصادر طبية إلى أن الوفيات قد تكون ناتجة عن عوامل أخرى مثل التسمم أو ظروف بيئية مجهولة، لا علاقة لها بالسحايا. كما قامت فرق الطب الوقائي بمتابعة المخالطين دون تسجيل أي حالات إصابة مشابهة، وهو ما أزال الشكوك حول وجود تفشٍ وبائي في المنطقة.
مسؤولية الإعلام.. بين التوعية وإثارة الذعر
تُسلط هذه الواقعة الضوء على أهمية التوازن في التناول الإعلامي للأحداث الصحية، إذ أن تداول الشائعات دون الاستناد إلى مصادر موثوقة من شأنه أن يُحدث حالة من الذعر بين المواطنين، ويضعف من جهود الدولة في السيطرة على الأوبئة عبر التوعية والوقاية. وفي الوقت نفسه، فإن حالات الوفاة المتزامنة في أسرة واحدة تبقى أمرًا يستدعي التحقيق الدقيق، لكن دون استباق النتائج الطبية والعلمية.
يبقى الالتهاب السحائي مرضًا خطيرًا، لكن يمكن الوقاية منه باتباع الإرشادات الصحية والتطعيمات اللازمة.
والمطلوب الآن أن يبقى المواطنون على وعي ويقظة، دون انجرار وراء الشائعات، مع الالتزام بتعليمات وزارة الصحة المصرية التي لم تسجل حتى الآن أي تفشٍ للمرض في أي محافظة.