تشهد الأسواق المصرية حالة من الاضطراب الكبير في الأسعار، حيث أصبح من الصعب على المواطن العادي متابعة التباين بين البيانات الرسمية والواقع الفعلي.
في حين تُظهر البيانات من جهاز التعبئة العامة والإحصاء ارتفاعًا كبيرًا في نسبة التضخم بلغت 37.1% عن الشهر السابق، تشير بوابة الأسعار بمجلس الوزراء إلى نسبة تضخم منخفضة تصل إلى 5% فقط. هذا التباين يثير تساؤلات حول مدى دقة البيانات الرسمية ومدى تأثيرها على حياة المواطنين.
فشل الجهود الحكومية في ضبط الأسعار
رغم الجهود المستمرة التي تبذلها الدولة لتحقيق استقرار الأسعار في كافة أنحاء مصر، يبدو أن هذه الجهود لم تؤتِ ثمارها كما كان مأمولًا. على الرغم من انتشار الأجهزة الرقابية في مختلف القطاعات لضمان استقرار الأسعار، تظل الأسعار في الأسواق غير مستقرة، ويستمر التجار في رفع الأسعار بناءً على مصالحهم الشخصية والمكان الذي يتواجدون فيه.
هذا التباين ينعكس في اختلاف الأسعار بين المناطق المختلفة ويزيد من معاناة المواطنين بسبب غياب الرقابة الفعالة.
إرتفاع أسعار المواد الغذائية والمواصلات
تصف إيمان مصطفى، إحدى سكان مدينة نصر، الوضع الحالي بقولها: “تشهد الأسعار ارتفاعًا دائمًا، خاصة أسعار الجبن التي زادت بنسبة تصل إلى 30%، حيث وصل سعر كيلو الجبنة الرومي إلى 360 جنيهًا، بينما ارتفع سعر الجبنة البراميلي إلى 370 جنيهًا، والجبنة الفيتا إلى 320 جنيهًا.”
كما ارتفعت أسعار الخضروات والفواكه بشكل ملحوظ، حيث وصل سعر الطماطم إلى 35 جنيهًا، والبصل إلى 15 جنيهًا، والبطاطس إلى 22 جنيهًا، والموز إلى 22 جنيهًا، والعنب إلى 30 جنيهًا، والبرتقال البلدي إلى 12 جنيهًا، والثوم إلى 30 جنيهًا.
من جانبه، يشكو صابر عبد المولى، عامل بشركة في البدرشين، من ارتفاع أسعار المواصلات، حيث زادت تذكرة المترو بنسبة 30%، وزادت رسوم عربات الأجرة بشكل كبير.
ويضيف عبد المولى أن راتبه لم يعد يكفيه حتى منتصف الشهر، مشيرًا إلى أن زيادة الأسعار تتم بشكل يومي ودون إشراف رقابي كافٍ.
ويعبر عبد المولى عن استيائه من مطالبة الحكومة بمقاطعة السلع الأساسية، حيث لم تتذوق أسرته اللحوم والدواجن والأسماك منذ 8 أشهر، ويقول: “الزيادة وصلت إلى الخضروات أيضًا بكافة أنواعها.”
الخبير الاقتصادي مصطفى بدرة يفسر الأزمة
يُرجع الدكتور مصطفى بدرة، الخبير الاقتصادي، إرتفاع الأسعار في مصر إلى أزمة الحرب الروسية الأوكرانية، حيث أدى ارتفاع الأسعار في أوروبا وقلة الإنتاج إلى تفاقم الأزمة في مصر.
كما يشير إلى أن انخفاض دور الرقابة في كافة أنحاء المحافظات ساهم في تفشي ظاهرة التضخم، بدرة يدعو إلى ضرورة مراجعة قوانين الجمارك وتعزيز الاستقرار الاقتصادي لمواجهة الأزمات المستقبلية.
مطالب بزيادة الرقابة وتغليظ العقوبات
يدعو سيد عبد العال، رئيس حزب التجمع وعضو مجلس النواب، إلى تعزيز الرقابة من قبل جهاز حماية المستهلك على جميع الأسعار في الأسواق، حيث تتلقى الجهات المعنية يوميًا شكاوى حول الارتفاع المستمر وغير المبرر للأسعار.
ويؤكد عبد العال على ضرورة اتخاذ إجراءات صارمة ضد التجار الجشعين المحتكرين للسلع، ويطالب بتغليظ العقوبات لمواجهة الاحتكار.
دعوة للتحمل والصبر
يدعو محمود العسقلاني، رئيس جمعية “مواطنون ضد الغلاء”، المواطنين المصريين إلى التحمل والصبر، مشيرًا إلى أن ارتفاع الأسعار والتضخم يعود جزئيًا إلى مطالب صندوق النقد الدولي التي كان مخططًا الإعلان عنها.
ويعتبر العسقلاني أن زيادة الجنيه مقابل الدولار ليست السبب الوحيد للغلاء، بل هناك تقصير من الأجهزة الرقابية في الأسواق وفقدانها للقدرة على مواجهة ضغوط الغلاء وجشع التجار.
بيانات متناقضة حول التضخم
وفقًا لتقارير بوابة مجلس الوزراء، ارتفعت الأسعار بنحو 5% فقط، بينما تشير بيانات جهاز التعبئة العامة والإحصاء إلى أن المعدل السنوي للتضخم قد زاد في أغسطس الماضي بشكل أكبر من المتوقع، ليصل إلى 37.1%.
تأتي هذه الزيادة مدفوعة بارتفاع كبير في أسعار السلع الغذائية بنسبة 71.4% على أساس سنوي، مما يبرز الحاجة الماسة لمراجعة الإجراءات الرقابية والاقتصادية في البلاد.