
أيام قليلة تفصلنا عن الافتتاح المنتظر للمتحف المصري الكبير عند سفح الأهرامات، في حدث يُعد الأبرز على الساحة الثقافية العالمية هذا العام.
فمع اكتمال هذا الصرح العملاق، تستعد مصر لإزاحة الستار عن أكبر متحف مخصص لحضارة واحدة في العالم، متفوقًا بذلك على متحف اللوفر الشهير في باريس من حيث المساحة وعدد المقتنيات.
يقع المتحف المصري الكبير على مساحة تقترب من نصف مليون متر مربع، أي ما يعادل ضعفي مساحة متحف اللوفر الذي يمتد على نحو 210 آلاف متر مربع، وخمسة أضعاف مساحة المتحف البريطاني في لندن. ويضم أكثر من 100 ألف قطعة أثرية تروي رحلة الحضارة المصرية عبر آلاف السنين، في حين يعرض اللوفر نحو 35 ألف قطعة فقط من مقتنياته الضخمة.
ويُتوقع أن يستقبل المتحف المصري الكبير أكثر من 5 ملايين زائر سنويًا بعد افتتاحه الرسمي المرتقب في نوفمبر المقبل، ليصبح أحد أهم المقاصد السياحية والثقافية على مستوى العالم، بما يقدمه من تجربة متحفية متطورة توظف أحدث تقنيات العرض والتفاعل الرقمي والواقع الافتراضي.
يتميز المتحف بموقعه الاستراتيجي قرب أهرامات الجيزة، ويضم الدرج العظيم الذي يعرض تماثيل ضخمة لملوك مصر القديمة، بالإضافة إلى قاعة الملك توت عنخ آمون التي تجمع أكثر من 5600 قطعة أثرية من كنوزه الشهيرة كاملة في مكان واحد لأول مرة. كما يشمل المتحف قاعات عرض دائمة ومؤقتة، ومتحفًا للأطفال، ومركزًا للمؤتمرات الدولية، ليصبح مركزًا حضاريًا وثقافيًا متكاملًا يدمج بين الماضي والمستقبل.
و يظل متحف اللوفر أحد أعرق المتاحف في العالم، إذ تأسس في القرن الثامن عشر، ويحتفظ بين جدرانه بروائع خالدة مثل لوحة الموناليزا وتمثال فينوس دي ميلو، فضلًا عن قطع مصرية شهيرة كـتمثال الكاتب الجالس ورأس الملك إخناتون.
غير أن المتحف المصري الكبير يقدّم رؤية جديدة للريادة الثقافية، كونه أول متحف مخصص بالكامل لحضارة واحدة، ويعرضها بأحدث تقنيات القرن الحادي والعشرين في موقعها الأصلي على أرضها.
بافتتاح هذا الصرح، تعلن مصر عن مرحلة جديدة في استثمار إرثها الحضاري لتقديم تجربة عالمية تُجسّد تلاقي الماضي المجيد مع المستقبل المشرق. وبينما يظل اللوفر رمزًا للفن العالمي، يستعد المتحف المصري الكبير لأن يكون أيقونة حضارية جديدة تُعيد توجيه أنظار العالم نحو أرض الفراعنة، حيث بدأ التاريخ ولا يزال ينبض بالحياة.




