
تمثل محطة الضبعة النووية خطوة جديدة في مسار الطاقة بمصر، ليس فقط لأنها أول محطة من هذا النوع في البلاد، بل لأنها تُعد أيضًا واحدًة من أضخم المشاريع القومية في المنطقة، ويأتي هذا المشروع ضمن توجه الدولة لتعزيز أمن الطاقة وتوسيع مصادرها، بما يتسق مع رؤية مصر 2030 للتنمية المستدامة.
وفي هذا السياق، أشارت وكالة “إيكوفين” المتخصصة في الاقتصاد والمالية بأفريقيا إلى أهمية المشروع بالنسبة لمستقبل الطاقة النظيفة في مصر، وأوضحت الوكالة أن المحطة تضم أربع وحدات من طراز VVER-1200 من الجيل الثالث المطور، بقدرة إجمالية تصل إلى 4800 ميغاواط، وهو ما يجعلها، بحسب الوكالة أكبر محطة نووية قيد الإنشاء حاليًا في القارة الأفريقية.
من جانب آخر، ذكرت منصة المعلومات الرقمية التابعة لشركة “روساتوم” المنفذة لمحطة الضبعة النووية أن المشروع يمثل ثمرة شراكة استراتيجية طويلة الأمد بين مصر وروسيا، فقد وقّعت “روساتوم” اتفاقية تعاون شامل مع وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة، بحضور رئيس الوزراء الدكتور “مصطفى مدبولي”، وأشار المدير العام للشركة، “أليكسي ليخاتشوف”، إلى أن التعاون لا يقتصر على الإنشاءات فحسب، بل يشمل تبادل الخبرات العلمية والتقنية وتوطين التكنولوجيا داخل مصر، بما يُسهم في خلق فرص عمل وتعزيز القدرات المصرية في سوق الطاقة.
كما تناولت “إندبندنت عربية” الجوانب المتعلقة بالسلامة، مشيرة إلى أن تصميم المفاعلات يستند إلى معايير الجيل الثالث المتقدم، بما يسمح لها بالصمود أمام أي حوادث شديدة القوة، مثل اصطدام طائرة يصل وزنها إلى 400 طن أو زلزال بقوة تسع درجات على مقياس ريختر، ولفتت “إندبندنت”، إلى أن دور “روساتوم” سيمتد إلى تشغيل المحطة وتزويدها بالوقود النووي وتدريب الكوادر المحلية، إضافة إلى إنشاء منشأة خاصة لتخزين الوقود المستهلك وتقديم الدعم الفني خلال السنوات الأولى للتشغيل.
وفي تطور آخر، لفت وضع هيكل الاحتواء الخاص بالمفاعل الأول في محطة الضبعة الأنظار دوليًا، فقد أشاد المتحدث باسم الكرملين، “ديمتري بيسكوف”، بسرعة التقدم في أعمال المشروع، مؤكدًا أن جميع الشروط اللازمة لبدء التشغيل أصبحت متوافرة.
كما عبّر المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، “رافائيل جروسي”، عن تقديره للجهود المبذولة في المشروع، وأوضح أن الوكالة أجرت عمليات تقييم دقيقة، وأن نتائجها تعكس مستوى التقدم الذي وصلت إليه المحطة، وأثنى “جروسي” على التعاون بين مصر وروسيا، مؤكدًا أن المشروع يجسد شراكة واضحة في مجال الطاقة النووية بين البلدين.
وفي إطار العلاقات المصرية الروسية، قال الرئيس “عبد الفتاح السيسي”، إن المشروع يمثل الصفحة الأولى لمسار الطاقة النووية في مصر، مؤكداً أن التعاون مع روسيا قائم على أسس استراتيجية ومستقرة، ويخدم مصالح شعبي البلدين على حد سواء.
وأضاف الرئيس “السيسي” أن محطة الضبعة النووية تمثل رسالة واضحة بأن مصر ستواصل المضي قدماً بكل قوة في تطوير قطاع الطاقة، بما يضمن الحصول على طاقة مستقرة وموثوقة، وأكد على المكانة والأولوية الخاصة لمصر في مجال الطاقة النووية، ودور هذا المشروع في تعزيز القدرة التقنية والاقتصادية للبلاد، ضمن رؤية واضحة للاستفادة من الشراكات الدولية في المجالات الحيوية.
من جانبه أكد الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” أن الرئيس “السيسي” هو صاحب مبادرة إطلاق مشروع الضبعة النووي، ووصف المشروع بأنه يتجاوز الطابع التقني ليعكس عمق الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وموسكو في قطاع الطاقة بالمنطقة.
وشدّد الرئيس الروسي على أن العلاقات بين مصر وروسيا تتطور في إطار اتفاقية الشراكة الاستراتيجية التي تجمع البلدين، مضيفاً أن مسار التعاون سيتواصل بقوة أكبر خلال الفترة المقبلة.
ومن هذا المنطلق، أكدت الرئاسة المصرية أن تركيب وعاء ضغط المفاعل الخاص بالوحدة الأولى في محطة الضبعة النووية يعكس تقدّم الأعمال الإنشائية ودخول المشروع مرحلة جديدة، تُقرب مصر من تشغيل أول محطة نووية في تاريخها، وهو تطور يُنظر إليه داخل مصر وخارجها كمحور استراتيجي لتعزيز أمن الطاقة، وإدماج التكنولوجيا النووية في مسار التنمية المستدامة.
وفي هذا الجانب، أكد “أليكسي كونونينكو”، مدير مشروع محطة الضبعة، في تصريحات لقناة “القاهرة الإخبارية”، أن بناء أربعة مفاعلات نووية في مصر يمثل مشروعًا عالميًا ضخمًا، ويشكل نموذجًا رائدًا في تعزيز التعاون بين القاهرة وموسكو في قطاع الطاقة، وأعرب “كونونينكو” عن تفاؤله بالتقدم الكبير في تنفيذ المشروع، مشيرًا إلى أن مصر اقتربت من تحقيق حلمها في الاعتماد على الطاقة النووية.





