ما يحدث في مصر الآن يتطابق تماما مع شهر أمشير الذي يضرب به المصريون نموذجا على التخبط والارتباك- كل ساعة في حال- والسبب في ذلك يعود إلى عدم وجود خطط ثابتة وآليات تنظيم سير العمل في كل المجالات.
الدول الناجحة تضع سياسات ثابتة تنفذ على جداول زمنية وخطط خمسية متلاحقة، ودور الوزير يكون تنفيذيا وإذا أخفق يتم إقالته ويأتي غيره ليكمل المسار، وقد يحدث تطوير في الأداء لكن الثوابت تسير في طريقها المستقيم.
في مصر الوضع يختلف تماما فالوزير يأتي برؤيته التي ربما تكون متعارضة مع سياسة الدولة، وأول أمر أو قرار يتخذه يكون على طريقة- انسف حمامك القديم- فيهيل التراب على إنجازات كل من سبقه ويبدأ من جديد وهكذا تدار أمورنا على طريقة- خطوة للأمام وأخرى للخلف- والمحصلة صفر.
مصر تحتاج إلى حكومة اقتصادية من الطراز الأول وإلى جهود الخبراء والمتخصصين لوضع خطة مستقبلية تتضمن خططا منفصلة تعليمية وصحية واقتصادية وغيرها تضمن مستقبلا متناهيا للأجيال القادمة وتنفذ بخطوات متصاعدة تحت إدارة وزراء متخصصين يعرفون ما يفعلون.
المركزية أضاعت حياتنا ودمرت ماضينا وحاضرنا وتهدد مستقبلنا… حكاية السوبرمان الذي يملك كل شيء في يديه أثبت فشلها، لا بد من أن تطبق اللامركزية بمفهومها الحقيقي في الوزارات والهيئات والمؤسسات على أن يكون كل مسئول مسئولية كاملة في موقعه وعند الخطأ يحاسب المسئول دون الإضرار بالمنظومة، كما أن ذلك يساعد على سرعة وتيرة العمل بدلا من مدرسة السلحفاة التي تحكم حياتنا وتدفع المستثمرين للبحث عن فرص في دول أخرى.
مؤشرات النمو الاقتصادي في مصر ليست جيدة ولم يعد في حياة المصريين ما يدعو إلى الابتهاج أو التفاؤل، بل إن صدورهم امتلأت غضبا من الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي نتعرض لها في ظل انخفاض غير مسبوق لسعر الجنيه المصري الذي بات يتراجع بقوة أمام العملات، ولم يعد قادرا على الصمود أمام ارتفاع الأسعار وانخفضت قيمته في الأسواق المحلية بصورة كبيرة.
الاقتصاد المصري الآن يعاني من ثلاث مشاكل رئيسية هي التضخم والمديونية ونقص العملة الصعبة، الأمر الذي يحتم على الحكومة التوقف عن سياستها غير المجدية وأن تسعى الدولة في محاولاتها لإنقاذ البلاد بحكومة اقتصادية متخصصة تعمل وفق منظومة اقتصادية تشبه اقتصاديات الحروب لتنقذ مستقبل البلاد والعباد.