في تطور لافت وغير مسبوق في تاريخ الثروات العالمية، شهد الأسبوع الماضي قفزة استثنائية في صافي ثروة رجل الأعمال الأمريكي “إيلون ماسك”، مؤسس شركتي “تسلا” و”سبيس إكس”، بعدما تجاوزت ثروته حاجز 600 مليار دولار، ليصبح بذلك أول شخص في التاريخ يصل إلى هذا المستوى من الثروة.
وتجمع معظم التقارير الاقتصادية على أن الفارق بين “ماسك” وأقرب منافسيه في قائمة أثرياء العالم أصبح غير مسبوق، إذ تتجاوز ثروته مئات المليارات مقارنة بصاحب المركز الثاني، ما يجعل وصوله إلى لقب “أول تريليونير في التاريخ” مسألة وقت وفق تقديرات المحللين.
ويعكس هذا التحول المسار التصاعدي السريع الذي سلكه “ماسك” خلال السنوات الأخيرة، مستفيدًا من التوسع الكبير في استثماراته، لا سيما في مجالات السيارات الكهربائية، وصناعة الفضاء، والذكاء الاصطناعي، وهي قطاعات تشهد نموًا متسارعًا على المستوى العالمي.
ووفقًا لتقديرات مجلة “فوربس” الأمريكية، فإن العامل الأبرز وراء هذه القفزة يتمثل في الارتفاع الكبير في تقييم شركة “سبيس إكس”، المتخصصة في صناعة الصواريخ وتقديم خدمات الإطلاق الفضائي، بعدما أطلقت الشركة عرضًا لشراء أسهم بقيمة 800 مليار دولار، مقارنة بنحو 400 مليار دولار في أغسطس الماضي، بحسب إفادات مستثمرين مطلعين.
ويمتلك “ماسك” حصة تقدر بنحو 42% من أسهم “سبيس إكس”، وهي الحصة الأكبر ضمن أصوله الرئيسية، حيث تُقدّر قيمتها بنحو 336 مليار دولار، ما أدى إلى زيادة صافي ثروته بحوالي 168 مليار دولار خلال فترة قصيرة، لتصل إلى نحو 677 مليار دولار، وهو رقم غير مسبوق في تاريخ الثروات الفردية، حسب “فوربس”.
وذكرت مجلة “فوربس”، أن ثروة “ماسك” لا تقتصر على قطاع الفضاء فقط، إذ يمتلك أيضًا نحو 12% من أسهم شركة “تسلا” لصناعة السيارات الكهربائية، التي شهد سهمها ارتفاعًا بنسبة 13% منذ بداية العام، رغم تراجع المبيعات في بعض الأسواق، في إشارة إلى استمرار ثقة المستثمرين بخطط الشركة المستقبلية.
وفي تقرير لوكالة “رويترز”، أشار إلى أن شركة “سبيس إكس” تخطط للإدراج في الأسواق المالية خلال عام 2026، وسط توقعات بأن يؤدي هذا الطرح المحتمل إلى رفع تقييم الشركة إلى نحو 1.5 تريليون دولار، وهو ما قد يفتح الطريق أمام “ماسك” ليصبح أول تريليونير في العالم.
وساهم إعلان “ماسك” عن بدء اختبار سيارات الأجرة ذاتية القيادة “روبوتاكسي” دون وجود مراقب أمان في المقعد الأمامي في دعم أداء سهم “تسلا”، إذ سجل السهم ارتفاعًا ملحوظًا عقب الإعلان، حيث أكدت “فوربس”، أن هذا الإعلان يعكس تفاؤل الأسواق بتقدم الشركة في مجال القيادة الذاتية.
وفي هذا السياق، ذكرت صحيفة “الغارديان” البريطانية أن مساهمي “تسلا” وافقوا في نوفمبر الماضي على خطة مكافآت استثنائية، قد تمنح “ماسك” ما يصل إلى تريليون دولار إضافي من الأسهم، في حال تمكنت الشركة من تحقيق أهداف أداء طموحة خلال السنوات العشر المقبلة.
وتشير “الغارديان” إلى أن هذه الخطوة تعكس ثقة المستثمرين في رؤية “ماسك” طويلة المدى، خصوصًا في مجالات الذكاء الاصطناعي والروبوتات، التي تسعى «تسلا» إلى تعزيز حضورها فيها خلال السنوات المقبلة.
وفي موازاة ذلك، يواصل “ماسك” توسيع نشاطه في مجال الذكاء الاصطناعي عبر شركته “إكس إيه آي هولدينغز”، التي اندمجت مع منصته الاجتماعية “إكس”، حيث أفادت وكالة “بلومبرغ” بأن الشركة تجري محادثات لجمع تمويل جديد قد تصل قيمته إلى 230 مليار دولار، وهو ما يتجاوز ضعف تقييمها عند تأسيسها في مارس الماضي.
وتقدّر مجلة “فوربس” حصة ماسك في “إكس إيه آي هولدينغز” بنحو 53%، ما يضيف إلى ثروته عشرات المليارات من الدولارات، ويؤكد تنوع مصادر دخله واستثماراته في قطاعات استراتيجية متعددة.
وتُظهر بيانات منصة “جوت تريد” لتداول الأسهم أن “سبيس إكس” أصبحت حاليًا أغلى شركة خاصة في العالم، مع توقعات بأن يصل تقييمها إلى نحو 1.5 تريليون دولار في حال طرحها للاكتتاب العام، وهو ما قد يشكل نقطة تحول في قطاع الفضاء التجاري عالميًا.
وتشير بيانات صادرة عن جامعة “أديلاد للتكنولوجيا” في أستراليا إلى أن ثروة ماسك شهدت نموًا غير مسبوق خلال فترة قصيرة، إذ ارتفعت من نحو 24.6 مليار دولار في مارس 2020 إلى قرابة 100 مليار دولار في أغسطس من العام نفسه.
وأضافت “أديلاد للتكنولوجيا”، أن “ماسك” حصل في يناير 2021، على لقب أغنى شخص في العالم بثروة تقارب 190 مليار دولار، متجاوزًا “جيف بيزوس” و”برنارد أرنو”، قبل أن يواصل تسجيل قفزات مالية متتالية أوصلت ثروته إلى 300 مليار دولار بنهاية 2021، ثم 400 مليار دولار في 2024، وصولًا إلى المستويات القياسية الحالية.





