
يشهد القطاع المصرفي المصري لحظة فارقة مع إعلان البنك المركزي المصري موافقته على تأسيس أول بنك رقمي بالكامل في مصر تحت اسم OneBank.
خطوة وصفها الخبراء بأنها ليست مجرد قرار تنظيمي، بل تحول استراتيجي يعكس إرادة مؤسسية قوية لدفع الاقتصاد الوطني نحو الرقمنة الكاملة، وتعزيز مكانة مصر على خريطة الاقتصاد الرقمي العالمي.
ويؤكد الخبراء أن مصر وضعت قدمها على الطريق الصحيح للانضمام إلى قائمة الاقتصادات الصاعدة في مجال التكنولوجيا المالية ومع نجاح تجربة OneBank، قد نشهد خلال السنوات المقبلة إطلاق عملة رقمية مصرية تحت إشراف البنك المركزي، وهو ما سيعزز مكانة مصر إقليميًا ودوليًا.
ويمثل إطلاق أول بنك رقمي في مصر، تحولًا اقتصاديًا شاملًا يفتح آفاقًا جديدة للنمو، ويعيد صياغة العلاقة بين المواطن والبنك، وبين الاقتصاد الرسمي وغير الرسمي وإذا ما تم استثماره بالشكل الأمثل، فقد يكون هذا القرار بداية لعصر اقتصادي جديد.
وحصلت شركة مصر للابتكار الرقمي (MDI) على موافقة البنك المركزي المصري للتحول رسميا إلى “وان بنك ش.م.م – onebank” أول بنك رقمي متكامل في مصر، يقدم جميع خدماته حصريا عبر القنوات والمنصات الرقمية.
وتأسست شركة مصر للابتكار الرقمي في عام 2020 كشركة رائدة في قطاع التكنولوجيا المالية داخل السوق المصري، بتمويل ودعم كاملين من بنك مصر كمساهم رئيسي. ويعكس التحول إلى “وان بنك – onebank” رؤية واضحة لدور هذا الكيان في بناء اقتصاد رقمي في مصر، والتزامًا بتقديم خدمات مالية مبتكرة وآمنة وسهلة الاستخدام، لخدمة العملاء في أي وقت ومن أي مكان، دون الحاجة إلى أي فروع، مدعومة بأحدث التقنيات التي تلبي متطلبات هذا العصر الرقمي.
ويهدف البنك إلى تعزيز الشمول المالي للفئات التي لا تحظى بخدمات مصرفية كافية أو التي لا تمتلك حسابات مصرفية، ودعم استراتيجية مصر الوطنية لنمو للاقتصاد الرقمي و يستعد “وان بنك- onebank” لتقديم خدماته ومنتجاته رسميًا في عام 2026، ليصبح ركيزة أساسية في الاقتصاد الرقمي المصري.
ويعزز هذا التحول الإستراتيجي تعيين المهندس خالد العطار رئيسًا لمجلس الإدارة، إلى جانب مجلس استثنائي يضم نخبة من القادة والخبراء العالميين في مجالات التكنولوجيا والقانون والاستثمار والسياسات العامة والابتكار، يجمعهم هدف ورؤية واضحة لقيادة “وان بنك – onebank” نحو المساهمة في بناء اقتصاد رقمي والشمول المالي والريادة في مجال التحول الرقمي للخدمات المصرفية في مصر.
وقال المهندس خالد العطار، رئيس مجلس إدارة “وان بنك – onebank”:”إن “وان بنك – onebank” يمثل انطلاقة جديدة في تاريخ القطاع المالي المصري وخطوة محورية نحو ترسيخ التحول الرقمي للاقتصاد الوطني. رسالتنا واضحة: تقديم خدمات مصرفية أكثر ذكاءً وشمولية وسلاسة، بما يضمن وصولها لكل مواطن مصري. يقود البنك فريق من القادة والخبراء العالميين بخبرات متنوعة تجمعه رؤية وهدف واحد، وتعمل على تقديم حلول مالية آمنة ومتطورة يسهل على العميل الحصول عليها، ووضع “وان بنك – onebank” في موقع الريادة في مشهد التحول الرقمي في مصر.”
