يشهد سوق العقارات المصرية حالة من الترقب والانتظار من جانب المواطنين والمستثمرين خاصة بعد ارتفاع الأسعار الملحوظ مؤخرا والتي تعددت أسبابه ما بين تواجد عدد من الضيوف العرب بمصر، ومابين جشع الملاك، وأسباب أخرى.
وكان من بين المحافظات التي شهدت اهتماما بالعقارات وأسعارها، إذ تشهد محافظة الدقهلية خلال الفترة الأخيرة ارتفاعًا ملحوظًا في أسعار الأراضي والعقارات ومواد البناء، مما أثار مخاوف المواطنين الراغبين في شراء أراض للبناء أو الاستثمار العقاري، وذلك أدى إلى تباطؤ حركة البناء في بعض المناطق، وتتنوع أسباب هذا الارتفاع بين عوامل اقتصادية مثل التضخم وارتفاع أسعار النقل ومواد البناء، وأخرى تتعلق بزيادة الطلب على الأراضي السكنية والتجارية في المناطق الحضرية.
تغيرات اقتصادية بالمحافظة
وفي هذا الإطار، أكد المهندس عماد حمدي مهندس مدني حر يعمل بالعقارات لـ “البورصجية” أن أسعار الأراضي في محافظة الدقهلية تختلف بشكل كبير بناءا على الموقع، و واضاف ان تفاوت اسعار الأراضي والبناء في الدقهلية ليس بالأمر العشوائي بل يعود على عوامل متداخلة، منها الموقع الجغرافي للمناطق، ومدى توافر الخدمات والبنية التحتية، وحجم الطلب والعرض في السوق العقاري، بالإضافة إلى التغيرات الاقتصادية التي تشهدها المحافظة.
ومن جانبه، قال المهندس أحمد عبد المنعم، خبير التطوير العقاري بالدقهلية لـ “البورصجية” ان الزيادة الكبيرة في أسعار الأراضي ومواد البناء تأتي نتيجة عوامل محلية ودولية، منها التضخم وزيادة تكاليف النقل وندرة الأراضي في المناطق الحيوية.
آراء المواطنين
وفي حوار مع المواطنون، يرون أن ارتفاع الأسعار تجاوز حدود المعقول، حيث أشار السيد محمود إبراهيم، أحد سكان ميت غمر: الي أن حلم بناء منزل أصبح صعبًا للغاية في ظل هذه الأسعار، خاصة مع ضعف الرواتب.
أسعار الأراضي بالدقهلية
وفي سياق متصل، تعد مدينة المنصورة، المركز الإداري والاقتصادي للمحافظة، وتُعتبر أسعار العقارات بها هي الأعلى بين مدن المحافظة، حيث يتراوح سعر المتر في الأحياء المتميزة مثل حي الجامعة وشارع الجمهورية بين 30 ألف و50 ألف جنيه، أما في المناطق الأقل جذبًا، مثل أطراف المدينة مثل طلخا، فيتراوح السعر بين 15 ألف و20 ألف جنيه للمتر حسب القرب من المرافق والخدمات.
بينما في المدن الصغيرة والقرى التابعة للدقهلية، تنخفض الأسعار بشكل ملحوظ، إذ يتراوح سعر المتر في المتوسط بين 5000 و10 آلاف جنيه، ما يجعلها أكثر جذبًا للمواطنين ذوي الدخل المتوسط أو المحدود، لكن نقص الخدمات والبنية التحتية في بعض هذه المناطق يمثل عائقًا، كما تعتبر الأراضي الزراعية في القرى والمناطق الريفية أقل سعرًا، حيث يبدأ سعر قيراط الفدان من 50,000 جنيه في بعض المناطق، خاصة إذا كانت بعيدة عن مصادر المياه الرئيسية أو خدمات الري المحسنة.
حيث بلغت أسعار الأراضي الزراعية في المناطق المحيطة بالمنصورة حوالي 500,000 جنيه للفدان، بينما في مناطق مثل دكرنس والمنزلة، تنخفض الأسعار إلى 350,000 جنيه للفدان. هذا الارتفاع النسبي يُعزى إلى زيادة الطلب على الأراضي الصالحة للزراعة بسبب ارتفاع أسعار المحاصيل.
تكاليف البناء
وفيما يتعلق بالتكاليف المرتبطة بالبناء شهدت ارتفاعًا ملحوظًا، متأثرة بزيادة أسعار مواد البناء في السوق، حيث بلغ سعر طن الحديد حاليًا حوالي 35 ألف جنيه، بينما يتراوح سعر طن الأسمنت بين 1500 و2000 جنيه، ما أدى إلى ارتفاع تكلفة البناء بنسبة تتراوح بين 25 الي 30% مقارنة بالعام الماضي، وبالتالي تتراوح تكلفة إنشاء متر مربع من البناء تتراوح بين 3,500 و6,000 جنيه للمباني التقليدية، حسب جودة المواد والتصميم، بينما المشاريع السكنية الراقية قد تتطلب ميزانية أعلى، حيث يؤثر استخدام التشطيبات الفاخرة والأنظمة الذكية بشكل كبير على التكلفة الإجمالية.
توقعات الخبراء والمتخصصون
وفي ظل الظروف الراهنة، يؤكد المتخصصون ان التحدي الأكبر في محافظة الدقهلية يبقى تحقيق التوازن بين متطلبات السوق وإمكانات المواطنين ، وسط آمال بإيجاد حلول تخفف من حدة الأزمة العقارية، وعلى الرغم من ارتفاع الأسعار، الا هناك فرص كبيرة للمستثمرين، خاصة في المناطق قيد التطوير، وبعض المشروعات الكبيرة تهدف إلى تحسين البنية التحتية، مما قد يؤدي إلى زيادة الطلب على العقارات، ومع ذلك يواجه المستثمرون تحديات مثل ارتفاع تكاليف البناء وتأخر التصاريح، كما طرحت الحكومة عدة مشروعات إسكان اجتماعي ومتوسط في المحافظة، مثل مدينة المنصورة الجديدة، والتي أثرت على سوق العقارات برفع الأسعار في المناطق المحيطة بهذه المشروعات، حيث يعرض المتر في المشروعات الحكومية بأسعار تبدأ من 4,600 جنيه في الإسكان المتوسط، مع توفير تقسيط طويل الأمد.
وعلى الصعيد ذاته، يتوقع خبراء العقارات استمرار ارتفاع الأسعار بنسبة تتراوح بين 10 الي 15% خلال العام المقبل، خاصة مع استمرار زيادة الطلب وعدم استقرار أسعار مواد البناء، بينما من المتوقع أيضًا زيادة مشروعات الإسكان لتلبية الاحتياجات السكانية المتزايدة.