
قالت رانيا جول، خبيرة أسواق المال العالمية بشركة XS.com، إن الأسواق الدولية شهدت خلال الأسابيع الأخيرة واحدة من أكثر مراحل التذبذب حدّة منذ بداية العام، مع تراجع واسع في أسهم شركات الذكاء الاصطناعي التي كانت تقود موجة الصعود منذ منتصف 2023.
وأوضحت أن هذا التصحيح لم يكن مجرد تقلب عابر، بل جاء نتيجة مراجعة تقييمات مفرطة وتوقعات أرباح غير واقعية في قطاع التكنولوجيا المتقدمة.
و أضافت في تصريح خاص لـ البورصجية ،أنه بالرغم أن موجة التراجع أصابت مؤشرات التكنولوجيا في الصميم، فإن الأسواق العربية—وخاصة في أبوظبي ودبي والسعودية ومصر—أظهرت تماسُكاً نسبياً بفضل قوة القطاعات التقليدية والسيولة المحلية المرتفعة، مما يعكس متانة الأساسيات الاقتصادية.
الولايات المتحدة: تصحيح تقييمات وليس انهيار أساسات
شهدت وول ستريت تصحيحًا انتقائيًا قادته تراجعات حادة في أسهم شركات الذكاء الاصطناعي مثل “نفيديا”، ما انعكس على قطاعات أشباه الموصلات والبرمجيات.
وترى جول أن ما يحدث هو إعادة تسعير طبيعية أكثر من كونه انهيارًا هيكليًا، موضحة أن الشركات القادرة على تحويل استثماراتها إلى تدفقات نقدية ستبقى في الصف الأول، بينما تواجه الشركات الصغيرة ضغوط بيع مضطربة.
ونصحت جول المؤسسات الاستثمارية بإعادة توازن المحافظ الاستثمارية وتقليل المراكز المفرطة في شركات النمو، مع التركيز على الجودة والسيولة.
أوروبا وآسيا: رأس المال يتحرك نحو القيمة
انتقلت موجة التراجع إلى أوروبا وآسيا، حيث كانت الخسائر أكبر في قطاعات التكنولوجيا، بينما صمدت القطاعات الدفاعية والسلعية.
وتتوقع جول أن يتحرك رأس المال مؤقتًا نحو أسهم القيمة والقطاعات ذات الأرباح المستقرة، مرجّحة احتمال استمرار التصحيح خلال 3–6 أشهر في حال استمرار الضغوط الائتمانية والتنظيمية.
أبوظبي ودبي: تماسُك واستفادة من التصحيح
في سوق أبوظبي (ADX)، كان التأثير محدودًا بفضل هيكل السيولة القوي والوزن الكبير لقطاعات الطاقة والبنوك.
أما سوق دبي المالي (DFM) فحافظ على زخم الإدراجات والنشاط، رغم ارتفاع الحساسية للأخبار العالمية.
وترى جول أن الأسواق الخليجية يمكن أن تستفيد من التصحيح الحالي عبر تعزيز مراكزها في الأسهم الأساسية ومراقبة التحركات قصيرة الأجل للسيولة الأجنبية.
السعودية: تحوّط مطلوب في ظل ضغوط المعنويات
أشارت جول إلى أن السوق السعودي (تداول) شهد تراجعًا محدودًا مع تأثر المعنويات العالمية، مؤكدة أن المملكة تظل وجهة استثمارية جاذبة بفضل الإصلاحات الاقتصادية واحتياطياتها القوية.
وأوصت صناديق الاستثمار بتطبيق سيناريوهات تحمّل هبوط بين 10–20% لضمان مرونة المحافظ أمام تقلبات الأسواق العالمية.
مصر: تأثر معنوي أكثر من اقتصادي
أما البورصة المصرية (EGX)، فقد سجلت أداءً متباينًا مع صعود أسهم البنوك والاستهلاكية بدعم من السيولة المحلية.
وترى جول أن التأثير المباشر لتراجع أسهم الذكاء الاصطناعي على مصر محدود، لكن تباطؤ التدفقات الأجنبية قد يضغط على بعض القطاعات المرتبطة بالاستيراد.
ونصحت بالحفاظ على مزيج استثماري متوازن يركز على الأسهم القيادية ذات السيولة العالية
و أكدت رانيا جول أن ما يجري ليس انهيارًا في مستقبل التكنولوجيا، بل تصحيح تقييمات ضروري بعد موجة تفاؤل مفرطة.
وأضافت أن الأسواق العالمية تدخل مرحلة أكثر واقعية تُعيد الاعتبار للأساسيات المالية، في حين تبقى البورصات العربية أقل عرضة للمخاطر التقنية وأكثر استفادة من التدفقات الباحثة عن الاستقرار والعائد الثابت.