وتعليقاً على اقتراب الإطلاق الرسمي لـ”وان بنك – onebank”، قال السيد شريف البحيري، الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب: نحن لا نقدم مجرد بنك رقمي جديد، بل نعيد تعريف مستقبل الخدمات المصرفية في مصر. مجلس الإدارة الجديد ثرى بخبرات متنوعة ورؤى إستراتيجية تمكننا من تقديم حلول مالية مبتكرة تواكب تطلعات المستهلكين المصريين المتطورة. معاً، نلتزم بوضع “وان بنك – onebank” ‘في طليعة القطاع المالي، ورفع معايير التميز في المجال المصرفي على مستوى المنطقة”.
ويرى الدكتور أحمد شوقي، الخبير المصرفي، أن إطلاق أول بنك رقمي يمثل بداية عهد جديد في الصناعة المصرفية المصرية، ويؤكد أن البنك الرقمي ليس مجرد إضافة عددية للقطاع، بل هو بوابة لإعادة هيكلة الخدمات المصرفية وتوسيع منح التراخيص لبنوك رقمية أخرى، ما يسهم في وصول الخدمات المالية إلى مختلف شرائح المجتمع، لاسيما الفئات غير المتعاملة مع البنوك التقليدية.
وأشار شوقي إلى أن مصر تعاني من ارتفاع الكثافة المصرفية، حيث يخدم كل فرع بنكي نحو 22.5 ألف مواطن، مقارنة بمتوسط عالمي يبلغ 14 ألف مواطن فقط. وهو ما يجعل البنوك الرقمية الحل الأمثل لسد هذه الفجوة، عبر إتاحة خدمات مبتكرة منخفضة التكلفة وسهلة الوصول.
وأضاف أن زيادة الاعتماد على المدفوعات الرقمية بنسبة 10% فقط يمكن أن يضيف نحو مليار دولار إلى الناتج المحلي الإجمالي، مع توفير ما يقارب 2000 فرصة عمل جديدة، مؤكدًا أن هذه البنوك ستخفض أيضًا التكاليف التشغيلية المرتفعة للفروع التقليدية، مما يرفع كفاءة النظام المصرفي ككل.
من جانبه، علّق الدكتور أشرف غراب، الخبير الاقتصادي ونائب رئيس الاتحاد العربي للتنمية الاجتماعية بمنظومة العمل العربي بجامعة الدول العربية لشئون التنمية الاقتصادية، قائلاً:
“إطلاق OneBank يعكس توجه الدولة نحو تعزيز الابتكار المالي وتوسيع الشمول المالي، خاصة أن البنوك الرقمية تقدم خدماتها عبر الإنترنت بالكامل، دون الحاجة لفروع تقليدية، وهو ما يجعلها أكثر قدرة على الوصول إلى العملاء وتلبية احتياجاتهم بسهولة ويسر.”
وأوضح غراب أن البنوك الرقمية وفقًا لقانون البنك المركزي والجهاز المصرفي رقم 194 لسنة 2020، تقدم مجموعة واسعة من الخدمات مثل فتح الحسابات الجارية، تحويل الأموال، دفع الفواتير، وإتاحة القروض والأوعية الادخارية. وهو ما يضع مصر في مسار واضح نحو رقمنة القطاع المصرفي بشكل كامل.
وأضاف أن هذه البنوك تيسر التعامل مع المواطنين، خصوصًا مع الارتفاع الكبير في معدلات استخدام الهواتف الذكية والإنترنت في مصر، مشيرًا إلى أن تجربة جائحة كورونا ساهمت في تسريع تقبل المصريين لفكرة التعامل الرقمي سواء في التجارة أو المدفوعات، وبالتالي ستكون عملية الاندماج مع البنوك الرقمية أكثر سهولة.
وأكد أن هناك شروطًا صارمة لتأسيس البنوك الرقمية.