
أثار إعلان رئيس مجلس الوزراء المصري، الدكتور مصطفى مدبولي، بشأن الإعفاء الدائم لمنتجات الألبان ومشتقاتها المستوردة من الولايات المتحدة الأميركية من متطلبات “شهادة الحلال” حالة من الجدل داخل الأوساط الاقتصادية والدينية في مصر.
وقد أوضح مجلس الوزراء المصري أن هذا القرار يهدف إلى تسهيل إجراءات الاستيراد وتعزيز التبادل التجاري بين مصر والولايات المتحدة، في إطار سياسة الحكومة لتقليل تكاليف الاستيراد وتخفيف الأعباء عن المواطنين.
وفقاً لتصريحات المستشار محمد الحمصاني، المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء، فإن الإعفاء لا يشمل جميع المنتجات، بل يقتصر على الألبان ومشتقاتها المستوردة من الولايات المتحدة فقط. ويأتي ذلك كجزء من خطة الحكومة المصرية لتقوية سلاسل الإمداد الغذائي، وفتح المجال أمام القطاع الخاص للمشاركة في إصدار شهادات الحلال، بدلاً من حصرها على عدد محدود من الجهات.
وأشار الحمصاني إلى وجود شكاوى عديدة من المصنعين والمستوردين بشأن الاحتكار وارتفاع رسوم إصدار شهادة الحلال، مما دفع الحكومة إلى إعادة النظر في الإجراءات، وتنويع جهات الإصدار، وخفض الرسوم، بما ينعكس إيجاباً على أسعار المنتجات الغذائية النهائية للمواطنين.
أهداف القرار
1. دعم العلاقات التجارية بين مصر والولايات المتحدة، وتشجيع الاستثمارات الأميركية في قطاع الصناعات الغذائية.
2. خفض تكاليف الاستيراد عبر إزالة بعض الحواجز التنظيمية، وهو ما يسهم في تخفيض أسعار المنتجات للمستهلك المصري.
3. تشجيع المنافسة من خلال السماح لمزيد من الشركات بالدخول في سوق إصدار شهادات الحلال، بما يقلل من الاحتكار.
4. الاستجابة لاحتياجات المستثمرين وزيادة جاذبية السوق المصري للاستثمارات الأجنبية.
ردود الفعل وخبراء الاقتصاد
يرى العديد من خبراء الاقتصاد أن القرار خطوة إيجابية نحو تسهيل التجارة وتحسين البيئة الاستثمارية في مصر، خاصة في ظل الضغوط الاقتصادية العالمية وارتفاع تكاليف الغذاء. وصرح الدكتور فخري الفقي، الخبير الاقتصادي وعضو لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، أن القرار من شأنه “تحفيز الشركات العالمية على التعامل مع السوق المصري وتقليل التكلفة التشغيلية، خاصة أن شهادة الحلال كانت تمثل عبئاً مالياً وبيروقراطياً”.
وفي السياق ذاته، أشارت الدكتورة نجلاء أدوار، الخبيرة في السياسات العامة، إلى أن القرار “يعكس تحرك الحكومة نحو سياسات أكثر مرونة في الاستيراد دون الإخلال بمبادئ الرقابة الغذائية”، مشيرة إلى أن “تنويع جهات إصدار شهادة الحلال خطوة إصلاحية مهمة طال انتظارها”.
مخاوف وانتقادات من بعض الأطراف
رغم الإشادة الواسعة من جانب قطاع الأعمال، فقد أبدى البعض مخاوف تتعلق بجوانب دينية وأخلاقية، مشيرين إلى ضرورة الالتزام بمعايير الشريعة الإسلامية في واردات الغذاء، حتى وإن كانت من دول صديقة. وأكدت بعض المؤسسات الدينية على أهمية وجود رقابة صارمة تضمن أن المنتجات، رغم الإعفاء الرسمي، لا تتعارض مع الضوابط الشرعية.
كما نبه بعض المحللين إلى أن قصر الإعفاء على الولايات المتحدة قد يخلق حالة من التمييز التجاري، ويستدعي توسيع الإجراء ليشمل دولًا أخرى، أو توحيد المعايير لتشجيع مبدأ العدالة في السوق.