
مع انتهاء عام 2025، تتضح ملامح تحوّل ملحوظ في مناخ الاستثمار المصري، حيث ركزت وزارة الاستثمار والتجارة الخارجية على اتخاذ قرارات استراتيجية، وإطلاق اتفاقيات دولية، وتفعيل مبادرات وطنية لتعزيز جاذبية مصر أمام المستثمرين المحليين والأجانب.
هذا العام شهد انطلاق مشاريع كبرى، تعزيز الشراكات الاقتصادية مع الدول العربية والأوروبية، والتحول الرقمي لبيئة الأعمال، بالإضافة إلى توطين الصناعات الاستراتيجية، ما وضع مصر على خريطة الاستثمار الإقليمي والدولي بشكل أكثر تنافسية وشفافية.
التقرير التالي يستعرض حصاد الوزارة في 2025، مع تحليل أثر كل قرار ومبادرة على الاقتصاد الوطني وفرص الاستثمار.
الرخص الذهبية والانطلاقة المبكرة
في بداية عام 2025، بادرت وزارة الاستثمار والتجارة الخارجية بمنح تسع “رخص ذهبية” لمشروعات استراتيجية في عدة قطاعات، في خطوة تهدف إلى تبسيط إجراءات الاستثمار وتسريع التشغيل الفعلي للمشروعات، وتقديم الأرض والمرافق للمستثمرين دون عقبات بيروقراطية تقليدية، هذه المبادرة عززت جاذبية السوق المصرية للمستثمرين المحليين والأجانب، ووضعته في إطار بيئة استثمارية أكثر مرونة وكفاءة.
الاتفاقيات الدولية وتعزيز التعاون مع الخليج
شهد مارس 2025 طفرة كبيرة في العلاقات الاستثمارية الخارجية، مع الموافقة على اتفاقية حماية وتشجيع الاستثمار المتبادل بين مصر والمملكة العربية السعودية، والتي استهدفت تعزيز تدفق رؤوس الأموال وحماية حقوق المستثمرين وتسريع إقامة المشروعات المشتركة، في ظل استثمارات سعودية مهمة في السوق المصري. في الوقت نفسه، تم تعزيز التعاون الاقتصادي مع الإمارات عبر اللجنة الاقتصادية المشتركة، التي شملت قطاعات الاستثمار والطاقة المتجددة والصناعة والزراعة واللوجستيات، في خطوة لتعميق التكامل الاقتصادي بين الدولتين.
كما أعلنت الوزارة عن إعداد خريطة استثمارية وطنية لعشر سنوات قادمة، تضم أكثر من 1000 فرصة استثمارية في قطاعات استراتيجية مثل الطاقة والصناعة والصحة والزراعة والسياحة، بهدف تعزيز تنافسية مصر على المستوى الإقليمي والدولي.
حصاد منتصف العام واستعراض الإنجازات
بحلول يوليو 2025، قدم وزير الاستثمار عرضًا شاملًا لحصاد الوزارة منذ 2014 وحتى 2025، مؤكداً استمرار نمو الاستثمارات المحلية والأجنبية وتعزيز الصادرات المصرية للأسواق العالمية. هذا الاستعراض أظهر أثر سلسلة الإصلاحات والمبادرات الطويلة المدى في دفع عجلة الاستثمار وتحقيق نتائج ملموسة خلال العام.
الانضمام لاتفاقية تسهيل الاستثمار وتفعيل السياسات التجارية
أكتوبر 2025 شكل نقطة تحول استراتيجية، حيث وافق مجلس الوزراء على انضمام مصر رسميًا إلى اتفاقية “تسهيل الاستثمار من أجل التنمية” التابعة لمنظمة التجارة العالمية، بهدف تبسيط الإجراءات الإدارية، تحسين شفافية البيانات، وتسهيل الوصول للمعلومات الاستثمارية، مما يعزز ثقة المستثمرين الدوليين في السوق المصري. في نفس الشهر، استعرض الوزير وثيقة السياسة التجارية لمصر أمام مجلس الوزراء، لتعزيز الانفتاح التنافسي ودعم الصادرات وربط التوجهات الاستثمارية بالسياسات التجارية الوطنية وفق رؤية مصر 2030.
التحول الرقمي وتمكين بيئة الأعمال
في إطار تحسين مناخ الاستثمار، أطلقت الوزارة مبادرات التحول الرقمي، بما في ذلك منصة رقمية موحدة للأعمال والاستثمار، تهدف إلى دمج خدمات تأسيس الشركات، والترخيص، والمدفوعات، والمتطلبات المالية والجمارك، في نظام واحد يسهل على المستثمرين الدخول إلى السوق بتكلفة أقل ووقت أقل، هذا التوجه يعكس استراتيجية الوزارة في تعزيز الشفافية والفاعلية وتحفيز الاستثمار المحلي والأجنبي المباشر.
توطين الصناعة وتعزيز القيمة المحلية
خلال نوفمبر وديسمبر 2025، ركزت الوزارة على توطين صناعة استراتيجية مثل الدراجات النارية بالشراكة مع شركات عالمية، أبرزها مجموعة “أبو غالي موتورز” الإيطالية، بهدف خفض الاستيراد، تطوير الصناعة الوطنية، وفتح آفاق تصديرية جديدة. هذا التوجه يعكس استراتيجية واضحة لدعم الصناعات المحلية، وزيادة القيمة المضافة، وربط القطاع الصناعي بالاستثمار الأجنبي المباشر.
الاستثمار الأجنبي المباشر وأهداف النمو
على مدار العام، ركزت تصريحات وزير الاستثمار على رفع تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر لتصل إلى نحو 12 مليار دولار بنهاية 2025، مع إعداد خطة طويلة المدى تستهدف جذب 30 مليار دولار إضافية بحلول 2030، من خلال إصلاحات هيكلية، تحفيز الاستثمار، وتعزيز بيئة الأعمال الرقمية، بما يعكس التزام الوزارة بتطوير بيئة استثمارية متقدمة وموثوقة للمستثمرين المحليين والأجانب.
تحسين تصنيف مصر في مؤشرات الاستثمار العالمية
على مستوى المؤشرات، أسهمت هذه القرارات والاتفاقيات في زيادة الصادرات، خفض العجز في الميزان التجاري، وتحسين تصنيف مصر في مؤشرات الاستثمار العالمية، كما عززت الشفافية وجاذبية السوق المصري أمام المستثمر الدولي، التوسع في التعاون الدولي مع السعودية والإمارات، والشراكات الصناعية المحلية، والتحول الرقمي، شكلت رافعات قوية لدفع الاقتصاد نحو مزيد من الاستقرار والنمو، وترسيخ مصر كوجهة استثمارية تنافسية إقليميًا ودوليًا.





