مصر

خبيرة أسرية للبورصجية.. طفل الإسماعيلية ضحية غياب الرقابة الأسرية والمحتوى العنيف

في وقت أصبحت فيه الشاشات أقرب إلى الأطفال من ذويهم، تتوالى حوادث صادمة تهز المجتمع وتلفت الانظار حول غياب الدور التربوي والرقابي داخل الأسرة، وجريمة الإسماعيلية التي ارتكبها طفل لم يتجاوز الثالثة عشرة من عمره ليست مجرد واقعة عابرة، بل مؤشر خطير على خلل متصاعد في منظومة القيم والتنشئة، بعدما اختلطت لدى بعض النشء مفاهيم الخيال بالعنف، والبطولة بالإجرام.

وفي هذا الإطار أعربت داليا الحزاوي، الخبيرة التربوية ومؤسس ائتلاف أولياء أمور مصر، عن بالغ صدمتها من الجريمة البشعة التي شهدتها محافظة الإسماعيلية، بعد تورط طفل يبلغ من العمر 13 عامًا في قتل صديقه وتقطيع جثمانه باستخدام منشار كهربائي، واصفة الواقعة بأنها من أبشع الجرائم التي عرفها المجتمع في السنوات الأخيرة، وأغربها على الإطلاق، لأن مرتكبها طفل ما زال في المرحلة الإعدادية.

وأكدت الحزاوي أن ما حدث لا يمكن اعتباره مجرد حادثة عابرة، بل هو نتيجة تراكم أخطاء تربوية ممتدة، بدأت بفقدان الاحتواء الأسري وانعدام التواصل بين الأهل والأبناء، مرورًا بغياب الرقابة على المحتوى الذي يتعرض له الأطفال عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو الألعاب الإلكترونية أو حتى عبر شاشات التلفزيون.

وأوضحت أن تصوير المجرم والبلطجي في بعض الأعمال الدرامية والفنية على أنه بطل أو شخص قوي يجعل بعض الأطفال يتقمصون تلك الشخصيات دون وعي، ويترجمونها إلى سلوكيات عنيفة في واقعهم، قولًا وفعلًا.

وأضافت الحزاوي أن خطورة الأمر تتضاعف مع انتشار الهواتف المحمولة في أيدي الأطفال دون ضوابط أو رقابة حقيقية، ومع متابعة القنوات المخصصة للأطفال دون تدقيق في محتواها، موضحة أن “ليس كل كرتون آمن، ولا كل فيديو مضحك بريء”، فالكثير من المقاطع التي تبدو مسلية تخفي بين ألوانها المبهجة مشاهد عنف وتنمّر وسلوكيات غير سوية تُعرض بطريقة جذابة تؤثر سلبًا في وعي الأطفال وقيمهم.

وتابعت قائلة: “نحن أمام حروب من نوع جديد حروب تستهدف العقول، وتركز على تدمير وعي الأطفال والشباب من الداخل، لتفكيك المجتمعات وضرب منظومة القيم فيها.”

وشددت الحزاوي على أن الحل لا يكمن في المنع التام، بل في الرقابة الواعية والتواصل المستمر مع الأبناء، إلى جانب تحديد أوقات استخدام الهاتف بصرامة، وتوفير بدائل تربوية كتشجيعهم على ممارسة الرياضة وتنمية الهوايات المختلفة.

كما دعت إلى تفعيل دور الأخصائي الاجتماعي في المدارس لرصد السلوكيات العنيفة أو غير الطبيعية بين الطلاب والتعامل معها مبكرًا، مع تنظيم ندوات توعوية للأسر والطلاب حول مخاطر الألعاب الإلكترونية العنيفة وإدمان الإنترنت، وأثر ما يُعرف بـ”حروب الجيل الرابع والخامس” على العقول الناشئة.

واختتمت الحزاوي حديثها قائلة: “أبناؤنا أمانة في أعناقنا، وإذا غفلنا عنهم سندفع الثمن غاليًا، ما حدث في الإسماعيلية ناقوس خطر يجب أن يوقظنا جميعًا قبل فوات الأوان.”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *