لم تكن مفاجئةً تلك القفزة الأخيرة في سعر الذهب بمصر؛ بل جاءت متناغمةً مع حالة التخوف العامة من تقلبات سوق الصرف، والقلق من احتمال خفض قيمة الجنيه مجددًا.
وشهدت أسعار الذهب يوم السبت (آخر تعاملات الأسبوع) زيادة بلغت 250 جنيها للجرام، ليصعد سعر جرام عيار 21 إلى نحو 2400 جنيه، مقابل 2150 جنيها في صباح تعاملات الخميس الماضي، وهو ارتفاع أرجعه نائب رئيس شعبة الذهب باتحاد الغرف التجارية، لطفي المنيب، إلى “زيادة نسبة الطلب”.
ويتحدد سعر الذهب على أساس متغيرين هما سعر الأونصة عالميًّا، وسعر صرف الدولار محليا، وقد يكون هناك تخوف (لدى المواطنين) من تخفيض قيمة العملة، ما دفع المستهلكين إلى التدافع على شراء الذهب للحفاظ على مدخراتهم، وفقا للمنيب.
وأضاف منيب أن “أسعار الذهب قد تنخفض عندما تخف حدة القلق لدى المواطنين حول تحريك سعر صرف الدولار، في الأيام المقبلة، ومع استقرار سعر الصرف سيخف الضغط على طلب الذهب”.
وكان الرئيس عبدالفتاح السيسي استبعد ضمنيا خفض قيمة العملة في أي وقت قريب، في تصريحات أدلى بها في يونيو الماضي، قائلا إن “مثل هذه الخطوة قد تضر بالأمن القومي والمواطنين”. وأضاف “نحن مرنون فيه.. لكن عندما يتعرض الموضوع لأمن مصر القومي، وأن الشعب المصري يضيع؛ لا، لا”.
وعلى الرغم من رفع البنك المركزي المصري أسعار الفائدة بنسبة 1 % مع بداية شهر أغسطس الجاري، لتفادي الضغوط التضخمية والسيطرة على توقعات التضخم، ارتفعت أسعار الذهب، مع أن العلاقة بين المعدن الأصفر ونسبة الفائدة عالميًا علاقة عكسية، فكان المتوقع مع رفع الفائدة انخفاض سعره، نتيجة الإغراءات التي تمارسها البنوك بمنح فائدة عالية، وقد حدث ذلك مرارا في الأوقات التي شهدت زيادات متتالية لأسعار الفائدة من جانب “الفيدرالي” الأمريكي، إذ انخفضت أسعار المعدن الأصفر عالميًا.
واشترى المصريون 18.6 طن من السبائك والعملات الذهبية خلال النصف الأول من عام 2023 – وفقا لبيانات مجلس الذهب العالمي- وهي أكبر كمية اشتروها من الذهب منذ تتبع المجلس لسوق الذهب، كما ارتفعت مشترياتهم من الذهب ثلاثة أضعاف فقط خلال الربع الثاني من العام الجاري لتصل إلى 10.4 طن- بحسب المجلس- وذلك بعدما أقر مجلس الوزراء المصري، في 11 مايو الماضي، إعفاء المصريين القادمين من الخارج من الضريبة الجمركية والرسوم على الذهب لمدة 6 أشهر.
وبينما ارتفعت الأسعار بشكل كبير داخل مصر، لجميع الأعيرة، شهد سعر الذهب عالميًا بالدولار اليوم الأحد، حالة من الاستقرار والهدوء في البورصات الذهب العالمية، لتسجل أونصة الذهب 1914 دولارًا للبيع، مقابل 1912 دولارًا في حالة الشراء. وهذا “أمر مبرر” في نظر وصفي واصف، مستشار شعبة الذهب باتحاد الصناعات المصرية، نظرا إلى توقف استيراد الذهب منذ عامين ونصف العام، واعتماد السوق حاليًا على كميات الذهب الموجودة داخل مصر، وهي كميات أقل من حجم الطلب. ويندفع المواطنون إلى شراء الذهب بكميات كبيرة للحفاظ على مدخراتهم، خشية انخفاض قيمة الجنيه، تحت تأثير أنباء متداولة حول تعويم جديد للجنيه، على الرغم من عدم توفر معلومة مؤكدة حول ذلك، وفقا لواصف.
وعن دور الحكومة في ضبط أسعار الذهب، قال إن “الحكومة لن تتخلى عن استيراد سلع أساسية مثل الغذاء والأدوية وتتجه لاستيراد الذهب من أجل ضبط السوق، فهذا كلام غير منطقي، والسوق لا تحكمه القوانين”.
هناك ثلاثة عوامل تتحكم في سعر الذهب داخل مصر وهي: العرض والطلب، وقيمة الدولار، وأسعار البورصات العالمية، وهي بالفعل منخفضة جدا خلال تلك الفترة، وإذا استعادت أسعار الذهب العالمية عافيتها فلسوف يشهد سوق الذهب في مصر ارتفاعات غير مسبوقة، بحسب مستشار شعبة الذهب باتحاد الصناعات المصرية.
وتوقع نادي نجيب، السكرتير العام السابق لشعبة الذهب، استمرار أسعار الذهب في الصعود خلال الأيام المقبلة، في حالة استمرار زيادة الطلب، وارتفاعها على مدى أطول خلال الشهور المقبلة لتعود إلى مستوى 2800 جنيه أو قد تكسره إلى حدود 3000 جنيه للجرام عيار 21.
أما الدكتور ناجي فرج، مستشار وزير التموين لشئون الذهب، فقد توقع عودة الاتزان مجددا إلى السوق خلال الأيام المقبلة، لكنه لم يوضح كيف سيحدث ذلك، إلا أنه تحدث عن مبادرة “الإعفاء الجمركي” التي طبقتها الحكومة، والتي كان لها –حسب تعبيره- في ضبط الأسعار “حيث لم نعد نسمع عن قفزات كبيرة” في الأسعار، لافتا إلى أنه “تم استيراد أكثر من 600 كيلو ذهب حتى الآن، وخلال شهر أو شهرين قد نتخطى طن ذهب من المصريين في الخارج”.