
افتتح الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، صباح السبت، عدداً من المشروعات التنموية والصناعية الجديدة بمنطقة القنطرة غرب الصناعية التابعة للهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
وأكد رئيس الوزراء، في كلمته خلال الافتتاح، أن المنطقة أصبحت اليوم مركزًا إقليميًا للصناعات النسيجية ونموذجًا حيًا لسرعة الإنجاز في ملف توطين الصناعات.
وأوضح مدبولي أن المنطقة الصناعية مخطط لها أن تستوعب 50 مصنعاً، ما سيتيح نحو 500 ألف فرصة عمل، مع إمكانية تحقيق صادرات تصل قيمتها إلى 25 مليار دولار عند اكتمال كافة المشروعات.
من جانبه، أشار وليد جمال الدين، رئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، إلى أن القنطرة غرب الصناعية تحولت خلال عامين فقط من مجرد مخطط على الورق إلى منصة صناعية متكاملة، جذبت استثمارات بقيمة 1.055 مليار دولار موزعة على 40 مشروعًا، تم تسليم الأرض لـ25 منها، فيما يجري تنفيذ أعمال بناء الأسوار وتحسين التربة والإنشاءات للمشروعات الأخرى. وأكد جمال الدين أن المنطقة توفر قاعدة راسخة لتوطين الصناعات وتعميق التصنيع المحلي، وهو ما يمثل خطوة نوعية نحو إحلال الواردات وتعزيز القدرة التنافسية للصناعة الوطنية.
ولفت رئيس الهيئة إلى أن أعمال البنية التحتية في المنطقة، البالغة مساحتها 19 مليون متر مربع، بلغت تكلفتها نحو 14 مليار جنيه، وتشمل محطة تنقية مياه الشرب، ومأخذ المياه العكرة، ومحطة معالجة الصرف الصحي، ومحطات رفع الصرف، ومحطة محولات بقدرة 500 ميجا فولت أمبير، وشبكات الكهرباء، وشبكة الاتصالات، وشبكات توزيع الغاز، وتحسين التربة، وشبكة طرق بإجمالي أطوال 20 كم. وأضاف جمال الدين أن المرحلة الأولى من هذه البنية الأساسية، بمساحة 4 ملايين متر مربع، تم الانتهاء منها بتكلفة 4 مليارات جنيه، فيما تُنفذ باقي المراحل تباعاً.
تعليقا على ذلك، يقول الدكتور هشام إبراهيم، أستاذ التمويل والاستثمار إن تجربة القنطرة غرب تمثل نموذجًا مهمًا لقدرة الدولة المصرية على تحويل مناطق كانت تعاني من الإهمال إلى مراكز صناعية ولوجستية واعدة، مؤكدًا أن القطاع الغذائي سيكون من أبرز المستفيدين من هذه المنطقة، إلى جانب الصناعات الداعمة للقطاع السياحي، مما يوفر متنفسًا اقتصاديًا للمواطنين.
ومن جهته، يرى رامي حجازي، خبير أسواق المال، أن منطقة القنطرة غرب تمثل نموذجًا واضحًا لتحول سياسات الاستثمار في مصر، إذ لم تعد الدولة تركز على بيع الأراضي فحسب، بل تعمل على تطوير المشروعات الصناعية والبنية التحتية لدعم الاقتصاد الوطني وخلق فرص عمل حقيقية، بما يعكس رؤية مصر نحو اقتصاد مستدام قائم على الصناعة والقيمة المضافة.
ويمثل افتتاح المشروعات الجديدة في القنطرة غرب خطوة محورية لدعم توطين الصناعة، وفقا للدكتور بلال شعيب، الخبير الاقتصادي، الذي يرى أن المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، التي تضم 6 موانئ بحرية و4 مناطق صناعية، أصبحت محط أنظار المستثمرين العالميين باعتبارها منفذًا رئيسيًا للسوق الأفريقية التي تضم 1.4 مليار نسمة. ويضيف شعيب في تصريحات صحفية أن هذه المشروعات تسهم في زيادة الإنتاج المحلي ورفع معدلات التشغيل، وهو ما انعكس في انخفاض معدل البطالة من 13.5% عام 2013 إلى 6.1% في 2025، وتعزيز موارد النقد الأجنبي وتحقيق استقرار سعر الصرف.
من جانبه، أوضح الدكتور عبد المنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية، أن افتتاح منطقة القنطرة غرب يعد إضافة كبيرة لملف الصناعة في مصر، لافتًا إلى أن الهدف من هذه المشروعات هو زيادة حجم الاستثمارات في قطاع الصناعة، بما يسهم في رفع مساهمة هذا القطاع في الناتج المحلي الإجمالي إلى نحو 22%، ويزيد فرص التصدير ويقلل من معدلات البطالة.
كما يرى رامي حجازي أن تطبيق نموذج المطور الصناعي سيساعد على تسريع تنفيذ المشروعات، حيث سيتولى تجهيز الأرض والمرافق وبناء المصانع بالتنسيق مع المستثمرين، مؤكدًا أن المشروع يمثل محورًا استراتيجيًا لجذب الاستثمارات الخارجية لسهولة التصدير بفضل قربه من قناة السويس، ويتم تصميمه وفق أحدث المعايير.
وأشاد الدكتور هشام إبراهيم بالبرنامج الوطني لإعادة تشغيل المصانع المتعثرة والمغلقة، مشيراً إلى أن الدولة أعادت تشغيل 1235 مصنعًا جزئيًا أو كليًا، ما يعكس التوجه نحو تعزيز الصناعة المحلية ورفع الطاقة التصديرية وخلق فرص عمل جديدة، إلى جانب زيادة مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وأكد الدكتور بلال شعيب أن المشروعات الجديدة تعزز قدرة الصادرات المصرية على الوصول إلى المستهدفات الوطنية، وتدعم استدامة النمو الاقتصادي، وترسخ مكانة مصر كوجهة استثمارية رائدة في إفريقيا والعالم، بما يتوافق مع أهداف رؤية مصر 2030.