في تقرير أثار جدلا واسعا، ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، أن إيران حاولت إقناع السودان بأن يسمح لها بإقامة قاعدة بحرية على ساحل البحر الأحمر، وتعهدت له بإرسال سفينة حربية مقابل ذلك، لكن طلبها قوبل بالرفض.
ونقلت الصحيفة عن أحمد حسن محمد، مستشار المخابرات للقائد العسكري السوداني، قوله إن الخرطوم رفضت الاقتراح الإيراني لتجنب استعداء الولايات المتحدة وإسرائيل.، مضيفة أن المتحدث باسم بعثة إيران لدى الأمم المتحدة في نيويورك، رفض التعليق على الأمر.
وأوضحت الصحيفة أن قبول طلب طهران كان من شأنه أن يسمح لها بمراقبة حركة المرور البحرية من وإلى قناة السويس وإسرائيل، بما يمكنها من تشديد قبضتها على أحد أكثر ممرات الشحن ازدحاما في العالم.
ويسلط هذا الطلب الإيراني الضوء على كيفية سعي القوى الإقليمية للاستفادة من الحرب المستمرة منذ 10 أشهر في السودان للحصول على موطئ قدم في البلاد، التي تعد مفترق طرق استراتيجيا بين الشرق الأوسط وجنوب الصحراء الكبرى الأفريقية مع ساحل البحر الأحمر، وفقا للتقرير.
وبحسب الصحيفة، زوّدت إيران الجيش السوداني بطائرات مسيرة لاستخدامها في قتاله مع قوات الدعم السريع، وعرضت تقديم أسلحة إذا وافق السودان على القاعدة.
وساعدت الطائرات المسيرة الجيش السوداني في تكبيد قوات الدعم السريع خسائر فادحة، وفقا لمسؤولين إقليميين ومحللين يتابعون القتال.
الطرفان ينفيان التقرير
من جهته، نفى المتحدث باسم الجيش السوداني العميد نبيل عبد الله ما ذكرته الصحيفة الأمريكية، مؤكدا أنّ “ما ورد في التقرير غير صحيح إطلاقا، ويجافي الواقع تماما”.
وقال في تصريحات لوكالة أنباء العالم العربي إن “التقرير استند إلى شخص، ذكرت الصحيفة اسمه وادعت أنه مستشار أمني للرئيس السوداني، وهذا أيضا غير صحيح، لأنه لا يوجد أي مستشار بهذا الاسم في مؤسسة الرئاسة السودانية”.
من جانبها، قالت صحيفة “السوداني” إن الجيش نفى لها وجود مستشار بهذا الاسم للاستخبارات العسكرية أو لقائد الجيش رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان.
وأضافت أن الاستخبارات العسكرية تبحث عن هوية هذا الشخص الذي “انتحل صفة مستشار الاستخبارات العسكرية للقائد العام للجيش… والجهة التي تقف خلفه”.
من جهة أخرى، قال وزير الخارجية السوداني علي الصادق إن بلاده لم تتلقَّ أي طلبات من إيران لإنشاء قاعدة بحرية دائمة على ساحل البحر الأحمر.
كما أكدت إيران، عبر المتحدث باسم خارجيتها ناصر كنعاني، أنّها لم تطلب طلبًا كهذا من السودان.
وقال كنعاني خلال مؤتمره الصحفي الأسبوعي، الاثنين، إن هذه الأخبار لا أساس لها من الصحة ولها دوافع وأهداف سياسية، مضيفا أن “ادعاء الصحيفة أن إيران طلبت من السودان إنشاء قاعدة على البحر الأحمر غير صحيح”.
علاقات قديمة.. تعود مجددا
وأبرزت صحيفة “وول ستريت جورنال” في تقريرها أنّ السودان كان يقيم علاقات وثيقة مع إيران في عهد الرئيس السابق عمر البشير؛ وبعد الإطاحة به، بدأ الزعيم العسكري في البلاد عبد الفتاح البرهان، تقاربا مع الولايات المتحدة في محاولة لإنهاء العقوبات الدولية، كما تحرك لتطبيع العلاقات مع إسرائيل.
وبعد قطيعة استمرت 8 سنوات، ظهرت علامات التقارب بشكل واضح مؤخرا بين السودان وإيران، والتي كانت آخرها زيارة دبلوماسية رفيعة، أجراها وزير الخارجية السوداني علي الصادق إلى طهران حيث التقى نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، في أول زيارة لوزير خارجية السودان منذ قطع العلاقات بين البلدين عام 2016.
وفي يناير 2016، أثناء فترة حكم الرئيس السابق عمر البشير، قطع السودان علاقاته الدبلوماسية مع إيران، ردا على اقتحام محتجين سفارة السعودية في طهران وقنصليتها في مشهد شرق إيران حينها، وذلك بعد تنفيذ حكم الإعدام بحق رجل الدين الشيعي السعودي نمر النمر، مع مجموعة مدانين آخرين، بتهمة الإرهاب.
وتزامنت الزيارة حينها مع ما نقلته وكالة “بلومبيرغ” عن مسؤولين غربيين رفيعي المستوى، بشأن تزويد إيران للجيش السوداني بطائرات دون طيار من طراز “مهاجر 6” الإيرانية، لدعمه في مواجهة قوات “الدعم السريع”.
وفي تعليقه على الزيارة، اعتبر الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، استعادة العلاقات الدبلوماسية مع السودان “أساسا لتعويض الفرص الضائعة وخلق فرص جديدة”.