تجارة وصناعة

رهان رابح لتعزيز تنوع الاقتصاد.. التجارة الإلكترونية «شطارة حكومية»

على الرغم من قسوتها، كان لجائحة كورونا وجه مضيء نوعًا ما، حين قربت الناس أكثر من فكرة الشراء الإلكتروني، الأمر الذي أسهم في تعزيز التجارة الإلكترونية، ما شجع كبرى الشركات العالمية على النظر إلى السوق المصرية بشكل مختلف وقررت الوجود والتوسع فيها.

وتساعد التجارة الإلكترونية في تحقيق رؤية الحكومة الخاصة بالشمول المالي عبر توفير منصات الدفع الرقمي، كبديل عن الكاش، غير أن الأمر لا يخلو من التحديات، أبرزها استمرار الاعتماد الكبير على الدفع النقدي، الذي لا يزال يمثل قرابة 80% من المعاملات.

وبحسب بيانات مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، فإن حجم التجارة الإلكترونية فى السوق المصرية تجاوز 93 مليار جنيه فى 2021، ونما بنسبة 30% خلال عام 2022 ليصل إلى نحو 121 مليار جنيه، حيث تعكس هذه الأرقام حركة البيع والشراء المسجلة، أى التى تتم عن طريق المحافظ البنكية وكروت الدفع والائتمان، وليس حجم السوق ككل، فلا تزال الأرقام حول حجم معاملات التجارة الإلكترونية فى مصر غير دقيقة وتقع أغلبها ضمن الاقتصاد الرسمى.

ويشهد الاقتصاد طفرة نوعية في قطاعي التجارة الإلكترونية والامتياز التجاري، حسبما تؤكد خطة الدولة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالي 2025/2026 المقدمة من وزيرة التخطيط رانيا المشاط إلى البرلمان بغرفتيه (النواب، الشيوخ).

وتُظهر التقديرات أن سوق التجارة الإلكترونية في مصر يسير بخطى متسارعة نحو تسجيل حجم تداول يبلغ 500 مليار جنيه حتى عام 2025، مدفوعا بتوسع استخدام الحلول الرقمية الحديثة، وتنامي الاعتماد على وسائل الدفع الإلكتروني، خاصة أنظمة “اشتر الآن وادفع لاحقا”، التي أصبحت من الخيارات المفضلة لدى شريحة واسعة من المستهلكين.

في السياق ذاته تشير خطة التنمية إلى أن قطاع الامتياز التجاري يحقق نموا ملحوظا، إذ يضم السوق المصري نحو 1300 نظام امتياز نشط، منها 58% تحمل علامات تجارية دولية، فيما تبرز العلامات المحلية في مقدمة المنافسة، خاصة في قطاع مطاعم الخدمة السريعة (QSRs)، الذي يشهد تنوعا في العروض وزيادة في التنافسية السعرية.

وتحرص الحكومة، وفقا لما قاله شريف الكيلاني، نائب وزير المالية للسياسات الضريبية، على دمج التجارة الإلكترونية بشكل أوسع لتعزيز تنوع الاقتصاد، وتعميق اليقين الضريبي والجمركي، وتيسير انضمام رواد التجارة الإلكترونية إلى الاقتصاد الرسمي.

الكيلاني أشار، إلى أن الوزارة تعمل على تحقيق التكامل بين وحدتي التجارة الإلكترونية بالضرائب والجمارك؛ لتعزيز الحوكمة وضمان التنافسية العادلة، موضحًا أن وحدة التجارة الإلكترونية “ترسخ مسار الثقة مع مجتمع الأعمال نحو اقتصاد رقمي أكثر انضباطًا وعدالة”. وأشار إلى أن الأسواق الرقمية أصبحت نافذة عالمية لزيادة التبادل التجاري بسهولة وسرعة غير مسبوقتين.

وأكد أحمد أموي، رئيس مصلحة الجمارك، أن التجارة الإلكترونية أصبحت تثير تساؤلات عالمية بشأن التحديات المرتبطة بتنظيم تبادل السلع، موضحًا أن المصلحة تكثف التعاون مع قطاع الشحن الجوي لتنظيم حوكمة التجارة الإلكترونية، مضيفا: “نحرص على تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص ومقدمي الخدمات اللوجستية، ونتطلع من خلال هذا الحوار الثري إلى الخروج بتوصيات عملية ومقترحات تطويرية فعّالة تُسهم في تعزيز منظومة التجارة الإلكترونية وتوسيع التعاون بين الجمارك والقطاع اللوجستي، بما يخدم مصلحة الاقتصاد الوطني”.

ويوجد في مصر 21.8 ألف منشأة تتعامل مع التجارة الإلكترونية، وفقا لمصطفى سعد، رئيس قطاع الإحصاءات الاقتصادية والتعبوية بالجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، الذي كشف عن إضافة 3 استبيانات لاستمارة التعداد الاقتصادي عن بيانات التجارة الإلكترونية والتعهيد والاقتصاد الأخضر، بالإضافة إلى الحصر الشامل للمناطق الصناعية الرسمية والحرة والاستثمارية، وفقا لمطالب مستخدمي البيانات.

وأكد أحمد العسقلاني، نائب رئيس مصلحة الجمارك، أن التجارة الإلكترونية تكتسب أهمية متزايدة في دعم الاقتصاد الوطني، مشيرًا إلى أن التيسيرات الحكومية تسهم في تعزيز نمو هذا القطاع وتوسعه في الأسواق المحلية والعالمية.

وأوضح أن التجارة الإلكترونية لا تقتصر على بيع السلع فقط، بل تشمل أيضًا تقديم الخدمات بمختلف أنواعها، وهو ما يجعل مجالاتها تتسع باستمرار مع التطور الرقمي المتسارع.

وقالت الدكتورة أمل الجابري، رئيس وحدة التجارة الإلكترونية بمصلحة الجمارك، إن المصلحة تسعى إلى إنشاء بيئة جمركية رقمية متكاملة تتميز بالكفاءة والشفافية، وتُعزز تبادل البيانات بين الجهات المعنية بالمنظومة الجمركية، بما يجعل الإجراءات الخاصة بالتجارة الإلكترونية أسرع وأدق وأكثر ارتباطًا بمنصات التجارة الرقمية.

وأكدت أن الوحدة تعمل على أن تكون التجارة الإلكترونية داخل مصر وخارجها ميسّرة ومبسطة وآمنة، بحيث يشعر جميع المتعاملين -مستوردين أو مصدرين- بأن الإجراءات واضحة ومتوافقة مع معايير التجارة الإلكترونية الحديثة، بما يدعم “اقتصاد التصدير” ويُمكّن المستثمرين من الاستفادة الكاملة من التحول الرقمي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *