منوعات

أيقونة الميلاد المضيئة.. رحلة “شجرة الكريسماس” من المعتقد إلى التقليد

مع حلول موسم أعياد الميلاد، تتلألأ أشجار الكريسماس في البيوت والشوارع والساحات العامة، لتصبح واحدة من أكثر الرموز ارتباطًا بالبهجة والاحتفال حول العالم. ورغم حضورها القوي في المشهد الاحتفالي المعاصر، فإن قصة هذه الشجرة تمتد عبر قرون طويلة، بدأت بمعتقدات شعبية وأساطير دينية، قبل أن تتحول إلى تقليد عالمي يجمع بين الثقافات المختلفة.

في هذا التقرير، تستعرض “البورصجية” تطور شجرة الكريسماس عبر التاريخ، وكيف انتقلت من رمز روحي قديم إلى أيقونة للاحتفال.

جذور تقليد إدخال الأشجار إلى المنازل

ترجع أولى مظاهر استخدام الأشجار داخل البيوت إلى مناطق شمال أوروبا، حيث اعتاد السكان إدخال الأشجار دائمة الخضرة خلال فصل الشتاء القارس. ولم يكن الهدف حينها الزينة، بل ارتبط الأمر بمعتقدات ترى في هذه الأشجار مصدرًا للحماية وطرد الأرواح الشريرة، إضافة إلى رمزيتها للحياة وسط قسوة الشتاء.

الأساطير الدينية وبداية الربط بعيد الميلاد

اكتسبت شجرة الكريسماس بُعدًا دينيًا مع انتشار المسيحية في أوروبا، وتحديدًا في القرن السابع الميلادي، وتروي الأساطير أن القديس بونيفاس واجه طقوسًا وثنية كانت تقدّس أشجار البلوط في ألمانيا، وقام بقطع إحداها، ليظهر مكانها شجر تنوب صغير، اعتُبر لاحقًا رمزًا لخلود المسيح، ما عزز ارتباط الشجرة بعيد الميلاد.

شجرة التنوب ودلالاتها الروحية

مع مرور الوقت، أصبحت شجرة التنوب الخيار الأكثر شيوعًا للاحتفال بعيد الميلاد، نظرًا لكونها دائمة الخضرة، وهو ما جعلها رمزًا للاستمرارية والحياة الأبدية. واعتادت بعض الشعوب تزيينها بالفواكه والزهور، في دلالة على الأمل والخصب، قبل أن تتطور أشكال الزينة إلى ما نعرفه اليوم.

انتشار الشجرة خارج أوروبا

ظل تقليد شجرة الكريسماس محدودًا نسبيًا حتى منتصف القرن التاسع عشر، حين لعبت العائلة المالكة البريطانية دورًا محوريًا في نشره. ففي عام 1848، نُشرت صورة للملكة فيكتوريا وزوجها الأمير ألبرت إلى جوار شجرة عيد الميلاد داخل قصر وندسور، ما أدى إلى انتشار التقليد بسرعة في بريطانيا، ثم انتقاله لاحقًا إلى الولايات المتحدة وبقية دول العالم.

من رمز منزلي إلى مشهد عالمي

في العصر الحديث، لم تعد شجرة الكريسماس حكرًا على البيوت، بل أصبحت عنصرًا رئيسيًا في الاحتفالات العامة، تتزين بها الميادين والساحات الكبرى. وتحولت بعض الأشجار إلى معالم سياحية موسمية، مثل شجرة مركز روكفلر في نيويورك وشجرة ميدان ترافالغار في لندن، سواء كانت طبيعية أو صناعية.

من معتقدات شعبية وأساطير دينية إلى رمز عالمي للفرح والمحبة، قطعت شجرة الكريسماس رحلة طويلة عبر الزمن. وبرغم اختلاف الثقافات والتقاليد، ما زالت هذه الشجرة قادرة على جمع الناس حول معنى إنساني مشترك، عنوانه الاحتفال بالحياة والأمل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *