تجارة وصناعة

شراكات دولية تفتح آفاق الاستثمار.. مصر تحلق فى سماء صناعة الطائرات

تسابق مصر الزمن للدخول إلى نادي الدول المنتجة لمكونات الطائرات، في إطار استراتيجية وطنية طموحة تهدف إلى توطين الصناعات المتقدمة وجذب استثمارات أجنبية في قطاع الطيران، وتستند هذه التحركات إلى شراكات دولية وحوافز استثمارية جديدة، مدعومة بتمويل حكومي ضخم يضع الصناعة المصرية على طريق التحول إلى لاعب رئيسي في سلاسل التوريد العالمية.

وتؤكد بيانات الهيئة العربية للتصنيع، أن “مصنع الطائرات” بحلوان، الذي يمتد تاريخه إلى خمسينيات القرن الماضي، ما زال يمثل قاعدة صناعية يمكن البناء عليها، بفضل خطوط إنتاجه وخبراته الفنية، مع خطط لتطوير المعامل وأنظمة الاختبارات لتلبية متطلبات كبريات شركات الطيران العالمية.

وفي خطوة تعكس جدية التحرك نحو توطين صناعة الطيران، كشف وزير الطيران المدني – مطلع العام الجاري- عن إطلاق مبادرة لإنشاء مركز وطني لتصنيع قطع غيار الطائرات، بالشراكة مع شركة “إيرباص”، موضحًا أن المشروع يستهدف تصنيع المكونات القابلة للإنتاج محليًا، إلى جانب تقديم خدمات صيانة وإصلاح معتمدة، بما يسهم في تقليص الاعتماد على الواردات.

كما دخلت مصر في مفاوضات مع شركة Airbus Helicopters في فبراير 2025 لإقامة مشروع مشترك يشمل تصنيع وتجميع وصيانة منظومة طيران متكاملة، مع التركيز على نقل التكنولوجيا وزيادة المكوّن المحلي. ووفقًا لتصريحات وزير الاستثمار، من المنتظر أن يوفر المشروع مئات فرص العمل المباشرة، ويضع مصر على خريطة تصدير المكوّنات إلى الأسواق الإقليمية.

وعلى الصعيد الأوروبي، وقّعت القاهرة في يونيو 2025 اتفاقًا تقنيًا مع فرنسا يتضمن مجالات التدريب، السلامة الجوية، أمن المطارات، والتنمية المستدامة لقطاع الطيران المدني.

ويرى مراقبون، أن الاتفاق لا يقتصر على الجوانب التشغيلية فحسب، بل يشكّل أيضًا قاعدة قوية لفتح آفاق أوسع نحو التصنيع المشترك في المستقبل.

وفي السياق ذاته، دخلت شركات بريطانية في شراكات مع وزارة الطيران المدني لتطوير خدمات الصيانة والبنية التحتية، إلى جانب فتح المجال أمام تصنيع مكونات فرعية مثل الإطارات والأجزاء الهيكلية خفيفة الوزن.

ووفق ما أعلنته الوزارة، فإن هذه المذكرات تمثل خطوة عملية لإدماج المصانع المصرية في سلاسل توريد شركات الطيران الأوروبية.

ولا يقتصر الاهتمام على الطائرات المدنية فقط، إذ تشير تقارير إلى أن شركة “داسو” الفرنسية تستفيد من بعض القدرات المصرية في إنتاج مكونات لهياكل الطائرات الحربية، ما يعكس التزام المصانع المحلية بمعايير الجودة الأوروبية، ويعزز فرص توسيع نطاق الإنتاج ليشمل المكونات المدنية مستقبلاً.

وعلى الصعيد التشريعي، عززت مصر جاذبيتها الاستثمارية من خلال تعديل قانون الاستثمار رقم 160 لسنة 2023، الذي أقر حافزًا استثماريًا نقديًا يتيح للمستثمرين استرداد ما بين 35% و55% من قيمة الضرائب المدفوعة، شريطة استيفاء متطلبات محددة، من بينها استيراد الماكينات أو شراؤها محليًا والحصول على التراخيص اللازمة.

وفي أبريل 2025، أطلقت وزارة الصناعة مبادرة تمويلية بقيمة 30 مليار جنيه مصري لدعم شراء المعدات وخطوط الإنتاج في القطاعات الصناعية ذات الأولوية، وعلى رأسها الصناعات التكنولوجية المتقدمة.

ووفقًا لبيان الوزارة، تهدف المبادرة إلى تمكين الشركات من تحديث بنيتها التحتية بشروط ميسرة، بما يعزز قدرتها التنافسية ويدعم حضورها في الأسواق العالمية.

الفريق مهندس كامل الوزير، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصناعة والنقل، أكد أن مصر تستهدف رفع حجم الإنتاج الصناعي إلى 227 مليار دولار بحلول 2030، مع التركيز على الصناعات الثقيلة ونقل التكنولوجيا.

وتقدّر وزارة الطيران المدني حجم سوق صيانة وتصنيع مكونات الطائرات عالميًا بأكثر من 80 مليار دولار سنويًا، ما يتيح لمصر فرصة تنافسية مدعومة بموقعها الجغرافي وكفاءاتها الهندسية.

ويرى محللون، أن البداية ستكون بتصنيع المكونات البسيطة كالمقاعد والأبواب، قبل التوسع إلى أجزاء أكثر تعقيدًا، وهو ما يتطلب استثمارات ضخمة ومعايير اعتماد دولية تعمل الحكومة على تلبيتها عبر شراكات أوروبية وبرامج لتطوير البنية التحتية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *